السادة/ أسرة صحيفة "السوداني" الغراء، المحترمون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بدايةً الشكر كل الشكر لكم جميعاً ودون فرز لاهتمامكم الكبير بقضايا البلد وأهلها على مُختلف الأصعدة والمجالات، وتفاعلكم الطيب مع كل ما يجري، وسعيكم الحميد والحضاري لدعم كل ما هو إيجابي، ومجاهداتكم المُتواصلة لمُعالجة أوجه القصور وتلافي الجوانب السلبية متى استطعتم لذلك سبيلاً. واسمحوا لي بأن أُسجِّل شكري وتقديري – بنحوٍ خاص – لسعة صدركم وتفاعلكم الطيب مع موضوعٍ مهم يتعلَّق بإنجاز سطره أحد علماء بلادنا العزيزة وهو البروفيسور حامد عُثمان بُرهان الذي تمَّ اختياره ضمن أفضل مائة عالم في العالم لعام 2012 بواسطة المركز الدولي لسير العلماء بكمبردج/بريطانيا، وتفضُّلكم بإتاحة مساحات ثمينة وغالية بصحيفتكم السوداني الغراء في عدديها الصادرين يوم 25 أبريل 2012 تحت عُنوان (رجلٌ من بلدي.. مفخرة حقيقية) وعددها في 30 أبريل 2012 تحت عُنوان (رجلٌ في دائرة الضوء) الذي تفضَّلت بإعداده الأستاذة/ابتهاج مُتوكِّل، وأجادت فيه كما ألفناها، ولعلَّ تقديري وشكري هذا حقٌّ لكم كان لابد من تثبيته، لتفرُّدكم – كالعادة – في طرح هذا الموضوع للرأي العام، ليس فقط بالنسبة للصحف، وإنَّما انفردت السوداني بالنسبة لكل وسائل الإعلام السودانية، مرئية كانت أو مسموعة أو مقروءة. ولعلَّ السوداني الغراء والقائمين عليها، حينما تطرَّقوا لموضوع البروفيسور بُرهان، قد استصحبوا أهمِّية كلمة الشكر ومعاني العرفان ووقعها على المُبدع أو المُتميِّز بنحوٍ عام وعلى البروف بنحوٍ خاص من جهة، فضلاً عن استصحابهم لانعكاس هذا التكريم أو الالتفاتة على الأجيال التي تلي جيل البروف وما يُمكن أن يُشكِّله ذلك من تحفيز للإبداع والتفرُّد من جهةٍ ثانية، واللذان – أي الإبداع والتميُّز – يأخذان صوراً عديدة وفي أكثر من مجال. والتفاتة السوداني هذه مُهمَّة جداً، لا سيما في ظل ما نراه من انقلاب الكثير من المفاهيم والمعاني التي كانت سائدة في بلدنا، وأضحى الاقتداء فيها يتَّجه نحو اتجاهاتٍ أُخرى لا تفيد الدولة ولا تدعم قدرتها على التقدُّم والتطوُّر والحال يُغني عن الاستشهاد او الاستدلال، فقط أنظروا للقنوات الفضائية السودانية، واستمعوا لإذاعاتنا، واطلعوا على صحفنا التي تعجُّ بسفر هذا أو تلك! ومن ستتزوَّج فلانة للمرة الكم (مش عارف!) وغيرها من الأخبار والموضوعات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع. ولكي ما يتواصل الإبداع والتميُّز عموماً، والإبداع العلمي والفكري بصفةٍ خاصَّة، من الأهمِّية بمكان الاهتمام بالتقدير وكلمة الشكر التي يحتاجها المُبدع أو المُتفوِّق في أي مجالٍ فكريٍ وتقنيٍ ومهني، باعتبارها – أي كلمة الشكر والتقدير – تُحفِّز على المزيد من الإبداع والتفوُّق والابتكار ونشر المعارف في المُجتمعات الإنسانية وتدعم تطوُّرها. والمُتفوِّقون أو المُبدعون الأصيلون، لا يحتاجون لأكثر من هذه الكلمات التي يرونها أنواطاً وتيجاناً يتزيَّنون بها ونحسبها أقلَّ ما يستحقُّون. وللحقيقة فإنَّ السودان زاخرٌ بالمُبدعين في شتَّى المجالات، فبجانب ما حبانا الله به من نعمٍ كثيرة في شكل موارد طبيعية مُتنوِّعة (أراضي زراعية شاسعة، معادن، مصادر مياه مُتعدِّدة سطحية وأمطار وجوفية، ومناخٌ مُتنوِّع يصلُح لزراعة الكثير من المحاصيل وغيرها من الموارد)، فقد حبانا المولى جلَّ وعلا بأهمَّ عناصر تحقيق التنمية الشاملة بصفةٍ عامَّة والتنمية الاقتصادية بنحوٍ خاص ألا وهو المورد البشري المُتفوِّق والمُتَّسم بالأُفُق الواسع، والقابل للتطوُّر المُستمر، ومن ثم الإبداع والتميُّز. إلا أنَّ القليلين من بين هذه الثروة الموردية المُهمَّة (البشر) تجد التقدير والتكريم والاحتفاء، مما دفع البعض منهم للهجرة هرباً أو بحثاً عن منفعة دنيوية أو حاجة حياتية، وأحياناً بحثاً عن أدوات استمرار العطاء والتميُّز، ومن بينهم من فارق دنيانا دون أن يجد ما يستحق من تقدير أو احتفاءٍ لائق، ومن بينهم أيضاً من يحيا بيننا مغموراً مجهولاً ولا يشعر بوجوده أحد، رغم إبداعه وتميُّزه وإسهامه المُقدَّر في رفعة وتطوير بلده. إنَّ الواقع السوداني الماثل، يُؤكِّد وبما لا يدع مجالاً للشك أنَّ المُبدعين السودانيين، وبخاصَّة العلميين والمُفكِّرين منهم، لا يجدون ما يليقُ بهم من تقدير، وشاهدي في ذلك – أو دونكم - انفراد السوداني (من بين كل وسائل الإعلام التي يزخرُ بها السودان) بنشر موضوع البروفيسور بُرهان، رغم ضخامة الإنجاز المُتحقَّق والذي أجبر أكبر وأرفع المراكز الدولية للاعتراف والإقرار به، ومن ثم الإعراب عن تقديرهم له في صورة مُشرِّفة من صور العز والافتخار ومع ذلك لم يجد الموضوع حظَّه من الاهتمام والرعاية سواء كانت رسمية أو شعبية! إنَّنا كسودانيين – على اختلاف قطاعاتنا – مُطالبون بتكريم مُفكِّرينا ومُبدعينا عرفاناً بما قدَّموه في سبيل رفعة الوطن ولمُجاهداتهم الخالصة في عكس الوجه المُشرق للسودان وصناعة وصياغة تاريخه وواقعه ووضع معالم أو إشارات لمُستقبله الذي نسأل الله عزَّ وجل أن يكون زاهياً إن شاء الله، ومُطالبون بتكريمهم تقديراً لمُساهماتهم الواضحة في إثراء حضارتنا الإنسانية، وهنا لا يسعُنا إلا توجيه الشكر والتقدير والعرفان لأسرة صحيفة السوداني الغراء بدءاً بقيادتها وانتهاءً بأصغر كادر بشري عامل فيها، ونخُص بالشكر والتقدير الصحفية الذكية والمُتميِّزة أيضاً الأستاذة/ ابتهاج مُتوكِّل، ليس فقط لإشرافها على موضوع البروف بُرهان، وإنَّما لاجتهاداتها الواضحة في القسم الاقتصادي لصحيفة السوداني الحبيبة مما أكسبها احترام وتقدير قطاع واسع من صفوة القُرَّاء، والشكر من قبل ومن بعد لله عزَّ وجل الذي أنعم علينا فأجزل العطاء، ووهبنا نعماً عديدة لا تُحصى والله من وراء القصد. د. فيصل عوض حسن