بعد إعلان د.محمد مرسي منافساً للفريق شفيق في الجولة الثانية قامت الدنيا ولم تقعد في مصر وبدأ كأن المصريين خاصة الثوار في ذهول وحالة خيار صعب بين (الشيخ) و(الجنرال) إذ يقولون إنهم وضعوا في مأزق حقيقي فلا هم يريدون الفريق شفيق لأنه يمثل العودة لنظام مبارك الذي ثاروا ضده وأسقطوه فإذا فاز فمعناه عودة النظام السابق بكل بشاعته وفساده وظلمه وديكتاتوريته وعودة البلطجية ومراكز القوى الفاسدة والانبطاح للعالم وإسرائيل،أما إذا فاز مرسى فالخوف كل الخوف أن يكنكش الإخوان في السلطة ولا يسمحوا بنظام مدني ديمقراطي بل يفرضوا رؤاهم الأحادية وتنتهي بذلك الثورة المصرية وتدخل مصر في نفق مظلم باسم الإسلام حيث سيستغلون الدين لتحقيق أهدافهم الحزبية والشخصية ولا يسمحون بالحريات العامة والخاصة أو مشاركة الآخرين في إدارة شؤون مصر المعقدة التي لم ولا و لن تستطيع جهة واحدة أن تديرها بالكفاءة والقوة اللازمة ولن يزدهر اقتصاد. صحيح حاول كل من شفيق ومرسى إطلاق التصريحات والتطمينات للشعب المصري والقوى السياسية التي لها قوة تصويتية التي ستشكل وضعاً حاسماً بين الاثنين. فكلا المرشحين يتمتعان معاً بحوالي خمسة وعشرين في المئة فقط من جملة الأصوات في سباق الرئاسة وأقل من عشرة بالمائة من جملة الأصوات التي يحق لها التصويت ولا نعرف على وجه الدقة كم سيحصل كل منهما فى المواجهة الأخيرة وبأي قدر ستتحول أصوات من باقي المرشحين لأي منهما، ولكن يبدو أن حظوظ الدكتور محمد مرسي هى الأكبر بحكم أن الذين صوتوا للسيد صباحي ربما لن يصوتوا للفريق شفيق كما صرحوا كما أن كثيراً من الذين صوتوا لدكتور أبو الفتوح سيصوتون حتماً لدكتور مرسي كما صرحوا بذلك ولكن ربما يستفيد الفريق شفيق من بعض أصوات عمرو موسى، ولكن بنفس القدر يقول كثيرون إن رجال الأعمال وقوى اجتماعية ربما تتحول من شفيق وفق مصالحها إذا شعرت أن القادم سيكون د.مرسى ولكن هذا يتطلب تطميناً والتزاماً حقيقياً من السيد مرسى لهذه القوة التصويتية فالشاهد أن هؤلاء الذين سيصوتون له يخشون من تجربة إخوان السودان الذين حين استلموا السلطة عبر الانقلاب عملوا عكس ما حاول السيد مرسي أن يطمئن به المصريين. تخيل عزيزي القارئ لو صرح السيد مرسي وقال إنه سيحكم بالشريعة التي تعني مجرد قوانين حدية وأنه سيمنع الأحزاب وسيلجم الصحافة والرأى الحر وسيتحكم في السياحة وسيفعل مثلما فعل إخوان السودان في دولتهم من التمكين وتهميش الآخرين وسيرفع بعد الفوز شعار:( الزارعنا غير الله يجي يقلعنا.. ولن نسلمها لبغاث الطير.. والحسوا كوعكم.. وبلّوها وأشربوا مويتها.. )إلخ التصريحات المعروفة و أنهم سيواجهون العالم أجمع فما هي ياترى فرص فوز السيد مرسي؟؟ إن أكبر خطأ ارتكبته جبهة الإنقاذ الجزائرية بعد فوزها الساحق فى الجولة الأولى للانتخابات هي تلك التصريحات بأنه لا ديمقراطية في الإسلام ولن يسمحوا بعمل المرأة..فتدخل الجيش الجزائري وحسم أمرهم وهاهم اليوم في وضع لايحسدهم عليه أحد. السؤال هو هل سيستفيد الإخوان المصريون من تلك الأخطاء القاتلة فى عالم يبث فيه أي تصريح على الهواء مباشرة وفى عالم انفجار المعلومات؟ أتمنى ذلك وأتمنى من إخوان السودان أن يراجعوا أنفسهم ويتوافقوا مع ثورات الربيع العربي في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ودولة القانون والوسطية الإسلامية والفهم الصحيح لمقاصد الدين كما فهمها حزب النهضة التونسي وحزب العدالة والتنمية التركي.. فتراث الإخوان في السودان لم يكن يوماً ضد الديمقراطية اللهم إلا بعد الإنقاذ.. أرجو ذلك فالوقت لا يسمح ولا داعي ليضعفوا وضع إخوانهم في شمال الوادي وباقي الدول العربية من أجل أن تكتمل ثورات الربيع العربي التي نحن في أشد الحاجة إليها ونحن نخطو نحو القرن الواحد والعشرين بخطى ثابتة.