أوصى المجلس الوطني (البرلمان) عند إجازته موازنة الدولة للعام المالي 2012م في نسختها الأولى وزير المالية بإجراء دراسة موسعة حول كيفية رفع الدعم عن المحروقات؟، وكم يبلغ حجم الإيرادات من الإجراء؟، وكيف تعالج الآثار الاجتماعية السالبة على الفقراء؟، ولكن يبدو أن وزارة المالية غير مقتنعة بتوصية البرلمان، والتفت على الإجراء بعد أيام من إجازة الميزانية بتعديل فئة الضريبة على خدمات الاتصالات من (20 إلى 30%)، وضريبة أرباح الأعمال لشركات الاتصالات من (13 إلى 30%)، وعلى أجهزة الاتصالات، ومررها لها البرلمان، وها هي تعيد مقترحها القديم للبرلمان في زمن الزنقة السياسية، والكارثة الاقتصادية، وينفذها قبل أن يجيزها البرلمان، ومعها إجراءات اقتصادية أخرى زادت من رهق المواطن. وزارة المالية بهذا السلوك وضعت المجلس الوطني في موقف محرج جداً، ووصمة تلتصق به إلى يوم الدين مهمها قدم من تبريرات، ودفوعات، فلا يمكن بالولولة والبكاء الحارق، استعجال إجازة التعديلات، وكان يتوقع من البرلمان أن تعينه تجربة (20) سنة متواصلة في العمل النيابي تمرير وتجاوز مثل هذه الهنات، ومعالجتها بصورة تحفظ ماء وجهه، ولكن هذا النموذج له دلالاته ومعانيه ومغازيه أكبر من أن تختزل فيه فقط. إن أداء وزارة المالية في فترة الخمسة أشهر الماضية بحسب المؤشرات التي أوردتها في تقرير أدائها، فيه غبش لأن أرقامها لم تعايش واقع الحال... فإذا كان أداء تحصيل الإيرادات القومية بلغ (5.9) مليارات جنيه بنسبة أداء (91%) بدون رسوم العبور، فيما بلغ جملة الإنفاق (6.3) مليارات بنسبة أداء (40%)، أي بعجز (400) مليون جنيه، فيما زادت تكلفة شراء السلع والخدمات إلى (929) مليون جنيه بنسبة أداء (120%)، وبلغت التحويلات إلى الولايات (1.8) مليارات جنيه بنسبة أداء (107%) وبعد هذا استقال د.عبدالحميد موسى كاشا من تولي مسؤولية ولاية شرق دارفور، ويستقيل كرم الله عباس والي القضارف، ويولول يوسف الشنبلي والي النيل الابيض، وبلغ الصرف على التنمية فقط (490) مليون جنيه بنسبة أداء (40%)، فعليك أيها القارئ أن تجد موافقة بين هذه الأرقام والنسب، والتعليق عليها على مسؤوليتك. وإن كان لي قول أقوله فإن النشاط الاقتصادي الذي يمارس خارج هذه الأرقام أعتقد أنه كبير، وأن المشوار ما زال طويلاً للوصول إلى بر الأمان.