مع بداية فصل الصيف والذي تكثُر فيه مصائب الشعب السوداني، بدءا من الارتفاع الجنوني لدرجات الحرارة، التي تصل الى مرحلة اذابة الجلوووود وتثبيت التكشيرة بشكل دائم، ويتزامن ذلك مع سخانة شديدة في الجيوب، يضاف الى ذلك امراض الصيف المزمنة من شح وندرة في مياه الشرب الى انقطاع في التيار الكهربائي وأمراض تبدأ ب"ابو فرار" ولا تنتهي بفك الزرار، وفي وسط كل هذه المصائب التي تجمع المصابين تبدو مشكلة وأزمة المواصلات إحدى ثوابت هذه الأمة! وليسمح لي القاريء العزيز بأن اعيد هذه الجزئية – دون تدخل – من مقال سابق ليتأكد الجميع بأن الازمة تستنسخ نفسها كل عام، ولا جديد يذوّب الجليد .. لقد تحدثنا كثيراً عن فشل ولاية الخرطوم في حل هذه المشكلة المزمنة رغم الجهود التي لم تثمر حتى الآن عن شيء يذكر، وفي تقديري الخاص أن الازمة "أخلاقية" في المقام الأول لأنه لم تنشأ عن ندرة أو قلة في مواعين النقل، بل بالعكس تماما فالولاية تعاني من الزيادة الكبيرة في عدد الحافلات " كبيرة وهايسات " وكذلك البصات والامجادات يضاف إلى ذلك امتلاك أعداد كبيرة من مواطني الولاية للعربات "الخاصة" وبذلك تصبح الازمة الحالية مفتعلة والسبب الاساسي فيها" الجشع" و"الانتهازية" من قبل أصحاب وسائقي المركبات من جهة وتساهل الجهات المسؤولة عن رقابة هذه المركبات من الجهة الثانية. ومن الواضح أن غياب الرقابة هو أس الداء والبلاء! عدم الأخلاق يتمثل في تحايل السائقين وتهربهم من المشوار الكامل وقسمه إلى قسمين مما يؤدي إلى مضاعفة القيمة وإهدار الزمن وعلى سبيل المثال، فإن الحافلات التي تعمل في خط الكلاكلة " تشحن" الشجرة بنفس القيمة الكاملة، ثم " تشحن" نفس الركاب أو معظمهم من الشجرة إلى اللفة بالقيمة الكاملة لخط الخرطوم – الكلاكلة وينطبق الأمر على كل مناطق الولاية. وربما يتساءل الناس عن مواصلات ولاية الخرطوم أو "بصات الوالي" كما يسميها الناس، والواقع أنها سبب أساسي في هذه الازمة من خلال الصراع الخفي الذي يدور بين أصحاب وسائقي الحافلات وهذه البصات، ودون أن نتطرق لهذا الصراع غير الأخلاقي نقول إن هذه البصات فشلت تماماً في إثبات وجودها ولم تجعل أحداً يشعر بها في شوارع الخرطوم ويحتاج هذا المشروع إلى مراجعة شاملة ومعرفة الأسباب الحقيقية التي جعلت هذه الشركة التي وضعت من تحتها ومن فوقها وعلى شمالها ويمينها كافة الإمكانات " والتجاوزات" لكنها فشلت في أن تجعل الناس يشعرون بوجودها، ناهيك عن إسهامها في حل ضائقة المواصلات! إن حل مشكلة المواصلات " المفتعلة " ساهل وبسيط لمن أراد ذلك، ويكمن في عودة الرقابة الصارمة التي كانت موجودة أيام قلة عدد المركبات وإجبار أصحاب الحافلات على الالتزام بخطوط السير المعروفة والمتفق عليها ويجب أن تتضاعف الرقابة في أوقات الذروة حيث يتهرب أصحاب المركبات ويغيبون عن المحطات الأساسية، وللمواطنين دور كبير في هذه الرقابة لكن لن يكون دورهم ذا قيمة إذا لم تستصحبه عقوبات رادعة للمخالفين تبدأ بالغرامة والإنذار وتنتهي بسحب الترخيص، فهل هذا مستحييييييل!