ابلغ القائم بالأعمال الأمريكي با لخرطوم رسمياً حزب المؤتمر الوطني بإلغاء الزيارة التي كان من المفترض أن يقوم بها الدكتور نافع علي نافع نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني لشئون التنظيم للولايات المتحدةالأمريكية بدعوة وطلب من الأخيرة لإجراء حوار مع الحزب بغية مناقشة الكثير من القضايا التي عرقلت مسيرة العلاقة بين واشنطنوالخرطوم منذ التسعينات، ورغم ما تقوله الإدارة الأمريكية من تعاون كبير بين الخرطوموواشنطن إلا أن السودان مازال على قائمة الدول الراعية للإرهاب في نظر الإدارة الامريكية والحظر الاقتصادي على السودان مازال مستمراً ويتم تجديده بصورة تلقائية وآلية.. والإدارة الأمريكية مازالت توفر ا لغطاء السياسي والمادي لما يعرف با لجبهة الثورية وقطاع الشمال، وما دعمها لاجتماع كمبالا الذي خرج علينا بوثيقة الفجر الجديد التي تبرأت منها حتى احزاب التحالف إلا نموذجاً اخر لعلاقة واشنطن با لخرطوم، الدعوة المشار إليها اكتملت اجراءاتها وبرغبة الإدارة الأمريكية قبل اكثر من شهرين وكل الذي كان ينتظره الوفد الحزبي هو تحديد موعد الزيارة بعد أن تم الاتفاق على عدد من البنود تكون جدولاً لاعمال هذه اللقاءات.. ولكن واشنطن أبت أن تتراجع عن دعوتها وأن تعتذر عن امر هي التي كانت مبادرة فيه.. جاء إعتذار واشنطن مغلفاً بإيقاف السودان لتعاونه مع دولة الجنوب بعد قرار الرئيس بإيقاف ضخ نفط الجنوب عبر السودان، وأن السودان قد اوقف تنفيذ هذه الاتفاقيات.. تلك هي الأعذار المعلنة للإدارة الأمريكية ورغم عدم موضوعية هذه الأسباب، فكان الأحرى بواشنطن وهي تتبنى ملفات حقوق الإنسان وإقامة السلام والأمن في العالم عبر مجلس الأمن الدولي كان عليها أن تبحث في الأسباب التي دعت حكومة السودان تصدر هذا القرار، وكان عليها أن تولي اهتماماً ولو قليلاً إلى ضحايا حروب المتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق وكان عليها أن تمارس قدراً من الموضوعية في تعاملها كوسيط غير محايد في الخلافات بين السودان ودولة الجنوب، ولكن كل ذلك لم يحدث وإنما اتجهت الإدارة الأمريكية إلى اسلوب الضغط وسياسة العصا والجزرة التي مارستها كثيراً مع الخرطوم واثبتت فشلها، ارادت الإدارة الأمريكية وهي تحاول أن تغطي حالة الإرتباك التي تشهدها مؤسساتها وفقدان بوصلة السيطرة على جماعات الضغط واللوبيات بداخلها ارادت أن تبحث عن سبب ربما تعتقد أنه مقبولاً ويمكن الجهر به، ولكن ماهو واضح الأن للجميع هو تلك الحالة المضطربة التي تشهدها الإدارة الأمريكية وهي تتجاذب بين إرضاء اللوبيات الصهيوية التي تسيطر على اقتصاد الدولة الكبرى الذين يرفضون أي تقارب مع الخرطوم خدمة للأهداف الإسرائيلية في المنطقة بعد أن وجدت اسرائيل موطئ قدم لها عبر بوابة الدولة الوليدة، وبين كون أمريكا دولة كبرى لاتريد أن تريق ماء وجهها بكونها قبلت الغاء الزيارة إرضاء لتلك اللوبيات، لذلك بحثت عن اقرب الاسباب وهو موقف حكومة السودان من دولة الجنوب.. الولاياتالمتحدة تعلم أن السودان الذي ظل تحت حظرها الاقتصادي لأكثر من عشرين عاماً والسودان الذي ظل في قائمة الدول التي تدعي أنها ترعى الإرهاب والسودان الذي ظل محروماً من كل تعاون أمريكي حتى من احتياجات الإنسان المجرد ورغم ذلك استغل بتروله وتدافع اليه المستثمرون من كل أنحاء العالم وقاوم كل أنواع الضغوط دون الرضوخ أو الإستجابة فهي تعلم أنه ليس من السهولة تغيير النظام بالكيفية التي تريد لذلك لابد أن تدخل عبر بوابات ربما تعتقد أنها مقبولة لدى العالم ،ولكن إن كانت تلك إرادة ورغبة الإدارة الأمريكية في التعامل مع الخرطوم فإن حكومة السودان علهيا ولديها الكثير الذي يجب أن تقوم به إن كان القائم بالأعمال الأمريكي الذي حشر أنفه في كل الشأن السوداني واختلط بكل مكونات المجتمع تحت ستار جهوده لتحسين العلاقات، إن كان الأمر كذلك وهو نفسه الذي كلف بتسليم رسالة الإعتذار للمؤتمر الوطني الم يحن الوقت لتقوم الحكومة بتحجيم نشاط القائم بالأعمال الأمريكي بمبدأ المعاملة بالمثل والغاء جميع لقاءاته بالمسؤولين السودانيين إلى أن تشعر الإدارة الأمريكية بخطأ تصرفها؟