على خلفية قطع سلفاكير زيارته للصين.. سلفاكير .. بين انقلاب جوبا واضطرابات بانتيو !! تقرير: القسم السياسي بالأمس ووسط انشغال رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت بتفاصيل زيارته للصين التي كان متوقعا أن تستمر لمدة خمسة أيام يعمل خلالها على نسج خيوط علاقة استراتيجية مع الصين كانت الأحاديث تتردد بقوة بين المواطنين بعاصمة دولة الجنوب (جوبا).. تلك الأقاويل يرددها المواطنون فيما بينهم همساً، وكل يحدث رفيقه بتحركات مريبة وسط قادة الجيش الشعبي، والآخر يسمي ذلك التحرك ويصفه بأنه انقلاب، وربما ذلك ما دفع سلفاكير للإسراع في اتخاذ القرار بقطع زيارته لدولة الصين والتي كان مقرراً أن يختتمها السبت المقبل، وبدأ سلفاكير بحزم أمتعته والتوجه في رحلة العودة الى جوبا وفي تلك اللحظات تحول الهمس الى ضجيج وتعالت الأصوات بشكل ما عاد همساً فالكل يقول إن هنالك أمرا سيما وأن العديد ممن كانوا في جوبا أمس لاحظوا وجود تحركات عسكرية في محاور مناطق حساسة في العاصمة على حسب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية. ولكن بدا واضحا أن الصين لم تكن راضية عن قطع سلفاكير لزيارته وإبلاغه للقيادة الصينية بأن الأسباب التي دفعته لذلك تعود الى تطورات داخل بلاده، (جنوب السودان)، حيث قال رئيس الجمعية الشعبية الوطنية الصينية، ورئيس البرلمان الصيني، وو بانغو قال مخاطبا سلفاكير: "من المؤسف اضطرارك لاختصار زيارتك الى الصين بسبب قضايا داخلية". وفي اتجاه قريب من تطورات الأوضاع الأخيرة تأتي المعلومات وتتردد سيما التي ترد من ولاية الوحدة حيث تقول إن المتمردين على دولة جنوب السودان في تلك المنطقة والذين يطلقون على أنفسهم مسمى (جيش تحرير جنوب السودان) الأنباء تشير الى أنهم يقودون معارك شرسة ضد الجيش الشعبي في مناطق بانتيو استطاعوا من خلالها السيطرة على (5) حاميات عسكرية بجانب حدوث معارك في مناطق أخرى في ولاية الوحدة، ربما تكون تلك الرواية واحدة من دوافع قطع سلفاكير لزيارته وربما الرواية الأخرى التي تذهب الى تأكيد وجود تحركات انقلابية في جوبا. حكومة الجنوب علقت على قطع سلفاكير زيارته للصين بأنها لاعتبارات سياسية ورفضت الإفصاح عنها، إلا أن الأمر قد يفسر على العديد من الأصعدة نسبة لأن الأوضاع السياسية داخل الجنوب غير مستقرة خاصة بعد هجوم الجيش الشعبي على منطقة هجليج وإعادة الجيش السوداني السيطرة عليها الأسبوع الماضي حيث برزت توترات بين قيادات الجيش الشعبي المنتمية لقبيلة النوير التي اعتبرت أنها أدخلت في حرب لا دخل لها فيها وأن أبناءها في الجيش الشعبي تم دفعهم للخطوط الأمامية في ظل وجود قوات تنتمي لقبيلة الدينكا لم يتم تحريكها لجبهات القتال بجانب ذلك توجد تململات وسط المجتمع الجنوبي نسبة لغلاء المعيشة وارتفاع أسعار المحروقات بعد قرار سلفاكير وقف تصدير البترول عبر الأراضي السودانية وسط ذلك عاد القائد بالجيش الشعبي ديفيد ياو ياو للتمرد مجددا على حكومة الجنوب وهو الذي قاد أشرس المعارك في وقت مضى؛ كبّد من خلالها الجيش الشعبي خسائر فادحة في الأرواح والمعدات العسكرية، بجانب أن ياوياو يتمتع بثقل قبلي كبير، إضافة الى ورود معلومات قوية تفيد بتململ المتمرد السابق على حكومة جوبا الجنرال بيتر قديت ومطالبته لأبناء النوير في الجيش الشعبي بالانسحاب من الخطوط الأمامية في جبهات القتال، وقد فسر الكثير من المحللين خطوات قديت تلك بأنها مقدمات لتمرد وشيك للرجل على حكومة الجنوب. رد الصفعة بعد هجوم دولة جنوب السودان واحتلالها لمنطقة هجليج أعلنت حكومة الخرطوم أن الحكومة في جوبا أصبحت عدوة لها بجانب حديث الرئيس المشير عمر البشير الذي قال إن حدود السودان قبل الانفصال لن تسعهم مع الحركة الشعبية، متوعدا في خطاب النصر واستعادة هجليج بتحرير شعب جنوب السودان من حكم الحركة الشعبية قريباً. الكثير من المراقبين يشيرون الى أن المتمردين على حكومة الجنوب قد اتجهوا الى الاستثمار في المناخ الحالي الذي تصوب فيه حكومة جوبا أنظارها وتضع فيه أياديها على صدرها ربما خوفاً أو حذراً مما سيأتيها من الخرطوم في (رد التحية)، لكن آخرون يقولون إنه من الممكن أن تكون الخرطوم قد بدأت في ترجمة ذلك على أرض الواقع، ولكن أياً كانت التفاصيل فإن الواقع الحالي يشير الى حتمية التغيير إما في السياسات والرغبة في حلحلة القضايا المتداخلة بين البلدين أو أن يكون الاحتمال الآخر والذي عبر عنه رئيس الجمهورية بالقول: (حدود السودان القديمة لا تسعنا)، مما يشير الى حتمية تغيير أحد نظامي الخرطوم أو جوبا، وربما يكون خيار التغيير في جوبا هو الأقرب نظراً لصعوبة الأوضاع الاقتصادية في دولة الجنوب والتململ في قيادات الجيش الشعبي. المعلومات الواردة من جوبا لم تؤكد بأن هنالك انقلابا عسكريا قد جرى إلا أن البعض ذهب الى أن سلفاكير لا يمكن أن يقطع زيارة مهمة للصين بسبب أسباب إلا وكانت شديدة الخطورة وإما أن تكون مرتبطة بالأوضاع العسكرية في ولاية الوحدة ومحاولات السيطرة على مدينة بانتيو بواسطة قوات متمردة أو أن هنالك انقلابا قد يكون بدأ في التدبير والتنفيذ له خلال غياب الرئيس سلفاكير وهذا الأمر يعد طبيعيا في العالم الثالث والدول الافريقية. بجانب آخر تواصلت حكومة الجنوب اتهاماتها للسودان بقصف مناطق في بانتيو ونفت الحكومة السودانية من جهة وقالت مصادر مطلعة تحدثت (للمركز السوداني للخدمات الصحفية) إن دولة الجنوب ويوغندا توصلتا الى اتفاق أمني تقوم من خلاله الأخيرة بقصف المواطنين بمدينة بانتيو بعد إحضار ممثلين للأمم المتحدة في محاولة لإدانة الحكومة السودانية في الأحداث وأن الاتفاق الجنوبي اليوغندي تم لاستغلال الهجوم ضد الخرطوم وتوجيه التهم لها موضحاً أن الضربة تزامنت مع زيارة سلفاكير إلى الصين للتأثير على القيادة الصينية لجهة إصدار إدانة ضد الخرطوم والعمل على شرخ العلاقة السودانية مع الصين بالإضافة إلى نيل عطف المجتمع الدولي. وأبان المصدر أن الضربة اليوغندية وجهت إلى منطقة بانتيو التي تعرف بمعارضتها لحكومة الحركة الشعبية بالجنوب موضحاً أنه إذا كان للجيش السوداني نوايا في ضرب أراضٍ جنوبية لقام بضرب قيادة الفرقة الرابعة للجيش الشعبي التي تبعد كيلومترات من ببانتيو. إلا أن الصين أعلنت أنها سترسل مبعوثها الخاص بالشؤون الأفريقية لكل من السودان وجنوب السودان لتهدئة الأوضاع وإقناع الطرفين بالجلوس والحوار. وربما لقاء سلفاكير بنظيره الصيني هوجينتاو بقاعة الشعب الكبرى ببكين، وتركيز ذلك اللقاء على الأوضاع الحالية في الإقليم بما فيها التوتر الحالي بين الخرطوموجوبا، والدور الذي يمكن أن تلعبه الصين كشريك للدولتين المتنازعتين في خفض التوتر بين البلدين الجارين. ويبدو أن كير الذي اضطرته الأوضاع الداخلية في جنوب السودان لقطع زيارته وعدم إكمالها، بحسب البرنامج المعلن مسبقاً والتي كان مقرراً أن يقضي فيها (6) أيام يلتقي من خلالها جهات أخرى، أراد قبل أن يغادر العاصمة الصينية بكين أن يواصل حربه ضد الخرطوم ولكن في اتجاه آخر يهدف الى سحب البساط الصيني من أسفل أقدام السودان، ولكنه بدا ملماً ومدركاً بأن تلك المهمة تبدو في غاية الصعوبة مما دفعه للقول بحسب وزير الشئون الخارجية نيال دينق إنَّ (سلفاكير) أكد خلال الاجتماع موقف جمهورية جنوب السودان حول كيفية إيجاد حلول للقضايا العالقة عبر التفاوض، وذهب الى أبعد من ذلك حينما قال إنَّ جنوب السودان ملتزم بالاستمرار في تطوير علاقة الصداقة مع الصين، فيما وعد الرئيس الصيني هوجينتاو بالاستمرار في تقديم الدعم لجمهورية جنوب السودان، من خلال إرسال خبراء في مجال الزراعة، والصحة، والطاقة، والاتصالات. وحث جينتاو جمهورية جنوب السودان على مواصلة السعي للوصول لحل سلمي للقضايا العالقة مع السودان وقال "الأولوية الآن للعمل بتنسيق مع الجهود الدولية ووقف النزاع العسكري في المناطق الحدودية". ويبدو من خلال تلك التحركات أن جوبا تسير في اتجاهين في علاقاتها الدولية تسعى من خلال الأول الى الارتباط مع كافة اللاعبين الدوليين عبر لعبة المصالح، كما تسعى من خلال الاتجاه الثاني الى تقييد حركة من تعتبرهم أعداءها بتضييق الفرص عليهم دولياً والسعي لكسر جدران الثقة المتينة التي بنيت بينهم ليتم تحويلهم الى مسار جديد. حديث الخبراء لم يستبعد الخبير العسكري الفريق الفاتح الجيلي المصباح حدوث انقلاب عسكري على حكومة سلفاكير، وقال فى حديثه ل(السوداني)، إن الظروف التى مرت بها الدولة الوليدة غير مستقرة نسبة لوجود اختلافات داخل الحركة الشعبية الأمر الذى أدى الى حدوث عدة انشقاقات، بالإضافة الى عدم الرضى وعدم توفر الخدمات وتبديد أموال البترول التى لا يعرف عن أوجه صرفها، ويمضي المصباح فى حديثه قائلا: "هناك عدم رضى على سياسات حكومة جنوب السودان بسبب تصرفات الكثير من القيادات التى تعمل كل واحدة بطريقتها"، ويشير المصباح الى أطراف أخرى من السياسيين الجنوبيين غير الراضين عن الحكومة فى جنوب السوادن منذ أيام الانتخابات التى أفرزت نتائج لم يكونوا مقتنعين بها، بالإضافة الى وجود تطلعات عند بعض القيادات الجنوبية المختلفة الذين يعملون مع سلفاكير وقال إن تلك القيادات تتطلع الى إقصاء سلفاكير من المشهد السياسي فى جنوب السودان، ولم يستبعد الفريق الفاتح أن يطيح أقرب المقربين لسلفاكير بحكومته، وقال يمكن أن يقوم أقرب المقربين لسلفاكير بانقلاب عسكري نسبة للشعور بعدم الرضى على السياسات الضعيفة وغير الثابتة لحكومة جنوب السودان، مضيفا أنه ليس كل الجنوبيين رافضين العلاقة مع الشمال، ويقول:"لا يوجد سبب يجعل الحركة الشعبية تقوم بتصرفات خرقاء باعتدائها على أراضي السودان والبترول، ويعزو المصباح ما أقدمت عليه الحركة الشعبية في سياسات حكومة جنوب السودان التى وصفها بالفطيرة، وقال إن سوء الأوضاع والغلاء وعدم توفر الأمن فى الجنوب أسباب كافية قد تدفع بعض القيادات التى لا توافق سياسات سلفاكير بالانقلاب عليه، ويشير المصباحً الى أن الظروف التى مرت بها تجربة قيادة سلفاكير تدل على فشل عانى منه شعب جنوب السودان، وأضاف: "صحيح الانقلاب يجب أن يكون بتنظيم ودراسة للظروف لكن معروف هناك خلافات تضرب جسد الحركة الشعبية".