بالأمس وفي ليلة ظلماء حرمت خلالها من تدفق التيار الكهربائي ونعاس ندي صار يدغدغ جفني المرهق ولكن قبل أن يداهمني النوم المباغت امتدت أناملي المرتعشة خلسة لتمسك بقرص مذياعي الهرم وأدرته فأصغيت لحوار مرعب تفوح منه رائحة البارود..!! حوار أجراه مذيع جريئ ضليع واسع الثقافة شق على ذاكرتي الصدئة أن تسعفني باسمه فمعذرة له، كان حوار مع علية القوم بجهاز الأمن والمخابرات الفريق أمن عبد القادر يوسف مساعد المدير العام للتوجيه والعميد محمد سليمان عبد الله مسؤول العلاقات العامة والإعلام، أقولها صادقاً قارئي الحصيف في مستهل متابعتي للحوار الخطير المفيد غمرت الرهبة قلبي القلق عند ذكر كلمتي الأمن والمخابرات حتى غادر النوم جفني إلى غير رجعة.. وبعد لحظات تبدلت حالتي النفسية وساد الاطمئنان وجداني وانفرجت أساريري وأذني تنصت بإمعان للحديث الثر المسؤول الذي طرحه سعادة الفريق عبد القادر ثم أعقبه الأخ العميد محمد سليمان عبد الله بحديث شيق وسلس، كنت بصحبتها في تلك السياحة الأمنية المخابراتية الصادقة والشفافة، أثلج صدري ذلك الحديث الوسيم الهام مما دفع بقلمي ليلاً ليدون ما يجيش بصدري من تأملات وخواطر وملاحظات، ومعلقاً على إشراقات وإيجابيات اللقاء المحضور: أولاً: أزجي شكري وتقديري للمذيع والمعلق الرقم الذي استضاف رجلي الأمن والمخابرات فهما على قمة أكثر الأجهزة حساسية وسرية من العسير اختراق سياجه المتين. ثانياً زال بحديث المسؤولين ذلك الحاجز النفسي وفقدان الثقة التي سارت بين الجهاز والمواطنين. وثالثاً: غرس الرجلان صفتي الودية والحميمية في قلوب المواطنين وفي روح الجهاز الأمني وانطوى الغبن. رابعاً: سرني جداً الوضوح والصراحة والمرونة الفكرية مع ترتيب الرؤى والأفكار التي طفت على مجريات الحديث الذي صيغ بأسلوب السهل الممتنع والسم بالجاذبية والسلاسة، فهذا ما جبرني للمتابعة. خامساً: ذهلت لتلك الثقافة الأمنية التي فاض بها معين سعادة الفريق عبد القادر، فكانت المعلومات والأحداث تنساب، بل تتدفق من ذاكرته اليقظة الحاضرة بسهولة ويسر. سادساً: بجانب هذه الثقافة الفنية، وتلك المقدرة المهنية العالية التي يتمتع بها المتحدثان قد من الله عليهما بثقافة عامة ودراية بشتى ضروب المعرفة التي تأتي دائماً بمصاحبة خير الجليس الكتاب. سابعاً: منذ بزوغ فجر الاستقلال كان أداء رجال الشرطة والأمن تقليدي يفتقد الابتكار والإبداع كما كانت أزياؤهم الرسمية مهترئة وثقافتهم المهنية والعامة شحيحة بل معدومة ولكن تبدل الحال اليوم وكما نرى بأم العين فأصبح الزي الشرطي الأمني مموسقاً ومنمقاً والمكاتب كستها الأناقة وتوفرت العربات كما أنشات الجامعات والأكاديميات ليتم تأهيل رجال الشرطة والأمن فتحسن المستوى الأكاديمي ومنهم من برع ونبغ وحصل على درجة الدكتوراة والماجستير كما أصبح معظم ضباط الشرطة والأمن من خريجي الجامعات فتحسن المستوى المالي والمعيشي لمنسوبي الشرطة والأمن، والدولة من جانبها قد وفرت لهم وسائل وأجهزة الأداء الحديثة مما ساعد في سرعة اكتشاف مرتكبي الجرائم المعقدة والغامضة. ثامناً: لقد كشف سعادة الفريق عبر حديثه البليغ غطاء المعاملة الصادمة والحادة لكل من يقترف ذنباً جسيماً من رجال الجهاز أو خالف، القوانين واللوائح الأمنية لقد أدهشني الفريق بما أدلى به من تصريح هام بقوله إن أية عربة لا تحمل رقماً ليست من ممتلكات الجهاز كما يدعي البعض ذلك. تاسعاً: حقا لقد أزال المتحدثان كل اللبس والغموض الذي علق جوراً وبهتاناً بجهاز الأمن والمخابرات. شكراً للمتحدثين الذين لم أحظ بلقائهما ولا معرفة لي بهما إلا عبر هذا اللقاء التوضيحي الذي أمتعني وأزال هاجساً كان عالقاً بنفسي، والتحية لكل منسوبي الجهاز بدءً بمديرهم العام ومن هم يعملون في صمت وسكوت. والله من وراء القصد حسين الخليفة الحسن خبير تربوي