المجلس الوطني هلا تسمح لي عزيزي القارئ أن آخذك في زيارة إلى المجلس الوطني بأم درمان، لتقف على شئ نستخلصه من أزمة "المعارضة" ليس فقط من باب كلمة التنادي إلى كلمة سواء، ولكن أيضاً لكي نقلل من عدد النزاعات في ساحتنا السياسية، وربما هدانا ذلك إلى سبيل يمكننا من أن نحول طاقة الاشتباك التي تهدد الفرقاء وتوشك السفينة أن تغرق بكل ركابها إلى كتلة فاعلة تحت قبة البرلمان تراقب السلطة التنفيذية دون أن توضع أمام العراقيل، وأن تشير إلى ما ترى فيه التجاوز بقدسية النصوص، وأن يتقبل فيها عضو المؤتمر الوطني ما يقوله عضو المؤتمر الشعبي وعضو حزب الأمة وعضو الاتحادي الديمقراطي بروح سمحة جميلة، وهو ما يعرف بالاصلاح السياسي، الذي يرمي إلى حقيقة واحدة هي مراقبة السلطة التنفيذية بعيون نواب الشعب، إذ أن النصوص وحدها لا تكفي كما لا ينفع القانون إذا لم يطبقه قاض عادل نزيه، لست أقول ذلك دفاعاً عن النظام أو المعارضة، لان دفاعي منصب على مجموعة من القيم التي ينبغي أن تحكم خصوماتنا السياسية عند الحد الأدني، فان تلك القيم علمت الجميع بأن هنالك خنادق وجبهات في الصراع بين الاحزاب يتعين عدم الاصطفاف فيها، فمن الممكن أن يتم اختيار اعضاء المجلس الوطني بالانتخاب وتنحصر المقاعد في احزاب معينة "الكبيرة" حيث يكون العضو الحكم والمراقب في وقت واحد الامر الذي يحدث فصاما بين السلطة والشعب، وتظل روح المجلس غائبة ومقاصده مهدرة، وذلك أن التمثيل النسبي لكل الاحزاب على حسب وزنها أولي بالاهتمام وهو مطلب ليس جديداً، ولا هو مرتبط بالحالة الراهنة، ولكنه مثار منذ التسعينات، حيث اجتمع المجلس وأجاز الدستور الذي يكفل التعدد السياسي، فالحديث حول تمثيل احزاب المعارضة في المجلس هو حلقة من جلسات عرضت على الرأي العام من قبل اكثر من خمسة عشر عاماً.. الجديد فيه هو لغته والخطاب الذي يتسم بقوة ملحوظة من جراء ما ثبت من الحاجة الى تفعيل صوت الشعب "الرأي والرأي الآخر" وهذه القوة مستمدة من نهج الاصلاح السياسي الذي يسود الساحة اليوم، الامر الذي يمكن أن يهيئ النواب لتبني هذا النوع من الاختيار، ليس إقلالاً من شأن الاحزاب الكبيرة وهي لا غني عنها بطبيعة الحال لها أغلبية المقاعد ولكن دعوة لتمثيل الاحزاب الصغيرة، اعلاء لصوت الشعب على نحو يضع كل حزب في مقعده المناسب الذي يعبر منه عن رأي جماهيره، يومها سيضع أعضاء المجلس أياديهم على مواضع الداء ويهتفوا مع الشعب للاصلاح. وعن الثراء المفترى!!