*لم استحسن حقيقة التصريحات المنسوبة لبعض نواب مجلس تشريعي ولاية الخرطوم الكرام حول تخوفهم من حدوث انفلات امني بالولاية رغم ايرادهم لبعض الحالات والمؤشرات التي ساقوها، ولم استحسن الأمر لأن الأمن حالة معنوية قبل أن تكون فعلاً ويمكن بالتالي من خلال تصريح أن تحدث اكبر قدر من الأمن ممكناً بين الناس وبتصريح آخر يمكن ان تتسبب فيه حالة انفلات امني ما كانت قائمة على الأرض اصلاً *لا تقليل مما يحدث على الأرض من ظواهر مزعجة هنا وهناك بل الأدعى التصدي لها وقتلها في مهدها وقبل أن تستفحل من مستصغر الشرر فتغدو ناراً، ولكن وبما ألا شيء يدعو لكبير قلق فالأجدى بالنسبة للسادة نواب تشريعي الخرطوم الكرام الانصراف الى ما هو واقع وماثل بين الناس من حالة انفلات اقتصادي بدلاً عن نشر التشاؤوم بحدوث انفلات امني وكأن الناس ناقصة! *نعم.. تعيش الخرطوم وبقية الولايات حالة من الانفلات الاقتصادي المريع والمخيف والذي يسير بخطى سريعة ومزعجة في ذات الوقت، فالشخص الواحد بات من الممكن أن يشتري السلعة الواحدة من ذات المتجر وفي ذات اليوم بسعرين مختلفين ناهيك أن يعود لشراء ذات السلعة في اليوم التالي! *في الماضي كان ارتفاع الأسعار يخص سلعاً بعينها. صحيح أن أسعار هذه السلع ما كانت تنخفض حتى بعد زوال أسباب الارتفاع ولكن كانت بقية اسعار السلع تظل ثابتة على غير ما يحدث اليوم والذي لا توصيف أمثل له سوى انه حالة انفلات اقتصادي كامل. أما الأكثر ايلاماً في الأمر، إن ارتفاع الأسعار ضرب سلعاً استهلاكية كانت حتى الماضي تمثل الغذاء الرئيس للفقراء من الناس مثل العدس والفول والسلطة الحمراء ملحق مع هذه طبعاً زيت الطعام فكيف يعيش الناس الذين كانوا يعيشون على هذه السلع ومن المستبعد طبعاً اللجوء لغيرها كبدائل مثل اللحوم البيضاء والحمراء والتي أصبحت عصية حتى على الأغنياء. *ليس على الجهات المختصة أن تسلخ جلد النملة بحثاً عن الأسباب. فالسبب واحد متمثل في سياسة تحرير الاقتصاد والتي لا تخضع السوق لأية رقابة تذكر اضافة الى عوامل ثانوية اخرى اهمها قرار رفع الدعم عن البنزين والذي كان من المأمول أن يكون دعماً للفقراء وخصماً من الأغنياء ولكنه اصبح عبئاً على الفريقين ولم يستثن احدا فالتجار زادوا سلعاً كانت متوفرة في مخازنهم ومتجارهم حتى من قبل إعلان ذلك القرار وأضافوا زيادة غير معقولة ولا مقبولة على كل السلع الاستهلاكية بحجة زيادة كلفة الشحن والترحيل وكأنهم وجدوا مبرراً لأمر لا يبرر مستغلين الى ذلك-السبب الرئيس وراء زيادة الأسعار والمتمثل في سياسة تحرير الاقتصاد حيث لا رقيب ولا حسيب. *إن الدولة مصرة على عدم إلغاء سياسة تحرير الاقتصاد وماضية خلال الأعوام المقبلة الي رفع الدعم عن سلع مهمة وتمس العصب وربما لها مبرراتها في ذلك وبما أن (الحكومة ما بتداوس) كما يقول المثل السوداني القديم فالأفضل للناس-خاصة جمعية حماية المستهلك من تفعيل آليات المقاطعة حتى يتم الجام السوق وتأديب التجار. *إن الإعلان عن مقاطعة سلعة معينة ولفترة معينة تجربة أثبتت نجاحها عند حملة مقاطعة اللحوم قبل فترة حتى بات البعض ينادي بأرخص الأسعار ولا مجيب ولا مشترٍ واليوم الحاجة مماثلة لقيام جدول للمقاطعة يوم لمقاطعة الألبان حتى تصبح اجباناً وآخر للفول وثالث للحوم وهكذا وقد يحتمل الناس وهم اصلاً محتملون يوماً بلا لحوم او ألبان او فول ولكن التجار لا يحتملون خسارة جنيه واحد وليوم واحد وهم الذين تعودوا على أرباح مئات الآلاف من الجنيهات في اليوم الواحد..