في صغري..كنت مولعة بقراءة الكتب والمجلات القديمة، كانت تدفع بخيالي بعيداً، حيث أشعر أحياناً أني جزء من أبطال القصة، في بيتنا مكتبة ضخمة، تضم عدداً كبيراً من الكتب والمجلات، تخص أفراد أسرتي ووالدي، من بين مئات الكتب كنت أقضي معظم يومي غائصة بحثاً عن مجلة (صباح) التي تنشر رسومات رائعة لعائلة من الضفادع عُرفت باسم عائلة (فنجاط)، كانت تأسرني جداً، وأحياناً أجبر خالتي الصغرى التي تكبرني بأعوام على قراءتها لي عندما أنهك من كثرة تتبع القصة وعادة ما تكون طويلة. عائلة (فنجاط) وزوجته اللئيمة ومعشوقته (كليو) الجميلة و(رباط) العجيب، وحماة فنجاط، كل هؤلاء جعلوا طفولتي رخوة، ورائعة، ما دفعني لتذكر هذه القصة، هو رسالة بعث بها أحد أصدقائي لمجموعة (واتساب) تحمل صوراً ل(فنجاط) وزوجته تبادلان حديثاً بالعامية. قال (فنجاط):يا ولية وزير الصحة جفف المستشفيات وقبَّل على المستنقعات)!. وردت:(يا راجل ما تتكلم في السياسية بتجيب لينا الفقر). أردف:(سياسة شنو؟ ده قال ياكلونا)، ردت بذهول:(سجمي! يا فنجاط يا كلونا كيف الكيزان ديل جنو)؟!، كانت العبارة الأخيرة لزوجة الضفدع معبرة جداً وكأنها لسان حال الشعب السوداني بعد ربع قرن من الزمان، يا إلهي كم مأساتنا عظيمة، علمت الآن .. كيف وصل عدد مرضى السكري في السودان ل(2) مليون من جملة السكان، وفقاً لآخر إحصائية من وزارة الصحة، إضافة الى أن ربع السكان ايضاً مصابون بمرض ارتفاع ضغط الدم. لا أدري كيف كان يفكر الوزير مأمون حميدة وهو يدلي بتصريحاته الأخيرة التي قال فيها:«القضاء على البعوض الذباب سهل، ولكن الضفادع غنية بالبروتينات ويمكن أكلها). وأثارت ضجة كبيرة وسط قطاعات واسعة، ولا أدري أنا ما هي الحالة التي تتلبس وزراءنا ومسؤولينا بينما يتحدثون للاعلام؟؟، هل تكون قواهم العقلية بحالة مستقرة ، ام ماذا؟؟، مسألة التصريحات الصحافية المستفزة التي تصم آذاننا وتؤذي عيوننا صبيحة كل يوم ونحن نطالع الصحف لمسؤولي الانقاذ بحاجة لمراجعة، لا يغرنكم صبر الشعب السوداني عليكم، ولا تثقوا بأن صمته ضعف، او حباً في حكمكم، وانما هي شيمة السودانيين الصبر حتى نفاذ الصبر، مسألة ضبط التصريحات الاعلامية للمسؤولين باتت ضرورية، حتى يكفوا عنا أذاهم، فيكفي سياساتهم الرعناء الفاشلة التي أودت بالبلاد والعباد الى درك سحيق.