كان من المؤمل بعد انفصال دولة الجنوب السودان وتكوينها لحكومتها الوليدة بدولتها المستقلة التي يجب أن يعامل فيها المواطن الجنوبي معاملة المواطن من الدرجة الأولي لا كما قال باقان أموم إنه كان في دولة السودان يعامل بوصفه مواطناً درجة ثانية كان من المؤمل أن تقوم هذه الدولة الوليدة بعون دولة السودان وتلتفت حكومتها لقضاياها الداخلية وقضاياها واحتياجات المواطن الجنوبي الذي يحتاج كغيره للصحة والتعليم وإعادة التوطين في دولته الجديدة بعد أن قضى جميع عمره في دولة السودان، وكان ينبغي أن تحرص حكومة الجنوب قبل غيرها على المحافظة على الأواصر الاجتماعية والروابط التي لن تفلح السياسة في قطعها بين المواطن في دولة الجنوب والمواطن السوداني لأنهما وحتى عهد قريب كانا سودانيين الجنسية والميلاد الأمر الذي لم يحدث .. حكومة السودان خلال الفترة الانتقالية وقعت الكثير من الاتفاقيات كانت موجهة للتنمية في الجنوب لآن التنمية في جنوب السودان قبل الانفصال هي دعماً للإستقرار في البلدين فيما بعد وهي ليست خصماً على الخرطوم وإنما جزء من التزامات حكومة السودان لهذا الجزء من الوطن، ولكن زعماء السودان الجديد من شاكلة باقان ا موم ويا سر عر مان والحلو وعقار كانوا يرون غير ذلك كان في ذهنهم انفصال جنوب السودان لتكون دولة مشتعلة ومن بعد ذلك وعبر البرتكولات سيئة السمعة للمناطق الثلاث جنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي عبر تلك البرتكولات التي لم يدرك أبعادها مفاوضو الحكومة في نيفاشا أرادوا أن يتمددوا في السودان ويؤسسوا لما طلب منهم بقيام سودوان جديد وتحت اسم الحركة الشعبية نفسها التي يقول عجز ها أنها تسعى لتحرير السودان ممن من وكيف؟ ومتى؟ تلك هي بنود الخطة التي تلت الانفصال .. لذلك للأسف أهملت دولة الجنوب وضعها الداخلي وأهملت أهمية أن تقيم علاقات حسن جوار مع السودان من أجل أنسان الجنوب وأصبحت تؤوي كل متمردي دولة السودان، وتوافق على خططهم لإسقاط النظام الذي قدم لها كل أيام الأسبوع ولم يجد منها شيئاً ولاحتى رد التحية يمثلها، دع عنك أن تكون بأحدث منها.. طبيعي جداً ان يقود سلوك حكومة ا لحركة الشعبية العدائي جداً لحكومة السودان وعدم ترتيب أولوياتها بما يتطلبه وضعها الداخلي وطموح بعض قياداتها التي لا تكتفي بأن تحكم الجنوب فقط وإنما تريد كل السودان دون مراعاة لتاريخه ومكوناته المادية والبشرية، كل ذلك قاد دولة الجنوب إلى الكثير من المشاكل والعقبات والأزمات التي طفقت الآن تبحث لها عن حلول، ودخلت في مأزق الآن تسعى للخروج منها ربما يثمن اكثر من الذي كان يمكن أن تدفعه إذا أولت علاقات حسن الجوار مع الدولة الأم الأهمية التي تتطلبها، الأمر الذي لم يحدث.. أزمات ومشاكل دولة الجنوب التي تسبب فيها بعض ابنائها المتنفذين اصحاب الطموحات الإفتراضية يرويها أهلها أو ترويها بعض منظمات ا لولايات المتحدةالأمريكية التي لا يمكن أن تكون شهادتها مجروحة في حق دولة الجنوب التي تواليها وتنحاز إليها خصماً على دولة السودان، ليس كما يقول القائم بالأعمال الأمريكي السفير جوزيف ستانفور وهو يجوب أنحاء السودان طولاً وعرضاً وعلى مرأى ومسمع من الحكومة والخارجية السودانية وبلاده تعلق وتؤجل أو تلغي زيارة تمت بطلبها هي لأكبر مسؤول حزبي وسياسي في السودان. زيارة الدكتور نافع إلي واشنطن وفي هذا حديث يطول أقل ما يعبر عنه هو تضارب وتباين وجهات نظر مراكز القو داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية وليس عدم تنفيذ حكومة السودان للاتفاقيات مع دولة الجنوب كما يزعمون.. دولة الجنوب تفشل في توفير مائة دولار شهرياً لكل طالب من طلبتها يدرسون بمصر وعددهم ثلاثمائة وثلاثين طالباً وتخطرهم بالعودة إلي جوبا هكذا أعلن بنجامين جبيرا ياي مدير التدريب والعلاقات العامة بوز ارة التعليم العالي بدولة الجنوب وللأسف سيتم ترحيل هؤلاء الطلاب خلال الأيام القادمة إلى الجنوب وتكون بذلك ضاعت عليهم فرصة ذهبية بسيا سية دولة الجنوب غير الرشيدة.. تلك واحدة الثانية جاءت على لسان نائب رئيس برلمان دولة الجنوب دانيال اويت اكوت، وهو مطالبته للحكومة بأن ترفع مرتبات الجيش إذا كانت تريد توفير الأمن الكافي للبلاد وأن تدني الأجور التي لاتزيد عما يعادل مائة خمسين دولار في الشهر ستؤثر على الأداء وتخلق جواً من عدم الإنضباط، ومعلوم بالضرورة ماذا يعني فقدان أو إنعدام الأمن.. والشهادة الثالثة جاءت من الرئيس نفسه بإقالته لوزير مجلس الوزراء ولوزير ماليته باتهامات مالية ضخمة ومازال التحري جاري وقبلها تحدثت الأوساط في الجنوب عن تهريب المليارات من الدولارات بواسطة قيادات جنوبية نافذة إلى خارج الدولة.. وماوجود أسر معظم قيادات الجنوب الآن في الدول الأوربية وأمريكا وأقلاها بعض العواصم الأفريقية إلا دليلاً واضحاً على هذا السلوك الذي لايقدم مصلحة المواطن الجنوبي على المصلحة الشخصية لقيادات الحركة الشعبية والحكومة..اما التقارير الأمريكية فكثيرة التي تحدثنا عن الفساد والفشل لحكمة دولة الجنوب فقبل ايام كتبنا عن تقرير اسمول قروب» عن التجاوزات في دولة الجنوب واليوم نتحدث عن تقرير أمريكي صدر عن مؤسسة تسمى«funds for peace» صندوق من أجل ا لسلام والذي صنف جوبا في المركز الثالث في قائمة الدول الفاشلة ووصفها التقرير بالغارقة في الفساد وعدم الاستقرار والنزاعات عبر الحدود مع السودان،وقال التقرير إنه بالرغم من المساعدات التي تلقتها دولة الجنوب بعد الانفصال إلا أنها لم توظفها في بناء القدرات بسبب الفساد، حيث تمت أربع مليارات من دولارات بواسطة كبار المسؤولين على 2012م فقط، هكذا قال التقرير الأمريكي الذي لايمكن أن تكون شهادته مجروحة.. ماذا يقول باقان اموم الذي ظل يصف دولة السودان بالفا شلة طيلة وجوده في حكومة الوحدة الوطنية خلال الفترة الانتقالية؟ اما كان الافضل لحكومة الجنوب أن تلتفت إلى وضعها الداخلي وتستفيد من استعداد حكومة السودان من دعمه لها بدلاً من إيواء الحركات المتمردة التي ستكون معولاً لهدم الدولتين معاً؟