في قرار تاريخي يحسب لنزاهة وعدالة القضاء السوداني، برأت محكمة الصحافة والمطبوعات، المنعقدة بمحكمة جنايات الخرطوم شمال، برأت صحيفة «الوطن» من تهمة إشانة السمعة لوزير الزراعة، عبدالحليم المتعافي، وشطبت المحكمة - التي ترأسها القاضي مدثر الرشيد - البلاغ المدون تحت المادة «151» من القانون الجنائي، والمتعلقة بإشانة السمعة، في مواجهة رئيس التحرير، الأستاذ عادل سيدأحمد، ورئيس قسم الأخبار، عبدالوهاب موسى، على خلفية تناول الصحيفة لنزاع بين الشاكي والمواطن الطيب الحاج، حول شراكة، علاوة على نقد الصحيفة للوزير بوصفه شخصية عامة، والمطالبة بإقالته، وأكدت المحكمة على صحة المعلومات والمستندات التي نشرتها الصحيفة في سياق نقدها للمتعافي، ورأت أن ممثل الدفاع عن الصحيفة، الأستاذ الطاهر محمد خليفة المحامي، استطاع إثبات وقائع ما جاء في متن النشر بالمستندات، وأنه نجح في إثبات قضية الدفاع عن موكليه. وأشارت المحكمة إلى أن ما أورده ممثل الاتهام، بأن الشراكة لا زالت قائمة بين شركة المتعافي وإخوانه. هذا وقد قام رئيس التحرير بتقبيل رأس العم الطيب، والذي كان قد تقدم بدعوى في مواجهة المتعافي. ، وشركة الطيب الحاج أحمد، لا تصلح للاتهام، ومضى قاضي المحكمة، مدثر الرشيد - لدى تلاوته للقرار - إلا أن ورود كلمة «الفي إيدو القلم»، التي تناولتها الصحيفة، يندرج تحت وصف النقد المباح، وهذا ما كفله القانون لكل شخص من باب حرية التعبير، وعليه إن العبارة المنشورة جاءت استناداً لواقعه صحيحة، وكما أن كل ما ورد في النشر لم ينكره وكيل الشاكي. وكان ممثل الدفاع عن الصحيفة، الطاهر محمد خليفة، قد تقدم لدى المحكمة بمستند دفاع، عبارة عن إقرار من الشاكي بالشراكة، وفي موازاة ذلك ذهبت المحكمة إلى أن الصحيفة كانت قد منحت الشاكي المتعافي في حق الرد، على ما أورد، ونشرت له رداً، وعليه فإنه مارس حقه القانوني في الرد، ولم تحرمه منه، هذا إلى جانب أن دفاع المتهم نجح في إثبات أن ما نشر كان بحسن النية، بني على أسباب معقولة، وبالتالي تنتفي جريمة إشانة السمعة، وأن الصحيفة مارست دورها الإيجابي للمتلقي، لإظهار أمكان القصور، مما يدلل على حيادية الصحيفة.وعقب الفراغ من تلاوة حيثيات القرار، أمرت المحكمة بإطلاق سراح المتهمين «عادل سيدأحمد، وعبدالوهاب موسى» فوراً، وشطب دعوى التعويض الذي كان قد طالب به الشاكي المتعافي، وهو ما قيمته «500» مليون جنيه، وذلك لفشل موكله ممثل الاتهام في إثبات حدوث أي ضرر على الشاكي، وأن أقواله ليست بينة تثبت الضرر. ويذكر أن النيابة كانت قد شطبت الاتهام بإشانة السمعة، غير أن الشاكي استأنف، وأحيل البلاغ إلى المحكمة، والتي بدورها شطبت الدعوى. وتعود تفاصيل الدعوى إلى نشر «الوطن» حيثيات نزاع بين د. عبدالحليم المتعافي وإخوانه كاصحاب شركة النوال، والمواطن الطيب الحاج صاحب شركة فوز روم، حول شراكة في محصول زراعي بمنطقة جريوه بالنيل الأزرق، وكانت شكوى المواطن الطيب الحاج «للوطن» تتركز حول مستحقاته من عائد الشراكة، بعد تخزين محصول زراعي، تسلم المتعافي مفاتيح المخازن المملوكة للطيب الحاج، حيث المخزون الزرارعي بإقرار مكتوب بيده. وما يجدر ذكره أن المواطن الطيب الحاج كان تقدم ببلاغ ضد المتعافي بشرطة بحري، وسلم نسخة من الدعوى لحضور المتعافي «للوطن»، وشفع المواطن الطيب الحاج شكواه ضد المتعافي بالمستندات والأدلة.وتشير «الوطن» إلى أن الجلسة شهدها عدد كبير من المواطنين، الذين اكتظت بهم قاعة المحكمة، حيث قابلوا القرار بالتصفيق لانتصار الصحيفة لقضاياهم.