أقباط السودان: عندما كتب الأب فيلوثاوس فرج كتابه الموسوم "أقباط السودان" أضاف إليه أنه الجزء الأول، وذلك إقتناعاً منه أن هناك أحاديث أخري عن أقباط السودان، وإذا كان الأقباط هم من أصل فرعوني، مصر هي وطن الجذور بالنسبة إليهم، فإن هؤلاء ليسوا فقط أقباطاً أرثوذكس، بل هناك أقباط إنجيليون، وأقباط كاثوليك، صحيح أن الأقباط الأرثوذكس يمثلون الغالبية العظمي ولهذا لهم العديد من الكنائس، ولكن لا ننكر أن هناك أقباطا أخر، كان لهم دورهم في بناء السودان، وكانت لهم مساهماتهم الحيوية في ميادين خدمة السودان، في الطب والتعليم والهندسة، والصيدلة والإقتصاد. لقد بدأ الأقباط الأرثوذكس منذ مولد كنيستهم العريقة في وجود حي في السودان، منذ ممالك النوبة المسيحية التي بدأت رسمياً عام 543م، بينما لها بدايات منذ عام 34م بواسطة وزير المالية للملكة السودانية كنداكة، وقد إستمرت المسيحية القبطية الأرثوذكسية منذ القرن السادس حتي القرن السادس عشر، بل وبعد هذا، وكان لزاماً أن يكون هناك أقباط أرثوذكس لخدمة الكنائس تعليماً وبناءاً ورسماً وهندسة، وكهنوتاً، وشموسية، وذلك لأن كل بلاد النوبة صارت يوماً ما تحت رعاية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. وياتي حضور الأقباط الإنجيليين والأقباط الكاثوليك منحصراً فقط في العهد الحديث، وعلي الأخص مع نهاية حكم الخليفة عبد الله التعايشي خلال الحركة المهدية، وبداية الحكم الثنائي في مصر. وحديثي الآن يقتصر على الأقباط الإنجيليين، وقد إتصلت بكثيرين من أقطاب الكنيسة الإنجيلية في السودان، وساعدني في هذا الإبن دانيال بركات، والتقيت بالشيخ الوقور المهندس رمسيس منصور الذي وجهني إلي كنز كبير هو إبنه الشيخ مهندس دكتور شريف رمسيس، وإلي ما كتبه شريف في مجلة الهدي سبتمبر 2010م، وديسمبر 2010م، وقد وجدت في كتابته مرجعاً دقيقاً لتاريخ أقباط السودان الإنجيليين مع توثيق محترم، كما قرأت عدة مقالات لجناب القس الإنجيلي أيمن محروس، والذي خدم راعياً للكنيسة الإنجيلية من 1998م إلي مايو 2002م، وقدم في مقالاته بجريدة الطريق وهي نشرة غير دورية تصدر عن الكنيسة الإنجيلية في مصر، وسوف أحاول الإتصال به لمعرفة المزيد، وتعد مقالاته مهمة جداً، وقد جاءت تحت عنوان: "الكنيسة الإنجيلية بمصر والدور المرسلي في السودان"، وجاء بحثه بدءاً بعدد أغسطس 2009م، كما طالعت بحثاً عنوانه "الهدي والعمل المرسلي" كتبه القس ثروت وهيب عدد ديسمبر 2010م وهو بحث يذكر أفضال مجلة الهدي والتي بدأت أولاً تحت إسم المرشد، في تتبع أخبار نشاط الكنيسة الإنجيلية في السودان والتي رصدت نشاط القس جبرا حنا أول قس إنجيلي في السودان عام 1900م، وتتبعت أخبارا أخرى عن كنيسة الأقباط الإنجيليين في السودان، وذكرت أنه أول مرسل قبطي وآخرهم، أو الشخص الوحيد من الأقباط الإنجيليين الذي خدم في جنوب السودان عام 1953م، حتي1964م وهو القس سويلم سيدهم، وقد كان الإنجليز يرفضون ذهاب الأقباط إلي الجنوب لغرض في نفوسهم، حتى إنه عندما فكر مجموعة من الأقباط كانوا موظفين في جوبا في طلب كنيسة قبطية، قدموا خطاباً للحاكم العام، وما كان منه إلا أن شتت كل مجموعة الأقباط في أرجاء السودان، وكان من بينهم شكر الله ميخائيل، ويونان ميخائيل، ونجيب بقطر، وحنا مانيوس وآخرون. فهمي سليمان: أما السيد فهمي سليمان، وهو من الأقباط الإنجيليين، فقد قدم بحثاً جميلاً عن نشاط الكنيسة الإنجيلية في السودان، في كتاب الدكتور جيوفان فانتيني، مطبعة التمدن الخرطوم 1978م، من صفحة 259-268 ، وجاء بحثه عن الأقباط الإنجيليين بحثاً إستطلاعياً ممتازاً، وقد ألقى الضوء على المذهب الإنجيلي المشيخي والذي دخل إلى مصر عام 1854م وأنه جاء إلى السودان أثنان أمريكيان هما الدكتور جون كلي جفن، والدكتور مكلوخان، ومعهما المستر كوبر مندوباً عن جمعية الكتاب المقدس، وجاء عن طريق نهر النيل إلى حلفا، ثم وصلوا معاً إلى أم درمان بباخرة نيلية صغيرة، ووصلوا إلى ميناء الموردة، وكان مع المبشرين زوجاتهم مما زاد الأمر تعقيداً، وإن كان أمراً طريفاً جداً، وكان وصولهم يوم 10 ديسمبر1900م، وألتقوا بالأقباط الإنجيليين الذين جاءوا للعمل مع الحكومة، وكان القس الإنجيلي جبرا بطرس معاوناً لهم في الخدمة، وكان معهم أيضاً القس جوين والذي صار فيما بعد مطراناً للكنيسة البريطانية، وذهب الأمريكان إلى أعالي النيل، وبينما إستقر القس جبرا بين أهله الأقباط. ويذكر فهمي سليمان قصة بداية المدرسة الزراعية الإنجيلية بالجريف، على مساحة 130 فداناً بالجريف غرب، وهي المنطقة التي تعرضت لإصابات بليغة من شباب متوتر، قرر أن ينظف الجريف من المسيحيين على حد وصفهم، وأتوا عملاً رديئاً سوف يعطون عنه حساباً يوماً الدين، وقد إستنكر مولانا المحترم أبو بكر أن يكون له صلة بهذه التعبئة الشريرة، وأعلن هذا أكثر من مرة، وإنني إحترم إستنكاره، فنحن على مدى التاريخ نحيا المحبة معاً مسلمين مع مسيحيين، والمسلمون يحبوننا من كل قلوبهم، ويؤكدون أننا أكثر الناس مودة لهم، وأصدقكم القول أنني بكيت بكاء طفل صغير عندما رأيت النار تحرق النخيل الأصيل، والكومبيوتر المتحضر، وملابس خدام الكنيسة وطلبة اللاهوت، وعندما سألني معتمد الخرطوم اللواء عمر نمر عن شهادة البحث قلت له أنا شهادة البحث لهم، منذ عام 1965م ونحن نسمي هذا الموقع مركز المؤتمرات، وكنت منذ بدء خدمتي أذهب إلى هناك، إما لمعسكرات مع شباب كنيسة الشهيدين، أو لألقي سلسلة محاضرات لطلبة اللاهوت، أو لمدرسين الدين المسيحي، وقد تعاطف معتمد الخرطوم وقال إن من أعتدى على كنيسة الجريف هم سرّاق ولصوص وبلاطجة، وسوف يقف الجميع أمام القانون. كما تحدث فهمي سليمان عن ريادة الأقباط الإنجيليين في تعليم البنات، وكانت عندهم أول مدرسة للبنات سنة 1907م، بدأت أولية ثم أساس ثم ثانوي وحتى الآن تقف هذه المدرسة عملاقة في المحطة الوسطي الخرطوم بحري، تؤدي رسالتها في أمانة ومواكبة لتطورات الزمن. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته