على خلفية احتلال الجنوب ل(هجليج)... حرب الموارد.. سياسة القتل بالنيران الصديقة! تقرير: محمد حمدان هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته كوتشينات وزير الدولة بالنفط ل(السوداني): (...) هكذا سنوزع البنزين على الطلمبات! * (...) لهذه الأسباب أصرت جوبا على احتلال منطقة هجليج! * (...) هذه هي حقيقة أزمة البنزين التي رددها المواطنون! * بهذه الكروت تنتظر الصين سلفاكير خلال زيارته لبكين! يبدو أن هجوم قوات الجيش الشعبي التابعة لدولة جنوب السودان، على منطقة هجليج التي تعد منطقة استراتيجية بالنسبة للحكومة السودانية لما فيها من موارد نفطية ضخمة، يهدف لإيقاف إنتاج النفط وبالتالي قطع الطريق أمام الحكومة السودانية للاستفادة منه في تسيير أوضاعها الداخلية، سيما وأن انفصال الجنوب خلف العديد من المشكلات الاقتصادية، والتي قطعاً ازدادت حدتها على السودان وجنوب السودان عقب قرار حكومة الجنوب القاضي بإغلاق أنابيب النفط في فترة سابقة، وربما يمتد هدف دولة الجنوب إلى أبعد من ذلك باستخدام التقدم العسكري كورقة رابحة في التفاوض لتحقيق مكاسب في القضايا العالقة، بيد أن البعض يشير إلى أن دولة الجنوب أرادت خنق الشمال اقتصادياً عبر إيقاف ضخ نفطة المنتج بحقول هجليج لإحداث أزمة اقتصادية بالبلاد تقلب الأوضاع السياسية والاقتصادية لصالح الجنوب، سيما وأن دولة جنوب السودان لم تخفِ اعتداءها على أراضي السودان في منطقة هجليج، حيث أعلن القائد بالجيش الشعبي جيمس قلواك أن قواته دخلت منطقة "هجليج" بولاية جنوب كردفان أمس الأول وأنها تقدمت حوالي (30) كيلو مترا شمال المنطقة. استنزاف موارد رغم أن كل القراءات تشير إلى أن دولة الجنوب تسعى من خلال تركيزها على منطقة هجليج إلى استنزاف موارد الحكومة السودانية، إلا أنها في المقابل تواجه ذات القضية، من خلال قيادتها للهجوم المباشر على الأراضي السودانية، إلا أن المراقبين يشيرون إلى أن دولة الجنوب تعتمد في تلك الحرب على ما توفره لها العديد من الدول من دعم بغرض إضعاف السودان واستمرار تقسيم السودان ضمن السيناريو الدولي المرسوم لذلك. ولكن عند طرح السؤال على المسؤولين عن مدى تأثير الهجوم على منطقة هجليج الغنية بالنفط على موازنة الحكومة وإدارتها لشؤونها الداخلية، تحدث مصدر فني رفيع بوزارة النفط وفند ل(السوداني) تفاصيل إنتاج النفط بالسودان منوهاً إلى أن موقف الإمداد النفطي مطمئن جداً، ورفض القراءات التي تشير إلى انهيار موازنة الحكومة بمجرد توقف تدفق النفط من هجليج، وقال إن الكميات النفطية الموجودة تكفى لفترة لا تقل عن شهرين ونصف، وزاد بالقول: "معظم وارداتنا من حقول الفولة وبليلة"، ودحض ما بدر من إشاعات عن ضائقة وقود، وانتقل إلى سبر غور المؤشرات الرقمية الموجودة حالياً بشأن الموقف الحقيقي داخل مراكز التوزيع الرئيسية التي بحسب حديثه تتركز فى كل من مركز توزيع الشجرة والذي أنتج حوالي 12350 ألف طن متري تم توزيعها للشركات ، فيما أنتج المركز الثاني في مصفاة الأبيض 3200 طن متري من الفيرنس بينما أنتج المركز الثالث الموجود بالجيلي 31100 طن متري بنزين و5200 جازولين و 7300 بوتجاز و 4400 غاز طائرات واعتبر أن هذه النسبة كافية وأكد تواصل الإنتاج حتى يوم أمس الأول العاشر من الشهر الجاري وزاد " لايوجد اختلاف في التوزيع أو الإنتاج . وعزا المصدر ما يحدث إلى هلع المواطنين محذراً في ذات الوقت من خطورة وضع المواد البترولية والحفاظ عليها في المنازل سيما في فترة الصيف التي تشهد ارتفاعاً في درجات الحرارة مما يقود لكارثة بشرية. جوبا انتهجت عدة أساليب واستخدمت العديد من الأوراق للضغط على الخرطوم وإرغامها على تقديم تنازلات، كان أكبرها على الإطلاق الضغط عبر إيقاف إنتاجها النفطي في يناير الماضي ووقتها برر وزير النفط بدولة جنوب السودان ستيفن ديو داو ان الإيقاف بسبب خلاف مع السودان حول رسوم تصدير النفط وقال إن بلاده لن تستأنف العمليات إلا بعد التوصل إلى اتفاق شامل مع الخرطوم على قضايا أخرى من بينها أمن الحدود ومنطقة أبيي المتنازع عليها. وقطعاً انعكس إيقاف النفط في جوبا على الأوضاع الاقتصادية بدولة جنوب السودان التي شهدت أزمة حادة في الغذاء وأجور العاملين مما اضطرها لتخفيض رواتب أفراد وضباط الجيش الشعبي لجهة أن إيرادات النفط تشكل المصدر الوحيد للخزينة بنسبة تفوق (98%) من جملة إيرادات الخزينة، لكن يبدو أن تلك الأوضاع لم ترق لجوبا في ظل استمرار إنتاج النفط بالسودان رغم تضاؤله إلا أنه ظل كافياً للاستهلاك المحلي لذا يبدو أن جوبا أرادت أن توقف السودان في ذات الاصطفاف الذي تقف عليه بتحركها إلى احتلال منطقة هجليج النفطية لإيقاف تدفق النفط السوداني، إلا أن مصدر فني رفيع بوزارة النفط السودانية ذو إلمام كامل بدهاليز (الذهب الأسود) داخل وزارة النفط فضل حجب اسمه فند ل(السوداني) موقف وزارته من الامداد النفطي مشيراً إلى أن جملة الموجود من "الجازولين والبنزين والكيروسين والفيرنس والغاز" يكفي لمدة تزيد عن الشهرين ونصف. وأضاف "كميات ضخمة موجودة بمصفاتي الأبيض والجيلي"، ولفت إلى الكثير من المواد الخام تأتي من حقول الفولة وبليلة وأردف المصدر بالقول: "نصيب السودان من البترول حوالي 116 ألف برميل وأضاف هنالك 100 ألف برميل قبل الانفصال أصبحت بعده 85 – 80 ألف برميل تأتي من حقول الشمال – منها حوالى 55 – 59 ألف برميل وارد من حقل الفولة والباقي من هجليج عبر شركة القريت نايل"، واستبعد محدثي حدوث أزمة نفطية وأضاف واثقاً "نحن وضعنا تحوطاً لكل شيء"، بل ذهب إلى أبعد من ذلك حينما قال إن المهندسين وضعوا احتياطيات لأنابيب النفط وأردف "المهندسون قدروا يحولوا الخط من بورتسودان إلى مناطق الإنتاج"، وقطع بوضع وزارته لكل التحوطات الفنية بدقة، وأكد ذات المصدر على أن دولة الجنوب هى الأكثر تضرراًً من إيقاف الإنتاج لجهة وجود شركات توزيع كانت تأخذ كميات كبيرة من النفط وتهربه إلى الجنوب، ولفت إلى أن مراكز التوزيع والتحكم تعمل بصورة عادية مبيناً أن هنالك ثلاثة مراكز رئيسية هي "الجيلي والشجرة وبورتسودان"، وقلل مما يشاع عن أزمة وقود. التزام وزاري يبدو أن قضية توفير الوقود من المواد البترولية تنامى إلى السطح بمجرد ورود المعلومات للمواطنين عن المعارك التي تدور في منطقة هجليج، مما دفع العديد من المواطنين إلى التوجه إلى طلمبات الوقود والوقوف في صفوف لأخذ كميات أو مخزون شخصي، ولكن ذلك مثل هاجساً بالنسبة للمسؤولين مما دفعهم للإعلان عبر عدد من القنوات عن امتلاك البلاد كميات كافية من الوقود، وربما ما أعلنت عنه وزارة المالية والاقتصاد الوطني من التزام بتوفير كافة المواد البترولية والسلع الأساسية للمواطنين يمثل واحداً من تلك المسارات بل ذهبت المالية إلى أبعد من ذلك حينما أكدت أن المواد البترولية ستنساب بصورة طبيعية لجميع الطلمبات بالبلاد وقطعت بأنه لايوجد أي خيار لزيادة أسعار المواد البترولية، وقالت إن الكميات من المواد البترولية والاحتياطات الموجودة بالمستودعات كافية لتغطية جميع احتياجات البلاد. تلك التصريحات لم تصدر عن موظف أو إداري بوزارة المالية وإنما وردت على لسان وزير الدولة بالمالية د.عبد الرحمن ضرار حينما طرحت عليه (السوداني) قضية أزمة الوقود التي يتحدث عنها المواطنون، ليقول ضرار في حديثه الخاص ل(السوداني) إن الحكومة جاهزة للتعامل مع أي وضع طارئ من خلال الخبرات التي اكتسبتها والحصار الاقتصادي الذي فرض عليها طوال السنوات الماضية، إلى جانب معايشتها للحروب مما أفادها الكثير من خلال التجربة العملية التي عايشتها. وأضاف "تعلمت منها كيف تتحسب لحالات الطوارئ"، وطمأن الوزير المواطنين بأن أسعار المواد البترولية لن يحدث فيها أي ارتفاع بسبب الاحتياطات التي ظلت تعمل الحكومة على بنائها من خلال الاستيراد والإنتاج المحلي خاصة وأن السودان كان يصدر الفائض من البنزين وأضاف لن يكون هناك أي تقليص للكميات اليومية التي يتم ضخها بصورة منتظمة في طلمبات الوقود. وأشار ضرار إلى أن الحكومة قامت ببناء مستودعات في عدد كبير من الولايات لتخزين المواد البترولية تحسباً لأي طارئ ضمن استراتيجية الدولة لتأمين جميع السلع الاستراتيحية مؤكداً على قدرة الاقتصاد السوداني على التعامل مع الطوارئ من تنوع مصادر الدخل وأن الإنتاج الحالي والبالغ نحو (118) ألف برميل يومياً يغطي الاستهلاك البالغ (100) ألف برميل وتابع هناك كميات من الجازولين يتم استيرادها من الخارج، ووصف ضرار الخطوة التي قامت بها دولة الجنوب بأنها مخاطرة غير محسوبة وتصرف طفولي يدمر شعب واقتصاد دولة الجنوب المتهالك، وقال إن الاقتصاد السوداني لن ينهار كما يظن قادة الجنوب لأن البدائل كثيرة ومتوفرة وهو ما تفتقده دولة الجنوب. عدم مسؤولية لم يذهب كثيراً الخبير الاقتصادي د.عادل عبدالعزيز عن جملة المؤشرات الرقمية الواردة أعلاه بشأن موقف النفط فقد اعتبر عادل أن إنتاج هجليج من النفط السوداني يشكل خمس الإنتاج في السودان ويقر بتأثير تلك النسبة حال إيقافها إلا أنه يستدرك بحسب إفادات وزير الدولة بوزارة الطاقة إلى أن احتياطيات النفط التي تم تخزينها في كل من الخرطوم وقري وبورتسودان من حيث الوقود والغاز مطمئنة لذا تعتبر الوزارة أن الأوضاع تحت السيطرة لحين معالجة الأوضاع العسكرية في هجليج، إلا أن عادل يستطرد في حديثة ل(السوداني) إلى أن الاعتداء على هجليج ينم عن عدم مسؤولية من جانب حكومة الجنوب التي لم تنظر إلى مصالحها الاستراتيجية وأن مترتباته الاقتصادية على الجنوب أكبر من السودان لجهة أن أي عطب أو خلل في خطوط الأنابيب والآليات النفطية سيجد صعوبات أكبر في المرحلة القادمة تعود بخسائر هائلة على حكومة جنوب السودان. سيناريوهات الصراع سيناريوهات عده تنبع من هجوم دولة الجنوب على هجليج، وبالرغم من تصاعد التوترات سابقاً بين الدولتين فى القضايا العالقة والتعقيدات التي تحيط بموقف كل دولة عقب رمي تهمة كل منهما لدعم الجماعات المناوئة لبعض إلا أن تلك الأوضاع ظلت فى محطة التهديد ووضع الإبهام على الزناد إلا أن انفجارها أمس يطرح عدة أسئلة والمآلات التي تؤول إليها، الخبير الاقتصادي والمهتم بملف النفط السر سيد أحمد يلفت إلى أن تيار قوي داخل الحركة الشعبية الحاكمة في الجنوب ظل يتحدث عن ضرورة تغيير النظام في الخرطوم بحجة أن جوبا لا تستقر في ظل وجود النظام الحالي لذا لا يستبعد السر في حديثه ل(السوداني) أن يكون ذلك التيار قد اتخذ قرار بوقف ضخ النفط في الشمال (السودان) عقب إيقافه في الجنوب. وبالرجوع لتداعيات مختلفة من المواقف سبقت هجوم هجليج سيما اتصال الرئيس الأمريكي أوباما بسلفاكير في الثاني من إبريل الجاري ومطالبته لسلفاكير بضرورة ضبط النفس من قبل الجيش الشعبي وضرورة الكف عن تقديم معونات لمتمردي الحركة الشعبية (قطاع الشمال) والتعاون لحل مشكلة النفط عبر التفاوض بين الدولتين. من خلال تلك النقاط يبدو أن سلفاكير أراد السير عكس ما ظهر في وسائل الإعلام بشأن المطالب التي التزم بها لأوباما وهي أن تلك الأوضاع لم تمض عليها أكثر من أسبوعين حيث قام الجيش الشعبي باحتلال حقل هجليج، وهذا ما عده السر في حديثه ل(السوداني) أنه لا يخرج من احتمالين أحدهما يبين عدم مقدرة الولاياتالمتحدة على السيطرة على حكومة الجنوب والتزامها بما يتم الاتفاق عليه والآخر هو عدم مقدرة حكومة الجنوب على السيطرة على العسكريين خاصة وأن هنالك ضباطاً في الجيش الشعبي لديهم علاقة قوية بتحالف كاودا لا تستطيع القيادة السياسية السيطرة عليهم ويضيف السر أن هناك ستة فرق من جملة عشرة فرق تساعد تحالف كاودا وأن فك الارتباط بين جناحي الحركة الشعبية الذي تم في فبراير الماضي واقعياً لم يحدث بين القيادة السياسية والعسكرية. مصالح صينية تعتبر الصين صاحب أكبر استثمار نفطي بين دولتي السودان وهي الآن تمثل الرابط الوحيد المتفق عليه دولياً بينهما لما لها من مصالح مشتركة تجمعها مع الدولتين والتي تبلغ استثماراتها أكثر من 11 مليار دولار بحسب المعلومات وسبق للصين أن توسطت بين الدولتين لرأب الصدع حول قضية النفط، وقد لبى رئيس الجمهورية المشير عمر البشير زيارة سابقة لها تناولت مجال التعاون بين الدولتين وفي ذات السياق يعتزم رئيس دولة الجنوب سلفاكير ميارديت زيارة الصين في الأيام القليلة القادمة. زيارة سلفاكير للصين تبدو الأولى بعد انفصال الجنوب وقد سبقها بعدة زيارات لبلدان أخرى، لكن المراقبين يقولون أن تلك الزيارة ورغم امتلاك الصين لورقة النفط كضغط على الطرفين إلا أنها فشلت في إقناع طرفي المعادلة السودانية في معالجة أزمة النفط بينهما، فيما يشير البعض إلى أن التأثير الأمريكي لازال طاغياً على الصين في تشكيل موجهات الصراع في الدولتين خاصة في دولة الجنوب بسبب المساعدات الأمريكية التي ظلت تقدمها لدولة الجنوب، إلا أن زيارة سلفاكير للصين ربما تحمل في طياتها الكثير من الملفات سيما بعد أن أغلقت دولة الجنوب ضخ النفط ومن ثم مطالبتها بنقل مقار الشركات إلى جوبا وطردها لمدير شركة نفط صينية إلا أن الناطق الرسمى باسم وزارة الخارجية السفير العبيد مروح أشار إلى أنه لا يوجد ما يثير القلق لدى الحكومة السودانية من الزيارة التي يعتزم سلفاكير ميارديت رئيس دولة الجنوب القيام بها إلى الصين يوم الخميس المقبل، إلا أن المحلل السياسي د.عادل عبدالعزيز قال ل(السوداني) إن ماحدث من اعتداء على حقول هجليج يمثل إضراراً كبيرة بالمصالح الصينية وزاد " سيكون موضوع مؤاخذة من جانب الصين لسلفاكير في زيارته". * شارك في التغطية أبوالقاسم إبراهيم