دأبت أن أتناول لفافات قلائل من خبزنا الشعبي "الكسرة" في وجبة إفطاري، وأسكب عليها قليلاً من ملاح "النعيمية"فهي قوتي المفضل، وبالأمس لم أطلق العنان لشهوة البطن، كما كان في السابق، بل حبست أنفاسها وأوثقتها بحزام متين، رغم ما صدر منها من أنين متواصل، تم هذا تمشياً مع تطبيق ثقافة التقشف التي أجبرنا على إنتهاجها، وأثناء إنسجامي مع ذلك الطعام، وتلك الوجبة الرشيقة المختزلة، أدرت قرص مذياعي الهرم، فالتقطت أذني المرهقة صوتاً جاداً لعبد الرحمن أحمد الخضر والي الخرطوم، أصغيت بشغف لحديثه الجاد وهو يدلي به في برنامج مؤتمر إذاعي والذي بادر بالتمهيد له كما علمت الشاب النضر الطيب سعد الدين من منسوبي رئاسة الولاية وصاحب الحس الإعلامي المرهف، كنت أتابع طرح الوالي المترع بالجدية والمسؤول، كما أرهبتني تلك الاسئلة النارية الصارخة التي جادت بها ذاكرة الأخ مقدم ذلك البرنامج المفيد، اسئلة كلها تنصب وتحكي وتحكي عن قسوة الحياة والمعاناة، التي تؤرق مضجع مواطن ولاية الخرطوم المغلوب على أمره دون قلمي شحنة من الملاحظات وبعض المقترحات استخلفتها من مجريات ذلك المؤتمر فهي:أولاً طرح الأخ د. الخضر راعي أمة الخرطوم حفنة من الإجراءات الإجتماعية لمعالجة ومجابهة ما صدر من إجراءات إقتصادية عصية تثقل كاهل المواطن، ولكنها كما ينبه خبراء الاقتصاد ذات ضرورة قصوى بقيت الحكومة، أم لم تبق حسب قول الوالي!! كان الطرح هادئ الأنفاس، ينم عن عقلانية وحكمة وتنبعث منه روح الإقناع ويزينه المنطق المطلق. ثانياً: كان طابع اسئلة مقدم البرنامج تجيش ما بداخل وجدان المواطن، كما هي تعبير صادق عن ما يجول بذهنه المتعب المتوجس خيفة، بمستقبل مظلم خاو من إشراقات الحياة!! الاسئلة ساخنة تفصح عن غبن دفين، وأمل قاتم يصول ويجول بخاطر المواطن المرهق!! ثالثاً: قدم الأخ الوالي حزمة من المعالجات الإجتماعية العاجلة والآجلة والتي تهم مليوناً من الأسر الفقيرة كما تأخذ بيد شرائح مجتمعية أخرى تلهث من المعاناة وضيق ذات اليد من معاشيين وطلاب وعمال وفئات أخرى، كان الوالي يقدم الطرح ولسان حاله يقول هذا جهد المقل، والشيلة ثقيلة على المواطن، كما صاحبت عباراته نبرات يغمرها الحزن، وتفيض حرجاً وأسى ومؤاساة لرعيته حتى صرت أتخيل من حديثه المفعم بالإنسانية كما لن يخالجني شك في أن أجد د.عبد الرحمن الخضر مندساً وسط جمهرة مواطنين محتجين رافعين صوتهم معبرين عن قلقهم وسخطهم للضيق وغلاء السلع!! رابعاً: كان من ضمن معالجاته وتدابيره لتسهيل معاش المواطن قيام السوق الخيري كبيع المواد الغذائية، وحاجات الطلاب المدرسية بأسعار مخفضة، نأمل أن يكون متاحاً لسائر المواطنين دون تمييز حتي نحسن الظن!! نأمل أن توفر له إدارة قوية وصادقة وأمينة لضمان إستمراريته. خامساً: كما طرح الوالي خطة متكاملة لتحقيق إستقرار السوق، فهي جاءت ضمن حزمة من الإجراءات، كما قدم الوالي نص قانون لتنظيم التجارة، وحماية المستهلك، للمجلس التشريعي للموافقة عليه للشروع في تنفيذه، تداول الأعضاء في نصوصه، ولكن عند المصادقة عليه لم يجد النصاب القانوني لغياب الأعضاء عن الجلسة المهمة ولسان حال القانون يقول للأعضاء "حضرنا ولم نجدكم"!! عاتب عضوان "عبدالملك البرير ومريم كبسور" الأعضاء وصبوا عليهم جام غضبهما، فليس عليهم حرج فاللوم على من اختارهم لتمثيلهم فاين تقدير المسؤولية؟ ولماذا نضرب لهَّم المواطن عرض الحائط؟ سادساً: فكل هذه السلة من المعالجات التي طرحها الوالي هي ثمار موعودة، لن يأتي أكلها إلا بجدية التنفيذ ومتابعة القرار، وإذا لم يتم ذلك، فستتلقفها الرياح لتقذف بها إلى وادي الصمت، ولكن لما عرفت في د.الخضر من سماحة وإنسانية مفرطة وعطف على كل من تعثرت خطاه، سنجني بإذن الله أطيب الثمار. سابعاً: وأمر آخر يشغل بالي ورصفائي المعلمين والآباء وفلذات الأكباد، هو هل أعددنا للعام الدراسي القادم، كتاباً وإجلاساً ومعلماً وبيئة مدرسية؟ أنا متفائل لماعرفت في د. الخضر من إهتمام بمسيرة التعليم وكذلك أخي مكوار قائد سفينة التعليم. والله الموفق حسين الخليفة الحسن خبير تربوي