لماذا لا تعطس أليزابيث الثانية ملكة بريطانيا على مرأى من الناس ؟؟ ولماذا تظل تسريحتها في مكانها فلا تتبدد خصلات شعرها حينما يعصف الهواء بعنف على سلم الطائرة لدى هبوطها منها ؟ ؟ بل لماذا لا تدع أحدا يظفر بنظرة خاطفة لركبتيها الملكيتين أو ما فوقهما عندما تترجل جلالتها من السيارة أو الحنطور الفخم الذي تجره الصافنات المطهمات ؟ ؟ الإجابة على السؤال الأخير سهلة لكنها ليست متوقعة . هنالك زعم خاطئ بأن أثقالا رصاصية ملصقة على حواف ثوبها السفلى . لكن الملكة أليزابيث في غنى عن هذه الحيلة العتيقة التي ترجع للقرون الوسطى . جميع ثيابها من فساتين واسكيرتات وما إلى ذلك تنتهي في أسافلها بمحيط دائري متين يحفظها من الارتفاع إلى ما فوق الركبتين . قامت أليزابيث خلال الستين عاما التي مضت على حكمها بزيارات لمائة بلد أجنبي أتقنت خلالها فن البقاء معافاة وفي صحة تامة وهادئة الأعصاب أمام الضغوط . هنالك مقولة مأثورة في التراث البريطاني مفادها : الخيول تعرق والرجال يرشحون عرقا والسيدات يتوهجن كالورود . هذه المقولة صيغت في ما يبدو رغم قدمها والملكة أليزابيث ماثلة في الأذهان . فما من أحد رأى يوما حبيبات العرق تلصف فوق جبينها أو شفتها العليا مهما بلغت درجات الحرارة والرطوبة بل لا تبدو متوهجة كالورود أسوة بالسيدات الأخريات . تحتفظ الملكة أليزابيث دائما وفي كل الأحوال بجسد بارد الملمس . كشف سر ذلك ستيوارت بارفن مصمم أزيائها إذ قال إنه يرجع إلى أن برودة جلدها تمنع توهجه كما تبقي أيضا على ثيابها سوية وكأنها خرجت من تحت المكواة لتوها . إذن دعونا نتساءل عن أسرار أخرى في حياة الملكة أليزابيث ؟؟ . أسرار خزائن أزيائها وثيابها ومستحضرات التجميل التي تستخدمها إلى جانب نوعية مأكلها وما تحويه صيدليتها الصغيرة من أدوية وعقا قير !! . المعروف عنها حرصها على ارتداء ثياب فضفاضة في المناسبات الرسمية مخافة أن تشعر بضيق وانقباض أو بدفء زائد عن اللزوم . جميع ثيابها مصنوعة مائة في المائة من ألياف طبيعية كالقطن والصوف بدلا من الصناعية كالبوليستر . تحتفظ أنجيلا كيلي سكرتيرة الملكة الخاصة وأمينة خزائن أزيائها وثيابها بطقمين من كل زي على سبيل الاحتياط حتى إذا خرجت الملكة بطقم يكون الطقم الثاني قريبا منها ترتدية دون أن يفطن أحد إذا انسكب على الأول سائل مثلا أو لحق به أي عيب آخر مفاجئ . كل ما ترتديه الملكة أليزابيث لا يعهد به إلى محلات الغسيل الجاف وانما يغسل باليد وبالبخار ثم المكواة تجنبا لتلوثها برائحة أية مواد كيميائية كريهة . وتقول أنجيلا كيلي أيضا إن الملكة أليزابيث تستخدم قبل المكياج الملكة قناعا على وجهها من مساحيق سرية معينة لا تضفي على الوجه قدرا كبيرا من البريق واللمعان كعرائس المولد أو فتياتنا الزاهيات في حفلات الزفاف . وهناك أيضا التركيبة الجيلاتينية الهلامية التي يسميها أفراد الحاشيىة في الخفاء " السائل المسلح " ومهمته الحفاظ على كل شعيرة في رأس الملكة في مكانها حتى إذا كان الهواء ريحا عاصفة تهب بسرعة الصوت . ويحتفظ حلاق الملكة ( الكوافير) دائما بدبابيس كبيرة لتثبيت قبعة جلالتها في مكانها حتى لا تتزحزح أو تطير من فوق رأسها . لم تشاهد بفضل هذه الدبابيس في أية مناسبة وهي تخلع قبعتها وانما تنتظر لخلعها وراء الأبواب في مأمن من الأنظار . هنالك فريق متكامل يقف وراء ظهور صاحبة الجلالة في سمت مهيب وبهاء وجلال . عندما تنوي زيارة أي بلد أجنبي تسبقها إلى هناك قبل وصولها بشهرين على الأقل طليعة تضم سكرتيرها الخاص وكبيرة الوصيفات وضابط شرطة والسكرتير الصحفي لوضع برنامج الزيارة وتسوية أية مشكلة قد تواجهها الملكة خلالها بالإضافة إلى الوقوف علي أحوال الطقس وفحص نوعية الطعام الذي يقدم للملكة للتأكد من أن ما ستأكله أو تشربه لن يسبب ارتفاعا في درجة حرارة جسمها . تستبعد من قائمة الطعام استبعادا صارما الأكلات الوطنية في البلد الذي ستزوره الملكة خوفا من أن تحدث لها اضطرابات معوية . كما تستبعد لنفس الغرض أصنافا من لحوم البحر بينها أبو جلمبو والمحاريات والقامبري وجراد البحر . تعرض قائمة الطعام المقترحة في العادة على الملكة لاعتمادها شخصيا قبل شد الرحال . ربما تقع هنات وأخطاء هنا وهناك رغم هذه اليقظة المركزة والاهتمام بكل صغيرة وكبيرة . قدم للملكة خلال زيارتها الأولي لجزر بيليز الكاريبية طبق من الأكلة الوطنية الشهية المعروفة باسم (جيبناط ) . ترددت الملكة أولا في تناولها لكنها اضطرت تحت الحاح مضيفها إلى تناول لقمة واحدة فلما وجدتها شهية قضت على الطبق بأسره لتكتشف في النهاية أنها أكلت " فارين حينيذين " !! . ثم قامت الملكة أليزابيث بعد عام بزيارتها التأريخية إلى الصين لتجد أن عليها أن تستخدم على المائدة - لأول مرة في حياتها - الأعواد بدلا من الشوكة والسكين. كانت تجربة مفاجئة عاتبت الملكة مرافقيها لأنهم لم يطلعوها على ذلك من قبل وفي وقت كاف لتتدرب على الأكل بالأعواد . لكن الملكة لم تجد حرجا خلال زيارتها إلى المغرب في الجلوس على الأرض مع الملك الحسن في المأدبة التقليدية التي أقامها احتقاء بالملكة الزائرة . تفضل الملكة أليزابيث الأكلات المبسطة رغم أنها منحت شهادة ملكية تقديرية لشركة بريطانية متخصصة في صناعة الكاري الهندي وملحقاته من بهارات وخلافها . كما تفضل في أسفارها – استنادا للمقربين منها – اصطحاب عدد كبير من عبوات مياه ( مالفيرن) الصحية العادية غير الفوارة وقيل إنها تشعر بضيق شديد إن لم تجدها . وتحرص الملكة أليزابيث أن تحمل في أسفارها شحنة من شاي إيرل غراي المعطر الذي تعده لها خصيصا شركة تويننغز وهو صتف من الشاي المعروف قديما في أغاني قبائل البقارة في كردفان باسم (أبوريحة) . بينما يفضل دوق أدنبرا (زوج الملكة) شراب القهوة التي تأتيهم مكوناتها من فندق سافوي العريق في لندن . تزن الأمتعة التي تصطحبها الملكة في أسفارها الخارجية أكثر من أربعة أطنان بينها ستين قارورة على الأقل من عفار خاص تتعاطي منه عند اللزوم نغبة صغيرة جدا إذا أعطيت لانسان معافى تصيبه نفس الأعراض التي تعاني الملكة منها . يعرف هذا العقار عند الأطباء باسم هوميوباثك ميديسن . المعروف عن الملكة أليزابيث أنها تؤمن إيمان العجائز بالطب البديل وتفضله على غيره . يقال إن أحد كلابها المدللة أصيب بجرح في ساقه فعالجته بمرهم عشبي والتأم الجرح في غضون أيام فلائل !!. ردت الملكة على الفضوليين الذين تساءلوا عن سر العلاج قائلة : " طالما أن هذا المرهم يبري جراحي فلماذا لا يبري جراح كلبي ؟؟ . " تضم أمتعة الملكة أيضا جهازا كهربائيا صغيرا لدلك ( مساج ) كتفيها ومعصميها وما أشد حاجة الملكة أليزابيث لمثل هذا الجهاز لأنها كما يقال عنها : " تصافح يدا بيد من أجل العيش " . تحمل الملكة كغيرها من السيدات حقيبة يد تحوي إلي جانب المنديل أصبع أحمر الشفاه ومرآة صغيرة وسكرا صناعيا ونسخة من برنامج اليوم بينما ترافقها وصيفة تحمل دائما ما تسمي بالحقيبة البنية اللون تحوى جميع الضروريات التي تحتاج الملكة إاليها في حالات الطوارئ بينها قفاز وزوج جوارب وقطعة قماش مشبعة برائحة الخزامى ( لافندر) لاستخدامها في حالات ارتفاع درجات الحرارة ارتفاعا لا يطاق . هنالك شيئ واحد لا تصطحبه الملكة في أسفارها هو مقعد المرحاض على عكس نجلها ولي العهد الذي يحمل مقعدا جلديا أبيض اللون في كل أسفاره خارج البلاد . (محمد خير البدوي )