منذ أن فاز المؤتمر الوطني بجولة الانتخابات السابقة دخل في تجارب وطنية متعددة في الحكم حيث فتح أبوابه على مصراعيها للأحزاب السياسية للمشاركة في السلطة وأطلقوا على ذلك حكومة القاعدة العريضة وياليتها لم تكن عريضة وقد أخذت ولاية كسلا طابعاً مختلفاً عن باقي الولايات وتفردت بنموذج متنوع في إشراك القوى السياسية في الحكم وهذا كله لأجل الاستقرار السياسي وانطلاقاً من المسؤوليات القومية وطمعاً في متغيرات سياسية جوهرية تعمل على استقرار السياسات وتجعلها تسير على وتيرة منتظمة وأكثر انسجاماً، ومعلوم للجميع أن أي حزب يشارك في الحكومة يجب أن يقدم مشاركته وفق برنامج نهضوي حضاري متزن واضح المعالم والأهداف وإلا فلن يكون حزب سياسي والناظر اليوم للأحزاب المشاركة في حكومة الولاية يستطيع أن يحدد شكل المشاركة فهي كسيحة عرجاء، هذه الاحزاب التي فشلت تماماً في تبني الديمقراطية التي يدعونها والمطالبة بحقوق الشعب التي يتهمون بأن المؤتمر الوطني قد ضرب بها عرض الحائط بالله عليكم انظروا حال الحكومة العريضة، هذه أحزاب وهمية تتربع على كرسي السلطة تفتح فاها لأكل الطيبات من الحوافز والمخصصات وركوب العربات الفارهة والاهتمام بتزيين وتجميل المكاتب (بعد دا يبررون المشاركة برفع الظلم عن المواطن ومحاربة الفساد). إنني وحسب قراءتي للواقع السياسي في كسلا لا أرى مبرراً لمشاركة الأحزاب سوى أنها تتمحور في كيفية الحصول على السلطة وبأي شكل كان طائفي، قبلي، عنصري، جهوي المهم عندهم الوصول للسلطة وهذا لعمري أثر على التعايش الاجتماعي حيث أصبحت كسلا في حالة تردٍّ اجتماعي رغم أنها ولاية عرفت بالتواصل والتكافل والنصرة وقد تأثر مجتمع الولاية بدرجة كبيرة تأثيراً سالباً بطبيعة نشوء وتركيبة الأحزاب السياسية فهي وكما أسلفت ليست أحزاب سياسية بالمعنى الحقيقي والولاء لها معروف طائفي أو قبلي، ذلك لأن الحزب السياسي في الفقه السياسي المعاصر تقوم فكرته على طرح برنامج واضح يخاطب قضايا الدولة والمجتمع ويوضح رؤيته للتعامل مع القضايا المطروحة، لقد تبين للمواطن البسيط أن مشاركة الأحزاب في الحكومة سلبية معيقة للعمل بل حملت ميزانية الولاية نفقات مالية عالية من المخصصات والامتيازات (أي زادت الطين بلة) ويقيناً بأن وجودهم خارج الحكومة أفضل مما هم عليه الآن، إن أول وجه قبح أصاب الأحزاب هو توجه عضويتها للدفاع عن تنظيماتهم دون وجه حق حتى وإن أخفقوا ولم يفلحوا وهذا حتماً سيكرس للولاء الحزبي على حساب القضايا الوطنية. لماذا لا نتجه جميعا نحو بناء كسلا وليس لفصيل أو شخص أو جماعة.. كم كان رائعا الشاعر وهو يعلي مصلحة الوطن في قوله.. إن قلبي لبلادي.. لا لحزبٍ أو زعيم، فهل بإمكاننا أن ندعو جميعا لهذا، ولهذا فإني أستحلفكم أن نتجرد جميعاً من أثوابنا السياسية في سبيل القضايا الأساسية والوطنية. والتأكيد على مبدأ المحاسبة بصورة قاطعة لا تخضع للمزايدات، وضرورة الإشارة إلى أنها ستشمل حتى الذين أصبحوا مشاركين السلطة وهم جزء من النجاح والفشل وإن أصبحوا من كبار منتقديها! وأن نلتقي في بلد سوداني قومي ونتناقش لنرى ماهي المشكلة ونشير بشجاعة أن الحكم قد نجح أو فشل لأسباب كذا وكذا بدلاً أن نتلاوم ويبغض بعضنا بعضا ونحمل المسئولية لفئة دون الأخرى. وأخيراً لا تبخسوا الناس أشياءهم وقولو خيراً أو اصمتو، وهذا أضعف الإيمان. نواصل