تحت هذا العنوان نظم مركز الفيدرالية للدراسات بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للتنمية، ورشة عمل بمقر المجلس التشريعي لولاية شمال كردفان يومي 20 21 ابريل الحالي، ولقد منحني الحظ فرصة المشاركة في هذه الورشة الناجحة. فكرة الورشة التي تنظم تشمل عدداً من المجالس التشريعية، هي بناء قدرات الإخوة اعضاء المجالس التشريعية، وبالتحديد في مجالات الحكم المحلي وتشريعاته والعلاقات الرأسية والأفقية بين أجهزة الحكم وقسمة الموارد المالية بين حكومة المركز والولايات والمحليات. وشرف هذه الورشة وخاطبها د. أحمد علي محمد عبيد الله رئيس المجلس التشريعي، وركز في كلمته على أهمية التوسع المعرفي بالنسبة للتشريعيين، خاصة في مجال التشريع والرقابة. وكان دائم الحضور والمشاركة والمداخلة في موضوعات الورشة حتى ختامها، مما يؤكد اهتمامه بأمر الورشة والحوار الجاد للخروج بتوصيات تفيد في اتخاذ القرارات الصائبة في مجالات القوانين واجازة الخطط والبرامج. هذا وكانت الورشة قد استعرضت ثلاث أوراق علمية، وقدمت الورقة الأولى الاستاذة أنا لورمان من منظمة الاممالمتحدة للتنمية حول أساليب ونهج اصدار التشريعات والمراحل والاجراءات التي يجب ان تتبع عند تقديم أية مبادرة تشريعية، ومراحل القراءات المختلفة وايداع القوانين ومناقشتها حتى مرحلة اجازتها لترفع للتوقيع عليها وبداية سريانها. كذلك تعرضت الورقة لدور الرقابة البرلمانية ومسؤولياتها وكيفية اتخاذ الوسائل والأساليب والآليات المتبعة من خلال القانون واللوائح، حتى تتم الرقابة والمساءلة على المستوى الفعال. وهذا من أهم أدوار المجالس التشريعية من خلال الاستماع للجهاز التنفيذي، ومناقشة وطلب التقرير والمعلومات، حتى تتم عملية الرقابة من واقع بسط المعلومة ودراستها وتحليلها واتخاذ القرار بشأنها. كذلك تحدثت الورقة عن اجراءات ايداع مشروع الموازنة العامة وطرحها في مراحل ثلاث قراءات، واتاحة الفرصة كاملة لكل الاعضاء للادلاء بآرائهم حولها، والاستعانة بالخبرات الفنية من خارج المجلس، خاصة في مسائل منها آثار القرارات المالية على المجتمع، وطلب الاستعانة بمنظمات المجتمع المدني في بعض الأمور لضمان مشاركة واسعة في الأمور الحياتية، وضرورة متابعة أداء الموازنة بشكل دوري في مرحلة تأييد تقارير المراجع العام بعد تنفيذ الموازنة، للتأكد من أن الموازنة لم تكن حبراً على ورق، وانه نفذت وفق ما أجيز دون تجاوز أو تقاعس. وعكست الورقة تجارب بعض البلدان في مسائل ومجالات تمويل التنمية، سواء أكان ذلك عبر الحكومة الاتحادية والولايات. كذلك قدم السيد علي جرقندي ورقة العلاقة بين مستويات الحكم في ظل اللامركزية الفيدرالية، وكانت ورقة مهمة جداً قدمها خبير خدم في مجالات الحكم المحلي ردحاً من الزمن، واستعرض الورقة بمهنية عالية د. عبد الله اسماعيل. وتعرضت الورقة لمستويات الحكم الثلاثة المركز، الولاية والمحلية، وقانون الحكم المحلي الذي فصل في أدوار كل مستوى حكم. وتعرض الباحث إلى ضرورة التناسق بين أدوار ومستويات الحكم لتحقيق التواصل بين وحدات النظام وتحقيق الاستقلالية المعقولة. كذلك تعرض الكاتب لعلاقة المعتمد مع مستويات الحكم الأخرى، اذ انه ليس إلا عضواً مراقباً بمجلس وزراء الولاية، رغم انه رئيس حكومة المحلية، ويراقب الاداء التنفيذي بها ومساءل لدى مجلس المحلية. وكذلك تعرض لدور اللجنة الشعبية وضرورة الاجتماع بها لكونها مسؤولة عن الخدمات وتؤكد المشاركة الشعبية. واختتمت الورقة بالحديث ضرورة تجديد وتطوير العلاقة بين مستويات الحكم بما يدعم اللامركزية والارادة الشعبية. كذلك قدمت ورقة ختامية حول الفيدرالية المالية، عرفت الفيدرالية المالية بأنها تواكب الفيدرالية السياسية والادارية التي أصبحت جزءاً من منظومة الاصلاح السياسي والانفتاح، وان الموارد وسلطة جمع الايرادات يجب أن توزع بين مستويات الحكم الثلاثة المركز، الولاية والمحلية، وبتوازن ومراعاة لضرورة الكفاءة التي تجعل من المحليات أقدر على تقديم الخدمات ومتابعة إنفاذ المشروعات من المركز. وبالتالي يجب أن تذهب الاموال لمناطق اقامة المشروعات، ومنح مستويات لحكم الادنى سلطة جمع الايرادات وصرفها، بهدف زيادة الموارد المخصصة أصلاً للولايات والمحليات. وأشارت الورقة إلى التطور الذي لازم مسار توزيع الموارد بعد اتفاقية نيفاشا ودستور 2005م، حيث زادت المبالغ المخصصة للولايات من 10 15% في السابق إلى ما يقارب 50% في موازنة 2011م. وهذا تطور حميد نال الرضاء والقبول من الولايات، على اعتبار أن ذلك حق وليس منحة من المركز. كذلك تعرضت الورقة إلى ضرورة أن توضع السياسات الاقتصادية بما في ذلك سياسات الضرائب وسياسات البنك المركزي، بما يراعي عدم احداث آثار سلبية على اقتصاديات الولايات. وكمثال فإن ولايات الانتاج التي يصدر منها السمسم والذرة والصمغ العربي والثروة الحيوانية لا يراعي عند وضع السياسات الخاصة بالصادر وسعر الصرف أية مصالح تخصها وتوثر سلباً على تجارتها وانتاجها. كذلك ضرورة الأخذ في الاعتبار مصالح الولايات في سياسات الاستثمار وتنمية المناطق الاقل نمواً باعتباره هدفاً من الاستثمار الاجنبي. وكذلك ضرورة توزيع المشروعات القومية بعدالة حتى تشمل كل الولايات. وأخيراً تعرضت الورقة لمفوضية تخصيص ومراقبة الايرادات التي تتولى قسمة الموارد ومتابعتها، وضرورة تطوير معايير القسمة وإشراك المجالس التشريعية في نشاط المفوضية، لأن ما تقوم به حتى الآن جيد ولكن يحتاج لمشاركة من الولايات في اتخاذ القرار العادل الذي يحقق الشعور بالمساواة. وقد كانت الورشة ناجحة، وكان مستوى الحضور والمشاركة عالياً، والحوار ينبئ عن تجاوب وفهم لدور المجالس التشريعية في الرقابة والتشريع.. وشكراً لرئيس المجلس أحمد علي عبد الله وكل أعضاء المجالس، على حسن الضيافة والكرم الكردفاني.