زيارة الدكتور رياك مشار نائب رئيس دولة الجنوب إلى السودان والتي أُعلِن عنها في وقت سابق وتم تأجيلها إلى يوم الأحد المُقبِل بغرض إجراء بعض المفاوضات مع حكومة السودان كما تقول الأخبار التي تناقلتها وسائط الإعلام عن الزيارة وحتى هذه الأيام فقد رشحت أنباء عن تأجيلها مرة أخرى إلا أن وزارة الخارجية وعلى لسان ناطقها الرسمي أكدت أنه لم يأتِ أي خطاب يُفِيد بتأجيل الزيارة، بما يعني أنها قائمة في موعدها حتى كتابة هذه الزاوية والترتيبات التي تسبق الزيارة في مثل هذه الأحوال قد بدأت بالفعل، اذ وصل سفير السودان لدى دولة الجنوب إلى الخرطوم قادماً من عاصمة جنوب إفريقيا ربما شارك هناك في لقاءات جمعته برئيس آلية الاتحاد الإفريقي رفيعة المستوى والذي مازال يقود الوساطة بين الخرطوموجوبا دون أن تكون هناك نتائج ملموسة على أرض الواقع سوى بعض الوعود من دولة الجنوب دون أن تجد طريقها إلأ النفاذ ودون أي خطوات عقابية في تباطؤ دولة الجنوب عن انفاذ الإتفاقيات الموقعة، وبالمقابل فقد سافر سفير دولة الجنوببالخرطوم إلى جوبا للقاء الدكتور رياك مشار وإطلاعه على بنود الزيارة وربما تقديم بعض النُصح في ما يخص تلك الزيارة.. إن كانت هذه هي الترتيبات التي تجري الآن لإنجاح الزيارة فلابد أيضاً أن نقرأ الأجواء داخل دولة الجنوب والتي جاءت فيها الزيارة وأول هذه الأجواء ذلك التوتر الذي يُبرز أحياناً للإعلام ويختفي أحياناً أخرى بين الرجل الأول في الدولة الفريق سلفاكير وبين نائبه الدكتور رياك مشار صاحب الزيارة. تلك التوترات التي أوصلت رئيس الدولة إلى الدرجة التي يُصدِر فيها منشوراً ومرسوماً رئاسياً يعفي بموجبه الدكتور رياك مشار من رئاسة لجنة هامة داخل دولته بل ويجرده من كل المهام الخاصة لعمل اللجنة، وقد رشحت الأنباء أنه أي الفريق سلفاكير- قد قلص من سلطات نائبه تحسبا لأي خطوات مُقبِلة في إطار النزاع القبلي بين قبيلتي الدينكا والنوير التي ينتمي إليها على التوالي الرئيس ونائبه، والحديث عن عزم الدكتور رياك مشار ترشيح نفسه في الدورة القادمة لرئاسة الجمهورية من نفس الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس وهو حزب «الحركة الشعبية» ليس غريباً من هذا النزاع لأنه قد حدث عندما كانت الحركة متمردة ويقودها جون قرنق والتي خرج على إثرها الدكتور رياك مشار والدكتور لام أكول و وقعوا إتفاقاً مع الحكومة تاركين جون قرنق وسلفاكير في قيادة حركة التمرد رغم الخلافات التي حدثت بين جون قرنق وسلفاكير وتعرض فيها الأخير لأكثر من محاولة إغتيال.. هذا بشأن الخلاف بين الرئيس سلفاكير والدكتور رياك مشار الذي ينوي زيارة السودان وتحمل أجواء زيارة مشار، أيضاً خلافاً آخر بين الفريق سلفاكير وباقان أموم الأمين العام للحركة الشعبية بما يخص دعم وإيواء دولة وحكومة الجنوب للحركات المتمردة ولقطاع الشمال وما يُعرف بالجبهة الثورية، حيث يرى الفريق سلفاكير أنه لابد من إيقاف هذا الدعم فيما يرى باقان أموم بوصفه المشرف على الدعم من قِبَل الحركة الشعبية إستمراره إيفاءاً بإلتزام الحركة الشعبية تجاه قياداتها السابقة بجبال النوبة وجنوب كردفان والنيل الأزرق، ورغم إعتراف سلفاكير بأنه بالضرورة إيقاف هذا الدعم إلتزاماً بما تم توقيعه من إتفاقيات مع الخرطوم إلا أنه بالأمس القريب بعد لقائه بوزير خارجية أريتريا وهو يتوسط بين الدولتين قد أنكر أن بلاده تدعم هذه الحركات ولكن في صراعه مع أولاد قرنق داخل حكومته ربما أراد أن يمثل تياراً يُكسِبه بعض إحترام جزء من شعبه الذي ليس هو متفق تماماً مع سياسات الحكومة لمعاداة الدولة التي تربوا فيها وخرجوا منها. في ظل هذه الأجواء يظل السؤال الجوهري مطروحاً ما هي جدوى هذه الزيارة؟ وما هي تلك الملفات التي لم يتفق عليها الرئيسان في عدد من القمم وجاء يحملها الدكتور مشار؟ وهل الموضوع زيارة اجتماعية وعلاقات عامة لربما قُرب الدكتور مشار من الشعب السوداني بأكثر مما هي حالة الفريق سلفاكير؟ وهل إطمأن الدكتور مشار لموقف بلاده وجاء بتعهدات قوية في هذا الشأن؟ أم أنها محاولة جديدة وتهيئة مناخ جديد للدكتور مشار يساعده في برنامجه الإنتخابي القادم؟ ما هو تحديداً الذي يحمله الدكتور مشار هذه المرة ولم يكن ضمن أجندة المفاوضات الطويلة بين الدولتين؟