جاءت أخبار الأمس تعلن عن مؤتمر موسع يعقد اليوم لمناقشة صيغة المرابحة، وكان السيد رئيس الجمهورية قد أبدى رغبته قبل أعوام حول إيقاف التعامل بصيغة المرابحة التي تتعامل بها معظم البنوك كصيغة رئيسية وأساسية في تمويل عملياتها التجارية والإستثمارية. وربما أن السيد رئيس الجمهورية، كان ينطلق من النتائج السالبة «لتطبيق» و«تنفيذ» صيغة المرابحة والتي ربما أفرغتها ممارسات بعض المصارف من مقاصدها الشرعية والإجتماعية.. ولأننا كتبنا كثيراً في أمر المرابحة وقلنا فيها بعضاً مما لم يقله مالك في الخمر.. فاليوم وتعليقاً على المؤتمر ورغبة الرئيس السابقة نقول الآتي: ٭ لابد أولاً أن نقرر أن المرابحة هي صيغة إسلامية قد يختلف عليها البعض بسبب أنها تشبه التمويل الربوي.. ولكن هذه الصيغة تبقى ضرورية في منح التمويل للأغراض الشخصية، مثلاً لا يمكن تمويل شراء معدات منزلية للإستعمال الشخصي مثل الثلاجة والتلفزيون والسيارة وما يشببها من المتعلقات الشخصية إلا عن طريق صيغة المرابحة لأنه لا مجال للمشاركة ويتعذر تمويل الأغراض الشخصية للإستعمال الخاص جداً إلا بالمرابحة أو «بالقرض الحسن» ودون ربح أو عائد. ثانياً : نقول إن المشكلة ليست في صيغة المرابحة نفسها وإنما تكمن في طريقة التنفيذ لها.. وربما أن الكثيرين يشتكون من أن بعض البنوك قد لا تطبق الضوابط المطلوبة في صيغة المرابحة وإنما يقوم الموظفون بتسليف النقود لمقدم الطلب مقابل شيكات آجلة مضافاً إليها الربح الخاص بالبنك حسب المدة المتفق عليها، ولهذا فإن المرابحة قد صارت مثلها مثل التمويل الربوي لأن البنك قد لا يتابع فعلاً أن هناك سلعة تم شراؤها وأنها سلمت لطالب الشراء وأنه لم يقم «بكسرها» في السوق المحلي وأنه لم يحولها إلى نقود سائلة «بالملص» أو «الكتفلي».. ثالثاً: لابد أن نقرر أن تنفيذ المرابحة في البنوك يحتاج إلى الكثير من الإنضباط في التطبيق العملي.. وتقليل حجم التمويل الممنوح بهذه الطريقة ولابد أن السيد رئيس الجمهورية يقصد إيقاف تطبيق المرابحة بغير ضوابطها الشرعية ذلك لأن في هذا إضافة كبيرة للكتلة النقدية في السوق وزيادة الطلب على العُملات الأجنبية، ومن ثم رفع سعر الدولار بحكم زيادة حجم الأموال المطروحة في هذا السوق الضيق. ونحن إذ نشيد بإهتمام السيد الرئيس في هذا المجال نقول بإن على البنك المركزي أن يصدر من الضوابط الصارمة واللوائح المقيدة لهذه الصيغة ما يجعلها شرعية ومربحة ومفيدة وذات عائد على التنمية. ومن هنا نناشد المصارف بأن تستجيب لمناقشة رئيس الجمهورية وتوصيات مؤتمر اليوم في تقليل حجم الأموال الممنوحة بصيغة للمرابحة وأن تقتصر المرابحة على تمويل الأشياء والسلع الخاصة بالإستهلاك الشخصي وأن تراعي في مجالات الإستثمار تطبيق الصيغ «الإسلامية» المخصصة لها مثل صيغة المزارعة والمشاركة والمساقاة وعقد المقاولة و عقد المضاربة المقيدة... وأخيراً نقول إن المطلوب هو تنقية صيغة المرابحة من كل الشوائب وقصرها على التمويل الشخصي والتمويل «الأصغر» والإبتعاد بها عن العمل الوهمي والصوري أو سيكون من المنطقي إيقافها تماماً إن كان ذلك يخرجها من مقاصدها الشرعية.