٭ اتصل علىَّ أحدهم لا أعرفه ولم يعرِّفني بنفسه، واعتذر لي عن ذكر اسمه او صفته واخفى رقم هاتفه الجوال بطريقة «مخفي» تلك الخدمة التي تقدمها شركات الاتصالات لمن يطلبها بمقابل معلوم وقد تحدث معي المتصل ويبدو أن معالجتي المطولة امس بهذه الصحيفة لم تعجبه حيث صوبت انتقادات محددة ليس لاخفاق المحليات في درء آثار السيول والأمطار والتحسب المبكر لفصل الخريف المعلوم الأشهر و«المنازل» فحسب، بل الاخفاقات التاريخية التي لازمت المستوى الثالث من مستويات الحكم الثلاثة منذ الإقرار الدستوري لتطبيق نمط الفيدرالية اللا مركزية الماثلة الآن في السودان. ٭ المتصل في ظني وليس كل الظن إثم، معتمد محلية قد مسه الانتقاد الملطف لطريقة تعيين المعتمدين والتي لا يخلو بعضها من محاصصة الجهة والقبلية و الأثنية و«الشلة»، وهذه الأخيرة حتى لو لم يكن المعتمد من أهل الولاء السياسي وقد ابتدر حديثه قائلاً يا معاوية يا استاذ يا دكتور عينك في الفيل وتطعن في ظله، ثم اردف قائلاً كيف يستقيم ظلّ المحليات وعودها الحكم الفيدرالي اللا مركزي أعوج؟ المحليات تحتاج لمراجعات دقيقة في تقنين وضعيتها السياسية والإدارية والجغرافية والاقتصادية وجدواها الأمنية وهي تحتاج للتمويل او تركها لتوجد لنفسها الموارد اللازمة لتنفيذ برامجها ومشروعاتها وتسيير مهامها كمستوى من مستويات الحكم الثلاثة وبحديث المتصل والذي قدّم من خلاله اشارات وقرائن تدل على أنه احد معتمدي المحليات بالسودان الواسع العريفي كأنه اراد القول بأن معتمدي المحليات وكل اجهزة الحكم المحلي قد تم القائها في «البحر» وقيل لهم إياكم أن «تبتلوا» بالمياه على غِرار قول الشاعر: والقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك ان تبتل بالماء جُل المبررات التي يبررها المتصل في دفاعه عن المعتمدين والمحليات في العاصمة الاتحادية وبقية الولايات معظمها صحيح وهذا ما يستدعي ايجاد معالجة فورية وناجزة لتجربة الفيدرالية القائمة على اللامركزية والمطبقة في السودان منذ النصف الأول من عقد التسعينيات في القرن الماضي والتي حققت بعض المنافع للهامش السوداني، وبدأت في تجسير فجوته مع المركز وتقليل حالة احتقانه التي دفعت بعض أبنائه في دارفور وجبال النوبة وشرق السودان وتلال الأنقسنا للثورة على السلطة المركز ية عن طريق حركات الاحتجاج المسلح. هذه المعالجة الفورية والناجزة أملنا في يقدمها مخططها صديقنا الدكتور فرح مصطفى الوزير بالمجلس الأعلى للحكم اللامركزي حتى ترى حظها من التداول نسبة لان اخفاقات الحكم المحلي وأجهزته لا تحتاج لكثير عناء، وظني ان رئاسة الجمهورية باعتبارها المستوى الأول والأسمى للحكم بالبلاد وترتيب الاحداث ما يسعد المواطن المتضرر الأول من هذه الاخفاقات.