ربما يستغرب القارئ لهذا الحديث الذي سوف نعلق عليه اليوم وهو ولاية الجزيرة تلك الولاية التي تحتضن مشروع الجزيرة الذي كان وتلك الولاية التي تحملت عبء الاقتصاد السوداني بزراعة محصول القطن وعدد من المحاصيل النقدية الأخرى لأكثر من ثمانين عاماً منذ تأسيس المشروع عام 1925م وتلك الولاية التي تحتضن خزانات كبيرة لري المشروع ومحا طة بالنيلين الأزرق والأبيض تلك المقدمة ضرورية لأن التقرير الذي قدمه جهاز المراجعة التابع لديوان المراجع القومي للمجلس التشريعي للولاية يتحدث عن نقص حاد في كمية المياه المتاحة للشرب لانسان الجزيرة حتى في المناطق الحضرية دع عنك الريف والبوادي فإن كان متوسط ما يستهلكه الفرد أو ما تحتاج إليه من المياه الصالحة للشرب في عام 2011 قد بلغ 80.3 لتر في اليوم «ثمانين لتر وثلاث من عشرة في اليوم» نصيب انسان الجزيرة وفي المناطق الحضرية لايتعدى 35.7 لتر«خمس وثلاثين وسبعة من عشرة في اليوم للفرد» أما انسان الريف فقد اكتفى التقرير باعطاء ثلاث نماذج فقط لثلاث قرى احداهما في جنوب الجزيرة وهي قرية ود بخاري والقريتين 33،35 بمحلية أم القرى، فهذه القرى يشرب سكانها من حيث تشرب سوامهم ،وأنعامهم يشربون من الترع والحفائر.. قرية ودبخاري والتي يقطنها أكثر من خمسمائة نسمة بها عدد من تلاميذ المدارس والذين نعدهم الآن للمستقبل.. كثير من الأمراض التي تنقلها المياه الملوثة ليس أقلها مرض البلهارسيا اللعين والتايفود والملاريا بالأمس تحدث وزير الصحة بحر ادريس أبو قردة عن انتشار مرض البلهارسيا والذي اشتهرت به ولاية الجزيرة قديماً والآن تسرب إلى العاصمة الخرطوم بشكل مزعج، وزير الصحة الاتحادي تحدث بالأمس قائلاً إن مرض البلهارسيا للأسف ليس من الأمراض التي يشملها برنامج منظمة الصحة العالمية ولو كنا نعرف انتشاره بهذه الطريقة لكنا قدمناه على الكثير من الأمراض الأخرى التي تجد تمويلا ًودعماً من منظمة الصحة العالمية ولكني أقول إنه يمكن إعداد دراسة متكاملة وخطة لمكافحته يعكف عليها مختصون وتقدم للمنظمات العالمية ضمن مشروعات تحتاج للمكافحة خاصة وإن بعض من قرى الجزيرة مازال يشرب مواطنها من حيث تشرب أنعامه.. إنه نقص القادرين على التمام يا مجلس تشريعي الولاية وياوالي الولاية الهُمام البروفسير الزبير بشير الذي لا أشك مطلقاً في أنه يحمل هموم المواطن البسيط قبل أن يحمل هم انسان الحضر باعتبار أن الأخير ربما قادر على معالجة مشاكله ولكن انسان الريف الذي لاحول له ولاقوة يحتاج قبل غيره لأن يكون الوالي بحكومته ووزير الصحة ووزير المياه والمحليات حضوراً في مثل هذه الكوارث التي تحتاج لعلاج ميداني المتابع للتقرير يرى أن المال المخصص للمياه قد ارتفع من نسبة 11% من ميزانية التنمية لعام 2009 الي 16% فقط لعام 2011م وواضح من هذه النماذج التي أشرنا إليها إن عام 2012م لم يشهد زيادة تغطي الاحتياطي الفعلي لمواطني الريف من بند التنمية وإن كان الآن عن المياه باعتبارها أولوية قصوى فما بالنا من الصحة والتعليم واحتياجاته وما بالنا أيضاً من الثقافة ونشرها التي للأسف اعتبرت ترفاً للكثير من المسؤلين وفقاً للأولويات التي بين أيديهم.. انسان الجزيرة لأنه قومي حتى النُخاع ومنذ مشروع الجزيرة الذي ضم جميع أبناء السودان للعمل فيه لاينظر لما يحدث إليه بأنه مقصود بقدر ماهو عدم توازن في التنمية وإلا لفكر في استرداد حقوقه عبر الوسائل التي درجت عدد من ولايات السودان الطرفية اتباعها فالواجب أن تهتم الحكومة الاتحادية والحكومة الولائية بالجزيرة مشروعاً، وانسانا،ً وبيئة0 الآن نحن دخلنا ألفية جديدة بعدد من السنين ولايتحدث الناس عن الماء النقية للشرب وإنما يتحدثون عن ابداعات واختراعات لا أظن أننا لا نملك جزءاً من أدواتها ولكننا لم نصل بعد مرحلة توظيفها توظيفاً صحيحاً أو قُل لم نخلص من الصراع على كراسي الحكم حتى نتفرغ للأشياء الأهم.