الوفاء صفة إنسانية وحضارية لمن يعرف الجميل، والتذوق الغنائي والإلهام والشعور النبيل، وكلما طالعت كتابات استاذي د. عبد اللطيف البوني وبالذات وبعيداً عن السياسة والهم والكد أحده يرفدني في كل مرة بمعلومة جديدة عن عشقه للفنان الذري إبراهيم عوض – عليه رحمة الله – فقد أبدع وأطرب وأشجن وأبهج، هيج الذكريات التي لن تندمل، وكل واحد فينا له عشق خاص ومحبة خاصة، وبعد فترة طويلة اكتشفت لماذا يهيم د. البوني أشد الهيام بالمطرب إبراهيم عوض ولماذا كل هذا الحب والعشق الذي يصل مرحلة الإدمان والسبب أن خاصية التطريب موهبة نادرة وغالية وفريدة ومنزلة لا ينالها إلا القلة، تخاطب أحاسيس الناس، وتبعث الذكرى بينهم وتدغدغ كوامن المدسوس فيهم لن يستطيع إمتلاك تلك الموهبة إلا من عاشها بنفسه حباً وريادة، فالبوني يهيم عشقاً ليس بالفنان الذري بل الشاعر عبد الرحمن الريح أيضاً – عليه رحمة الله – قد شكلا ثنائية قل أن يجود بها الزمان، التقيا على المحبة الصادقة والكلمة النبيلة واللحن الشجي، والتطريب الذي لن يناله إلا من ذابت روحه الشفيقة حباً لهذا الفن وكثيراً جداً من الثنائيات الفنية لم تصمد أمام أمواج التغيير والتدخلات الخارجية إلا المبدعين إبراهيم عوض وعبد الرحمن الريح شكلا لوحة فنية وإبداعية ورمزية في المغنى وسطرا أجمل الألحان وما استقصى من الكلام والمفردات فكانت عذوبة اللحن تسري في الوجدان كما الماء والهواء العليل في ليلة صيفية، بالله كيف طرق هذا الدرب القاسي الذي يعاني منه العشاق الأرق، السهر، الفراق الخداع، الظروف المستحيلة الأمل الذي يبدو كبيراً كل يوم ثم يبدو صغيراً ثم يتعذر وكيف استطاع أن يعتلي هامات النفوس بهذه المحبة الجميلة وكيف خاطب وجدان الإنسان المرهف وهي عملية شاقة وإلابداع فيها صعب ووظف كل ما يملك من إمكانيات فنية راقية، إبراهيم عوض، عبد الرحمن الريح مسرح كبير في الحياة كل يؤدي دوره ولا ينتظر النتائج وتظل حدائق العشاق تتغنى شواديها بلحن الحياة وتطرب كلما شد زمن المغنى بالأمل والذكرى والوداع واللقاء المنتظر والهروب من المصير، وكلما تنادت تلكم الكلمات والمفردات والالحان الشجية بذلك النداء الحب والوعد والحبيب الغائب أنشودة يطرب لها الجميع دون استثناء فهي تلامس القلوب دون استئذان وتعربد في الحنايا حروفاً ليوم اللقاء حتى لو كان ذلك البعaد يرضى الحبيب والشقي والغياب والبيوت التي تنور في انتظار الغائب، التحية للدكتور. البوني فما زال ذلك الفتى الأنيق يمشي بيننا ويبني فينا عش المحبة ويسطر أسمه في دواخلنا مهما طال البعاد والفراق والشجن الأليم. إلى أن نلتقي ... يبقى الود بيننا [email protected]