وجولة أخرى في خضم الاستهداف الكبير الذي لم يقتصر قوامه على الوسيلة الحربية المتعدية أهدافها من احتلال الأرض إلى ضرب وإنهاك الاقتصاد، وتغير الجغرافيا والتاريخ والطبيعة، ومن على البعد توظف لها آلة الإعلام للتشويه والتشويش والتخذيل. وخليط الأوباش المدفوعين للمعركة (لحمُ الرأس) أكثر اتساقاً من فواصل كتائبهم،، فجيش "سلفاكير" يريد تأكيد سطوة الدينكا على من سواهم في أرخبيل الدويلة المتشظية، وجديد الأحداث أبرز دور "مشار" الذي فقد صبره في انتظار بسط زعامته المطلقة على "النوير" التي يتطلع بها لتأسيس عرش مملكته الحلم، وتواجده بربكونة ساعة العدوان لا يعدو إلا أن يكون غزلاً حربائي وتحالف أضداد مع غريمه اللدود "تعبان" الذي انتزع حكم ولاية الوحدة من "أنجلينا مشار" مرجلة وتزويراً واحتقاراً لزوجها. و"الحلو" الذي لا يمت للنوبة بصلة رحم وهو ما دفع قيادات النوبة الأحرار من رفض أن يبقى أبناءهم وقوداً لمعركة "الحلو" ذات الأهداف التي لا تعنيهم، بل كان نتاجها تخريب مكتسباتهم التنموية والاقتصادية، وعقب هزيمته وهروبه بعد محاولة غدره بمن تعاهد معه على جعل أرض الأخيار نموذجاً أخذ يجند حتى الأطفال قسراً ورقاً، وما إن وقعت عليه طامة كخيبة تلودي إلا وجد جنوده المغصوبين يفرون منه التجاءً بقبائلهم وذويهم، وما ينفك للحظة من اهتزاز الصفوف وتمرد الكتائب. أما فلول الحركات التي (نُتف ريشها) بأرض دارفور، وتجرعت حنظل الهزيمة، وفقدت قيادتها وبوصلتها، أو بعضها التي لعب قادتها لعبة الكراسي حين جاءوا للخرطوم لاهثين خلف السلطة لأشخاصهم وذويهم وخرجوا منها يجرجرون أذيال الخيبة والتعاسة، أوقعتهم سطحيتهم في حبال "عقار/ عرمان/ الحلو" ولأن هذا الثلاثي المدهش يعلم مدى هذه السطحية قسموا عليهم مناصب (التهميش) في جبهة المهزومين، وحوصروا في نفقٍ مدخله رمضاء الرفاق ومخرجه نار "موسفيني".. ولا مناص لهم من أن يُدفعوا كالضأن في مخططات الاعتداءات المتكررة المدحورة بإذن الله. الذي يتلهف لحصد الثمار وجمع النتائج النهائية هو (الخواجة) الذي يخطط ويغري ويمول ويُخذِّل ويُسلح، فهو القائد الاستراتيجي للمعركة، وينتظر رفع التمام على أحر من الجمر، لأنه لا يروق له أن يرى استقراراً وتنمية تتم بموارد واحتياطيات طاقة مصدرها باطن أرض بلادنا، ولكنه يتجبر ويعتبرها مخزونات المستقبل لصالحه ولصالح أجياله القادمة، ويأبى بلا استحقاق أن تمتد إليها أيدي أهلها وملاكها الحقيقيين الذين لاحت بوادر نهضتهم واستقلالهم بفكرهم وعقيدتهم ومواردهم. أما الصغار والسطحيون والحاقدون والمهزومون والحالمون ومنزوعو الإرادة رقاع شطرنج (الخواجة) الذي يديرهم حيث يشاء موعودون بهزيمة نكراء أكاد أراها اللحظة في عيونهم الزائغة، وأدنو من سماع خفقات قلوبهم الصدئة المرتجفة، فصيحات التكبير تعبق أجواء هجليج، ومناكب أفراد القوات المسلحة والدفاع الشعبي وفرسان المسيرية تسد ثغرات الشيطان فصف الصلاة والجهاد سيان، والنصر صبر ساعة تلوح بوارقه هذا الصباح،، وإلى الملتقى...