قطع أحد المحللين الاقتصاديين في حديث ل(السوداني) بعدم امكانية أن يسهم رفع الدعم عن المحروقات في سد العجز بالموازنة الحالية وهو الخيار الذي طرحه وزير المالية أمام البرلمان في خطاب الموازنة نهاية ديسمبر الماضي مبررين ذلك بأن عجز الموازنة ناتج فعليا عن الانفاق السيادي الكبير ، فيما أشار آخر الى أن القرار يسهم في سد جزء من العجز داعيا الى اتخاذ اجراءات تحوطية للحيلولة دون تأثير هذا القرار على رفع الدعم على المستوى العام للأسعار ، في الوقت الذي أكد فيه البرلمان مطالبته لوزارة المالية بتقديم برنامج واضح لرفع الدعم التدريجي وبرنامج آخر اجتماعيا لتلافي آثار ذلك . وقال د. محمد الجاك أستاذ الاقتصاد جامعة الخرطوم أن ما يثار حول دعم المحروقات والسكر وبعض السلع هو في الواقع عبارة عن زيادة في الأسعار بطريقة خفية لأن أسعار المحروقات أوالسكر أو السلع التي تدعي الحكومة أنها تدعمها هي أسعار أكثر من الأسعار الحقيقية إذ إن من المعروف أنه في ظل سياسة التحرير الاقتصادي واقتصاد السوق أن السعر يتم حسابه بناءً على التكلفة فاذا أخذنا سلعة مثل السكر فان سعرها الحقيقي هو أكثر من السعر المتداول ب(50)% وهذا يعني عدم وجود دعم أصلا وانما هذه الأسعار مفروضة عليها رسوم وكذلك ينطبق ذلك على المحروقات ، فالمحروقات أصلا على المستوى العالمي أسعارها أقل مما هو متداول الآن ولذلك لا يوجد دعم ورفع الدعم هو في الواقع زيادة للأسعار ولا يوجد دعم بهذا المعنى والدولة عندما تلجأ الى رفع الدعم عن المحروقات فلا أعتقد أنها وضعت في الاعتبار التكلفة الاجتماعية لهذا البديل حيث أن المحروقات كسلعة متعددة الاستخدامات وبالتالي فان عامل المرونة بالنسبة لها مرتفع وبالتالي تنعكس آثارها في زيادة الأسعار بمعدلات كبيرة خاصة ازدياد تكاليف الانتاج ونتيجة لذلك ترتفع الأسعار وهذا الارتفاع يمثل ناتجا عن ضريبة غير مباشرة ويتحملها المواطن العادي وبالتالي نتوقع أن تتدهور معيشة قطاعات كبيرة من السكان نتيجة لارتفاع تكاليف المعيشة ، ورفع الدعم عن المحروقات يمكن أن يؤثر سلبا على المنشآت الانتاجية مما يدفعها الى تخفيض حجم العمالة بها وبالتالي فان هذه الحصيلة انما تعكس تناقض سياسات الدولة في الوقت الذي تتبنى فيه سياسات لتخفيض معدلات البطالة فهي في جانب آخر تدفع بمعدلات البطالة لأعلى وبالتالي فان ما يحاول المجلس من اقراره من رفع الدعم تطغى سلبياته على ايجابياته ولا أعتقد أن الدولة بامكانها ان تسد العجز في الموازنة برفع الدعم عن المحروقات والسلع عامة وهذا لا يسهم في سد العجز عن الموازنة لأن عجز الموازنة فعليا ناتج عن الانفاق السيادي وبالتالي اذا كان أعضاء المجلس الوطني تهمهم مصلحة البلاد فلابد من تخفيض الانفاق السيادي وخاصة المرتبات السيادية ومرتبات أعضاء المجلس الوطني ليس (25)% وانما (75)% لأن هذه المرتبات قياسية بالنسبة للحد الأدنى للأجور ولذلك لابد من تخفيضها بدرجة كبيرة وهذا هو البديل الفاعل لسد عجز الموازنة وتتحمل تبعات هذا الاجراء الفئات المقتدرة والغنية أما رفع الدعم فهو يزيد من أعباء الشرائح الفقيرة . وقال د.عادل عبدالعزيز بمركز الدراسات الاستراتيجية إن مختلف الدراسات الاقتصادية اتفقت على أن أي نوع من الدعم هو تشويه اقتصادي ينبغي العمل على إزالته لأن الدعم معناه أخذ أموال من الوعاء الضريبي العام وتوجيهها لفئة محددة لدعم استهلاكها في سلع معينة غير أن هنالك بعضا من أنواع الدعم الذي يوجه لقطاعات واسعة من المستهلكين الفقراء يكون ضروريا كدعم رغيف الخبز والأدوية وعلى هذا يعتبر رفع الدعم عن البنزين علاجا جزئيا للعجز الاقتصادي مع احتمال أن يؤثر رفع الدعم على المستوى العام للأسعار ، لهذا لابد من إجراءات تحوطية تتمثل في محاولة ألا يؤثر رفع الدعم عن البنزين على القطاعات الفقيرة بمنح هذه القطاعات علاوات أوبدلات تعوضها عن الزيادة في سعر البنزين ولا ينصح برفع الدعم عن الجازولين لأن الزيادة على المستوى العام للأسعار شاملة وكبيرة بحيث لا تجدي معها الدعومات التي يمكن تقديمها للقطاعات الفقيرة . وفي السياق أشار هجو قسم السيد نائب رئيس البرلمان إلى أن البرلمان طالب وزير المالية بتقديم مقترحه لرفع الدعم التدريجي عن المحروقات إلى جانب برنامج اجتماعي واضح لتخفيف آثار القرار على المواطنين . وقال قسم السيد ل(السوداني) إن البرلمان بانتظار هذا المقترح لمناقشته والتباحث حوله ، معرباً عن توقعاته بمثول وزير المالية أمام البرلمان بهذا الخصوص خلال الأسابيع القليلة القادمة ، مؤكداً إسهام هذا الإجراء بنسبة كبيرة في سد عجز الموازنة خاصة وأن الدولة تقدم دعماً كبيراً للمحروقات.