فجأة وبدون مقدمات.. تحول الامام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة من وسيط بين الحكومة وحزبها وبقية القوى السياسية المعارضة في قضية الحوار الوطني إلى مستهدف من قبل السلطات.. ومعتقلا بسجن كوبر، إلى هنا يبدو المشهد عادياً، فعالم السياسة في السودان أشبه بعالم (الجن) كل ثانية بهيئة مختلفة وثوب مختلف ولون مختلف.. وتتباين المواقف مع تباين الفصول والمناخات السياسية.. أمس الأول عندما أبلغت الصحف بنبأ اعتقال الامام هرع الكثير من الزملاء الصحافيين إلى مسرح الحدث، وخرجت الصحف صباحاً بخبر اعتقال الصادق المهدي باعتباره حدثاً سياسياً غاية في الأهمية ويستحق أن يتصدر العناوين، ثم أعلن الحزب عن مؤتمر صحفي نهار أمس، وكالعادة مضى الزملاء المسؤولين عن دائرة حزب الأمة بالصحف للتغطية العادية، وبما انه مؤتمر صحفي فمن الطبيعي أن يطرح الصحافيون الأسئلة ولزاماً على المؤتمرين أن يجيبوا عليها فنحن لسنا (باش كتبة) يملي علينا الساسة ما يريدون وندون نحن في الدفاتر ونردده صبيحة اليوم التالي كالببغاوات، بادر أحد الزملاء بطرح سؤال لا تشوبه شائبة ، فجأة انفجر بعض الحضور من عضوية الحزب وكالوا السباب والشتائم، وكعادة كوادر القوى السياسية المعارضة وزعوا صكوك الوطنية والإتهامات للصحافيين الحضور ووصفوهم ب(عملاء السلطة) و(المرتشين) وألفاظ أخرى بذيئة لا تشبه حزب سياسي كحزب الأمة له تاريخه الناصع في الحركة الوطنية السودانية، قرر الصحافيون مغادرة المؤتمر الصحفي، ولم يكتف الغاضبون من عضوية الحزب بذلك بل طاردوا الصحافيين إلى خارج دار الامة واعتدوا بالضرب على الزميل خالد فرح بصحيفة الصيحة، فإن كان للمتشنجين من عضوية الحزب موقف، فاليتجهوا إلى حيث يقبع الامام حبيساً ويخرجوه عنوة بدلا من (فش) غبائنهم في من يؤدون عملهم بلا هوادة. ما بدر من كوادر حزب الامة تجاه الصحفيين يعتبر مؤشراً خطيراً وظاهرة غريبة من نوعها، فقد ظل الصحافيون دوماً محتفظين بتلك المسافة المهنية بينهم وبين القوى السياسية المعارضة، بل وذاقوا الأمرين داخل صحفهم إبان الرقابة القبلية بسبب إصرارهم على كتابة اخبار واحدث الأحزاب، وأخيراً يكون نصيبهم الهانة والقدح في الشرف(ياهو الفضل). يجب على الزملاء الصحافيين عدم تفويت الأمر، وعدم السماح لأي حلول وسطية أو (أجاويد) لقتل القضية في مهدها، والخطوة المهمة التي يجب اتخاذها حالياً هي مقاطعة أنشطة الحزب إلى حين صدور إعتذار رسمي للصحافيين حفاظاً لكرامتهم وكبريائهم وشرف المهنة.