"شن البرلمان هجوماً لاذعاً على وزارة الداخلية وانتقد أداءها حول قضايا المخدرات والوجود الأجنبي وحوادث المرور ومسؤولياتها تجاه منسوبيها ووصفها بالضعيفة. وانتقدت سامية أحمد محمد نائب رئيس المجلس الوطني التقرير ربع السنوي لوزارة الداخلية الذي قدمه الوزير للمجلس ، وقالت كان من الضروري أن يعكس التطورات التي حدثت في البنية الإدارية للوزارة واعتبرت الزيادة في حجم المخدرات بنسبة 300% مهدداً أمنياً خطير جداً وأكدت أن السودان يأتي في صدارة الدول في الحوادث المرورية وأضافت من يموتون في الحوادث أكثر من من يموتون في الحرب". ماسبق ذكره هو افتتاحية خبر تصدّر الصفحات الاولى من الصحف في خواتيم الاسبوع الماضي،وقد تغافل عن التعليق عليه الكثيرون ، واستبق البعض ذلك بإدانة كل من يشكك في الشرطة او القوات النظامية الاخرى والمعارك تدور في هجليج ،وبالتالي تم دمغ كل من يتعرض لهذا الحدث الكبير بالادانة المسبقة وإضفاء صفات الادانة والخيانة ،وفي تقديري ان معركة هجليج والمعارك الاخرى هي احداث عابرة مهما بلغ تجاوب الناس معها وانفعالهم بها وهذا حق معلوم ،وهي اشبه بالجهاد الاصغر الذي يقابله الجهاد الاكبر ومنه مانتحدث عنه اليوم. هنالك عدة ملاحظات في الخبر السابق ،لعل ابرزها أن البرلمان قام بدوره للمرة الاولى في محاسبة الجهاز التنفيذي وهذه الفريضة كانت غائبة او مغيبة طوال سنوات الانقاذ على خلفية "زيتنا في بيتنا" ويجب علينا في السلطة الرابعة ان نسلط الضوء على هذه الخطوة الجريئة ونطالب باستمرارها وتعميمها حتى لاتكون مثل "بيضة الديك"! الامر الثاني يكمن في التفاصيل ، وهو ماورد بشأن المخدرات " الزيادة في حجم المخدرات بنسبة 300%" وهذا يعد كماورد - مهددا امنيا خطيرا- وربما يفوق ضرره عدة حروب ،لان انتشار المخدرات بهذا الشكل المخيف يستهدف اهم ثروات البلاد والمتمثلة في عقول الشباب وما اخطر ان تكون "كل البلد مسطولة" وهذه نسبة غير مسبوقة ولايمكن ان تمر مرور الكرام اذ لابد من تسليط الضوء عليها من اجل القضاء عليها ومحاكمة المجرمين الذين يسيطرون على سوقها. ولا يخفى على احد ان الجامعات السودانية اصبحت من اكثر الجهات التي تنتشر فيها المخدرات باشكالها وانواعها المختلفة. اما الفقرة المتعلقة بحوادث المرور فقد كفاني توصيفها الكثير حيث جاء ان" من يموتون في الحوادث أكثر من من يموتون في الحرب"! وهذه حقيقة ظللنا نشير اليها طوال السنوات الماضية دون أن يرف جفن اي مسؤول،وطالما ان الحكومة اعترفت اخيرا بهذه الحقيقة فيجب ان تخوض حربا تنموية ضارية من اجل تخفيفها وذلك بالاهتمام بالطرق وصيانتها بدلا من الاهتمام بالجبايات! خلاصة القول ان ماقام به البرلمان تجاه وزارة الداخلية يعد من صميم عمله ،بل ذروة سنام عمله وننتظر مُساءلة العديد من الوزراء والمسؤلين "وزرزرتهم" حول مختلف القضايا خاصة تلك التي تثيرها الصحف وهنا يتكامل دور السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية ويتم ذلك كله أمام سمع وبصر ورقابة السلطة الرابعة وهي سلطة الاعلام وعلى وجه التحديد الصحافة.