** قبل شهرتقريبا، عرضت مايحدث لبعض مراكز التدريب المهني بالخرطوم، وهي المراكز التي تم تأسيسها بتمويل من الاتحاد الأوربي وإحدى منظمات الأممالمتحدة، وكانت الزاوية التي تناولت هذه القضية بعنوان (مراكز على حافة الانهيار)، والعنوان يكفي بأن يكون تلخيصا لتلك الزاوية.. مراكز تفتقر إلى المنهج المطبوع وتعاني من تسرب أساتذتها ومعداتها وأجهزتها غير مؤمنة وعاجز عن استيعاب السعة الطلابية المطلوبة وكتبها بها أخطاء فادحة وتفتقر إلى المواد الخامة و..و..ولذلك اعتصمت إداراتها وأساتذتها يوما وآخر وثالث، فانتبهت للحدث وكتبت ما كتبت، وكلها حقائق لايمكن التهرب منها..وعقب ذلك، قصدت بعض الصحف تلك المراكز وتحرت وحققت ورصدت كل تلك الحقائق وتأكدت منها ونشرتها، ثم أجرت استطلاعا مع الإدارة والأساتذة ونشرت الاستطلاع لمن يهمهم الأمر في الحكومتين المركزية والولائية، وكذلك لصاحب الوجع (الرأي العام) ..!! ** وما أن أصبح التوجس من انهيار تلك المراكز هما صحفيا، تلقى بعض العاملين بالمراكز القرار التالي .. (قرار رقم 15، لسنة 2011..عملا بأحكام المادة 47 من قانون الخدمة المدنية لولاية الخرطوم، وتوصيات لجان التحقيق حول اعتصام العاملين والنشر في الصحف، فقد تقرر تشكيل مجلس محاسبة في مواجهة : فاطمة أحمد، وآخرين..يصدر مجلس المحاسبة قراره خلال أسبوع من تاريخ صدور هذا القرار، صدر تحت توقيعي في السابع والعشرين من شهر أكتوبر 2011..الفريق/ عطا عبد الحميد/ المدير العام للمجلس الأعلى للتدريب المهني والتعليم الفني)..هكذا الحل، أي لم يعترف المجلس بتلك القضايا التي تفاقمت؛ ما قد يؤدي إلى انهيار تلك المراكز التي كلفت الناس والبلد وتلك الجهات الممولة مبلغا يتجاوز(8 ملايين يورو)، ولم يصدر المجلس قرارا يعيد الأمور الى نصابها ويصحح المسار، بل لم يجد من الحلول غير إيقاف الذين يريدون الإصلاح، وكما ينص قرار الفريق عطا ..هي مراكز تدريب مهنية وليست كليات حربية أومعسكرات جيش، ومع ذلك يرأس مجلسها ضابط عظيم برتبة فريق، وهذا ليس مهما، ونحن في السودان كما تعلمون- نهوى أوطانا- ولا نستبعد أن تدار حتى مدارس الأساس والثانوي بواسطة ذوي الخبرة العسكرية والكفاءة القتالية..هذا ليس مهما، فالمهم نص القرار الذي يحاسب الراغبين في الإصلاح ويغض الطرف عن المخربين ..!! ** وبالمناسبة..زار الفريق عطا عبد الحميد -الموقع على قرار المحاسبة-أحد المراكز يوم اعتصام إدارته وأساتذته، والتقى بالمعتصمين و جمعهم وأجلسهم أمامه، وشرع يسألهم : (إنت يا الزول اللابس القميص الأخضر، مشكلتك شنو؟..إنتي يا اللابسة توب بمبي، معتصمة ليه؟.. انت يا اب نضارات الوراء داك، مشكلتك شنو؟..أها وانت يا أب جلحات الواقف بعيدن تعال جاي، ليه ماعايز تشتغل؟.. وأنت .. وإنت ..)، هكذا استجوبهم، وعندما عرضوا له تلك القضايا بكل تفاصيلها، رد عليهم قائلا بمنتهى الحزم والحسم : (دي حاجات ما بتخصكم، إنتو مالكم ومال تأمين الأجهزة؟، إنتو مالكم ومال أزمة المنهج وأخطاء الكتب؟، موش قاعدين تصرفوا مرتباتكم في مواعيدها؟، يلا اشتغلوا شغلكم وما عندكم شغلة بي باقي الحاجات)، قالها هكذا ثم خرج..أي عدم توفر كل المنهج ليس مهما، ولا أخطاء الكتب، ولا تأمين المعدات والأجهزة، ولا تسرب الأساتذة ولا عدم وجود شهادة معتمدة، كل هذا ليس مهما حسب نهج الفريق عطا، فالمهم (نحن قاعدين نديك مرتب)..ولذلك لم يكن مدهشا لفاطمة أحمد وغيرها أن يخاطبهم الفريق عطا بقرار المحاسبة،و-كمان -عملا بأحكام المادة(47)..حسنا، فلنقل بأن تلك مادة يصلح استخدامها في محاسبة المخلصين الراغبين في إصلاح الحال العام، فأين بقية المواد التي يجب تطبيقها على المخربين والمفسدين للحال العام؟..المهم، أوقفوا فاطمة وآخرين عن العمل منذ ذاك التاريخ ، ولايزالون الى يومنا هذا، فقط لأنهم قالوا (نخشى انهيار مراكز التدريب المهني)، وقائمة قضاياهم قائمة تجسد الحرص على المصلحة العامة، وخالية تماما من المطالب الذاتية التي من شاكلة زيادة الراتب والحوافز وغيرها، ومع ذلك هم - حسب نهج الفريق عطاء- من المخطئين الذين يجب محاسبتهم..وعليه، بما أن مجلس الفريق عطا لم يجتهد إلا في محاسبة المصلحين فقط، نأمل أن تنشئ الحكومة مجلس تعليم مهني آخر يرأسه فريق أول بالجيش أو مشير بالشرطة، ليحاسب المخطئين..وهكذا لن يسأل أحد (فاطمة ذنبها شنو؟) ..!!