تحكمت المظاهرات المنتشرة في مدن السودان المختلفة على انتباه الحكومة، وانتباه عامة الناس، وانتباه الأجهزة الإعلامية جميعها، ثم إن الغلاء الفاحش في الأسعار يتحسسه كل من يدخل السوق ولو بالصدفة، فيما كان من المفترض أن توجه الحكومة والأجهزة الإعلامية المختلفة اهتمامها بالموسم الزراعي الصيفي والذي بدأ هذا العام فاتراً عكس التوقعات، فيما التصريحات الحكومية، وآمالها حول أن تكون الزراعة مخرجاً للأزمة الاقتصادية الطاحنة هذه والتي ولدت المظاهرات هذه. المزارع التقليدي حمل فأسه، وطوريته، ومحراثه، وحماره أو جمله أو ثوره، وكل ما يملك من آليات تقليدية، وتحزم بعمامته وذهب الى مزرعته للنظافة، والزراعة بلا كلل أو ملل، ومن غير أن يهمهم أو يصرخ في وجه الحكومة رغم الجوع والعطش الذي يعانيه، وبعد كل هذا لا يجد من يشكره على صنيعه، بل يجازى (جزاء سنمار)، ويتم شراء ما يحصده من محاصيل بثمن بخس جنيهات معدودات، ليلبي بها حاجياته في المعيشة، لينتفع بها أصحاب المليارات، ولا أحد ينظر اليه، ويقدم له مواد تموينية بأسعار مخفضة، أو تصله محنة، عفواً منحة الرئيس، وقولة شكراً لكم إنكم أنتم المنتجون الحقيقيون...!!!. في هذه الأثناء فإن أصحاب المشاريع المروية، والمشاريع الآلية يطلبون التخفيض في الوقود أو أسعار الكهرباء، ويهددون سراً، وعلانية بمآلات لا تحمد عقباها إن لم يحقق لهم ما يريدون، ولا يهتمون بذهاب الموسم أو بقائه، ولذلك إن الحكومة تضع لهؤلاء الف حساب، وتوظف كل التمويل الزراعي، وتقول لهم سمعاً، ثم لا تحصد إنتاجاً يغني البلاد من استيراد المحاصيل التي يزرعونها، فبتنا نستورد من الطماطم، والكسبرة، والشمار، والتوم(التوم الصيني)، الى الذرة الفول بأنواعه سوداني أو مصري، والعدس .... وغيرها، وتقولوا لي نعيد توازن الاقتصادي بالاستعانة على الزراعة، وبالنهضة الزراعية. ظلت الحكومة تطلق الوعود العزبة بالبرامج الطموحة والشعارات، ثم لا تعمل بها أو تحرض وتحفز من يعملون بها، وخاصة في مجال الزراعة الأمر الذي جعل الزراعة من القطاعات المهزومة، رغم أن الطبيعة وفرت لنا أي شيء، وبقي العجز عجز البشر الذين لا يعملون بما يرسمون ويخططون... ومن هنا أخص المزارع التقليدي في الحقول، والبوادي بالتهنئة، والتجلة، وأرددها يا مزارع لك الف تحية .. تعمل في الهجير لا ضل ولا شمسية، ولا إضافة في الماهية.