كنتُ أحسبُ دائماً أنني لست بحاجة لربط حزام الأمان في العربة خاصة داخل شوارع العاصمة رغم تحذيرات ناس المرور وإعلامهم الواسع بل وحديثهم في الأمر لدرجة فرض الغرامات للمخالفين وتحصيلها بدون اورنيك 15. لم يكن ذلك بسبب المعارضة ولكن لأنني كنت قد اعتدتُ على السواقة الهادئة والتي لا تتعدى ال40 وأختار أيضاً الشوارع الميتة الخالية من الزحام.. وكان فهمي أن حالتي لاتستدعي ربطه وأنه تحصيل حاصل خاصةً وأنني أحسن ربطه بالطريقة الصحيحة. ولكن.. وفي صبيحة الجمعة الماضية تحركت كعادتي من الجريف للخرطوم لإحضار الصّحف اليومية وأخذتُ طريق شارع الجامعة كان هادئاً ،وساكناً ،وخالياً من دوشة المركبات ذكرني بالستينات من القرن الماضي عندما كان شارع الجمهورية وشارع الجامعة بذلك الهدوء. وأنا في بحر الذكريات إذ بعربة كرولا جديدة موديل 2008م تصطدم بعربتي في صدمة قوية قلبت أولا اتجاه عربتي من الغرب للشمال وهزت سلاسل ظهري ورقبتي بعنف وحركت الغضروف الساكن لفترة طويلة، وبالطبع وقع التلف للعربتين ودخلنا في جدل من المخطئ الطبيبة التي كانت تقود العربة أصرت على أنني أنا المخطئ رغم وضوح المسألة. فعدم إلمامها بقواعد المرور كان واضحاً فلم تقتنع إلا بعد وصول أسرتها وناس المرور وسماع المارة وقبلنا بالتسوية عدتُ لمنزلي بآلام الظهروالمفاصل والبحث في الدولاب عن المراهم والحبوب. بقية يوم الجمعة أمضيته في استقبال أفراد أسرتي وأسئلتهم الكثيرة والمكررة ولكن كان أهم وأصعب سؤال فيها ذلك الذي سألني له الأحفاد الصغار سألني ببراءة «لكن أنت ياجدو ما كنت رابط حزام العربية» فهنا رجعتُ لصحوة العقل استخفافي وفلسفتي في عدم الإلتزام بحزام الأمان هي السبب في الآلام وقد وعيتُ الدرس ولكن بعد الجلده.. وسألتزم به. أما الملاحظة الهامة الثانية فإن ابنتنا الطبيبة صاحبة الحادث لم تكن ملمة بقواعد المرور.. ويشاركها في هذا أعداد كبيرة من سائقي المركبات في شوارع الخرطوم ولعل أكثرهم سائقي البصات والحافلات فهم لايتقيدون بقواعد المرور إما عمداً أو جهلا والنتيجة كثرة الضحايا. فرخصة القيادة تمنح بسهولة فقد غاب التدقيق في الامتحان لها وأصبحت تمنح بالامتحانات التقليدية في القيادة بينما كانت زمان تمنح بعد امتحانات عملية في شوارع الخرطوم والتقاطعات والإلمام بقواعد المرور. كثرة الآن المركبات والسائقين والحوادث نحتاج فعلا لإعادة النظر في طريقة منحها وتشديد العقوبات بسحبها في حالة السقوط في امتحان معرفة القواعد حفظكم الله من طوارق الطريق إلا من يطرقه بخير وفهم.