الكتابة جمال.. والجمال صدق.. والصدق حرية مطلقة.. فالحرية بوابة مفتوحة.. يتجول فيها العقل.. يعطي أوامره للتعبير عن فكره.. فأي كبت للحرية يُكبل العقل ويتعطل.. فالحرية الصحفية.. حرية لإبداء الرأي.. فأي كبت لها.. هي إغتيال للعقل.. فحرية التعبير حق إلهي جاءت به كل الرسالات السماوية.. فإنتقاصها جريمة انسانية.. فحرية التعبير ليست هبة تُمنح بل هي حق إنساني.. فالإعلان العالمي نادى بحرية التعبير.. فأي انتهاك للحرية.. انتهاك لحقوق الإنسان.. فالصحافة هي الوسيط الذي تمارس فيه هذ الحرية.. والصحافيون هم «العمالة» التي تصنع وتنتج الصحافة.. فأي كبت لهم يعني إنتهاك لحرية الصحافة.. فلا تكون هناك حرية للصحافة.. إلا بضمانات تحمي هؤلاء الصحافيين.. لضمان سلامة أرواحهم.. فهم الأكثر تعرضاً للقتل والتعذيب والتهديد.. والأكثر تعرضاً للحبس والإختطاف.. والتعذيب.. بل هم من يتعرضون «لمقصات» الرقيب.. فحرية الصحافة عرجاء في ظل وجود مقصات الرقابة.. وتكون الصحف «هلامية» وباهتة.. في ظل قوانين تكبلها.. وتكون شوهاء وبلهاء.. في وجود سلطة متجبرة وطاغية.. سلطة ضد حرية تداول المعلومات.. فالمعلومات هي غذاء الصحافة.. بدونها تصاب بالأنيميا.. فالحصول على المعلومات هي التي تعرض الصحافيين إلى الأخطار.. فالصحفي في سبيل الحصول على المعلومة.. يتعرض إلى الخطر.. لذلك حتى يتمكن الصحفي من القيام بدوره.. فلابد من ضمانات تحميه.. وتشريعات تمنحه حق الحصول على المعلومة.. تشريعات تحميه من جبروت السلطات.. فهذه التشريعات لا تتأتى إلا بجهد منظمات المجتمع.. فهي الأقدر على إنتزاع تشريعات تحمي الصحفي.. وتُفرض حرية التعبير.. فالصحافة رسالة معرفية وقوة.. مهمتها تشكيل رأي عام.. لقيم إنسانية وقوة لكشف الفساد بكل أشكاله.. ورقيب ينوب عن المجتمع.. لذلك كثيراً ما تتقاطع مع المفسدين والطغاة.. فيتولد الصراع والعراك بينها وبينهم.. ولكن بالوعي المستنير تتمدد مساحات الحرية الصحفية.. فكلما زادت المساحة.. زاد الوعي وتولد الإستقرار.. فالدولة العصرية هي التي تعلى من شأن حرية الصحافة.. فما تقدمت أمة إلا بالحرية.. أعجب لحوادث الإعتداء على الصحافيين.. وهم يؤدون واجبهم.. فبلا شك أن المعتدي بماله من قوة السلطان يخفي جريمته.. يداري فعله المشين.. فهنا تكون الحرية الصحفية ممسحة للسلطان.. لا مصباحاً يضىء له الطريق.. هنا لابد من تشريع يحمي الصحفي.. «حصانة» تحميه من أعداء الحرية.. فالصحافيون هم جنود الحرية.. فحتى تنمو شجرة الحرية وتثمر.. لابد للسلطة الحاكمة.. من إحترام حرية الصحافة.. أي إحترام حق المواطنين في التفكير والتعبير.. فالسلطة الحاكمة التي تقف سداً منيعاً في وجه حرية الصحافة.. مصيرها الزوال.. فالتاريخ القريب سجل سقوط أنظمة ديكتاتورية.. كبتت حرية الصحافة.. وخير مثال النظام الليبي الذي كان قابضاً على حرية الصحافة.. فالوقوف في وجه تيار حرية الصحافة يعني أن رياح التغيير ستكون عاصفة ومدمرة وستصيب الجميع.. ٭ فكرتُ بأن أكتب شعراً ٭ لا يُهدرُ وقتَ الرقباء ٭ لا يُتعبُ قلب الخلفاء ٭ لا تخشى من أن تنشره ٭ كل وكالات الأنباء ٭ ويكون بلا أدنى خوفٍ ٭ في حوزةِ كل القراء فالحرية الصحفية.. كما الهواء لا يمكن الإستغناء عنه.. ٭ محطة أخيرة: بعد إطلاعي على الورقة التي قدمتها الأستاذة سمية عبد الصادق مدير الإعلام الخارجي بوزارة الإعلام في الندوة التي نظمتها المنظمة السودانية للحريات الصحفية بدار اتحاد المصارف بعنوان «المراسلون والمصورون الصحافيون صعوبات في مواجهة المهنة»، والتي تلقيت دعوة كريمة من هذه المنظمة الوليدة ولظروف قاهرة لم أتمكن من حضور هذه الندوة، ولأهمية الموضوع أطلعت على الورقة، والتي وجدت نقاشاً فيما علمت من مجموعة من المشاركين، أمثال : بدر الدين بريمة، والأستاذ عبد الله الأردب والأستاذ بشرى وأشرف عبد العزيز ومجموعة من المهتمين بالحُريات الصحفية، وعلى ما جاء في هذه الورقة أردت المساهمة في هذا الموضوع عبر هذه الزاوية، وأعتقد أن من المهم جداً توسيع دائرة الحوار حول هذا الموضوع للوصول إلى قناعات بحُرية التعبير، المدخل إلى التنمية والإستقرار السياسي والإجتماعي..