جاءني هذا الاسبوع الأستاذ عبد المجيد عبوش ابن أخت الناظر الرقم الضخم المك يوسف حسن عدلان ناظر عموم قبائل الفونج يحمل خطاباً (وثيقة) يكشف لنا عن ما كان عليه مشروع الجزيرة.. وعبر الهاتف تحدثت مع (عمنا) الناظر حول أشياء كثيرة وقبل فض ما يحويه الخطاب المؤرخ 12 اكتوبر عام (9591م) الف وتسعمائة وتسعة وخمسون من مجلس مشروع إلى الناظر المك يوسف..استوقفني الخطاب عند الناظر يوسف المك الضابط بالمعاش في الجيش السوداني الذي ترجل من الجيش ليتولى نظارة الفونج في خمسينيات القرن الماضي بعد رحيل والده المك حسن عدلان.. والخطاب حملني لاستدعي تاريخ هذا الوطن الشامخ تاريخ أسلاف الناظر الذي هو بوابة شامخة لتاريخ وطني ناصع.. تاريخ قديم يبدأ من عبد الرحمن الداخل والاندلس والتآمر على الاسلام وحضارته.. الحضارة التي أضاءت ظلمات قرون اوربا المظلمة والسلطنة الزرقاء.. الاندلس البديل وعمارة مؤسس دولة الاسلام وعرب القواسمة والحلف الذي أرسى دعائم الدولة السنارية وجماع وعجيب المانجلك وقرون تمضي والسلطنة الزرقاء تشمخ منارة للإشعاع الاسلامي.. لتشكل هذا السودان الذي بين جوانحنا.. تشكل هذا الانسان المتفرد السلطنة والصوفية واليعقوباب والقاضي دشين واسماعيل صاحب الربابة والاعراك والصادقاب والأشراف والسمانية.. والسلطان بادي أبو شلوخ جد الناظر المك والطاقية أم قرينات وعلاقة اليعقوباب بالفونج الملوك وأشياء وأشياء صاغتها السلطنة الزرقاء لتعطي هذا العالم انسان سوداني متميز عن كل شعوب الدنيا.. قيمه وأخلاقه وسلوكه.. انسان صنع في (سنار) فكما قلت لصديقي العراقي مؤيد اللامي رئيس نقابة الصحفيين العراقيين وهو من الطائفة الشيعية في جلسة تفاكرية في بغداد في العام الماضي.. نحن السودانيون سنيون نحب آل البيت.. تصوفنا يختلف عن التصوف في بلاد العالم الاسلامي الآخر.. و (سنيون) تختلف عن السنة في بلاد العالم الآخر.. فهذا التميز صنعه ملوك الدولة السنارية والشعوب على دين ملوكهم.. وبالمناسبة الأستاذ عبد المجيد عبوش حامل الوثيقة هو زوج ابنة عمت الناظر الوحيدة التي هي الوحيدة في العالم التي تحمل اسم (السلطنة الزرقاء) فالاسم الذي تتفرد به ابنة المك دلالة على مكانة الدولة السنارية عند عمنا المك أطال الله عمره وأبقاه فقد ظل عمنا المك حفيد السلاطين رمزاً وطنياً وملاذاً للضعفاء ومرجعية وبين (شورة ) مفتوح وبحكمته ظل يرتق نسيج مجتمع النيل الازرق يطفئ نيران الفتن فكل أبناء النيل الازرق هم أبنائه (فالفاتح) ليس هو ابنه وحده ويظل الكبير كبير وتظل بيوت الحكمة والحكم هي البيوت.. عاجز من يدمرها ويهدمها فهي أطواد وجبال راسيات لأنها بيوت عطاء وحكمة وقيم انسانية.. فهم- هم- وإن طغى الدهر وإن نابت نوائبه فهم حصن أينما كانوا.. ونعود للخطاب «الوثيقة» الذي يكشف عن متانة وقوة الخدمة المدنية وكيف اننا تراجعنا بدلاً من نتطور ونتقدم فالخطاب المكتوب باللغة الانجليزية من مدير المستخدمين إلى الناظر يوسف المك يطلب فيه كتابه عن (محمد عبد الله حمد) المتقدم لوظيفة مفتش غيط بمشروع الجزيرة والمتقدم للوظيفة سمى المك يوسف كواحد من الذين يرجع إليهم.. فالمطلوب من المتقدم أن يعمل في الحقل وله قدرة تحمل المسئولية وخلافه.. فالخطاب أرسل إلى الناظر ليكتب لادارة المشروع معلومات عن المتقدم للوظيفة من ناحية (مهنية) فالخطاب يدل على النظام والمؤسسية كما يكشف عن متابعة الناظر لما يجري في الساحة.. وانه كنز وخبرة في كل نواحي الحياة ليت الذين يهرولون لخصخصة المشروع.. أن يقرأوا وثائق المشروع وتاريخ المشروع.. وأخيراً: تحياتي وتقديري للعم الناظر المك يوسف حسن عدلان الذي يداوم على قراءة زاويتنا (كتابات) واني لجد سعيد وفخور أن أتواصل مع هذا (السلطان) الضخم حفيد ملوك الزمان الذين شيدوا الفونج وعرباً نحن حملناها ونوبا..!