ستضع الحرب أوزارها،بعودة هجليج إلى حضن الوطن،بعد أن ردت قواتنا المسلحة العدوان الغادر، الذي وجد الإدانة داخليا وخارجيا .. ما جرى ليس نزاعاً داخلياً،وإنما عدوان من دولة «ناشئة» على الدولة «الأم»، ولدت الأولى من رحم اتفاقية السلام 2005،وكان عليها أن تجنح إلى السلام والاستقرار،لا الحرب والعدوان.. وما حققه الجنوبيون بالسلام والمفاوضات أكثر ما كانوا يحلمون بتحقيقه بقوة السلاح .. إن احتلال هجليج خطوة مجنونة، بحسابات خاطئة، فكل المنظمات الدولية والإقليمية والدول ، بما فيها الولاياتالمتحدة، أدانت هذا العدوان . إن قادة الجنوب وفي مقدمتهم سلفاكير، لا يتعاملون كرجال دولة، لا زالوا أسرى لماضي الغابة. المغامرة غير المحسوبة أدت إلى نتائج وخيمة على الدولة الوليدة،قضت على «الحريات الأربع» في مهدها،ووضعت اتفاقية السلام الشامل في مهب الريح،لان هذه المنطقة شمالية، لا نزاع حولها،وهذه المغامرة تضع شكوكاً حقيقية حول نوايا جوبا في التوصل إلى حلول حول القضايا المتبقية، وليس من صالحها التمادي في نقض «عهد السلام» .. ومن يشعل النار ستحرقه،ومن يغامر بمستقبله سيكون هلاكه، ويصبح كمن يحفر قبره بظلفه.خطورة هذه الحرب أنها تمس مصالح المواطن،فمنشآت النفط ، ممتلكات عامة تظل باقية،والحكومات فانية،ذهبت أنظمة وحكومات منذ الاستقلال،لكن ممتلكات الشعب ظلت باقية،يدافع عنها ويرد العدوان عليها،وان كان الهدف خلق أزمة اقتصادية، فهذه قد ارتدت إلى الجنوب في نحره، وهو الدولة «المقفولة» وشريان حياتها السودان،ومصالح مواطنيها في علاقة جوار حسنة،وتبادل المصالح والمنافع،ومن يكون خياره الحرب سيضع كل ذلك في مهب الريح. وإن كان الهدف المساومة بآبيي، فهذا رهان خاسر، وسوء تقدير،وكان يمكن أن تكون الحدود،مكانا للتعايش لا ميدانا للحرب،وأول ما خسره الجنوبيون «الهجرة إلى الشمال»، وبات مصيرهم العودة إلى مصير مجهول،لان دولتهم لم تضع نصب أعينها رعاية مصالحهم، أو مقابلة الإحسان بإحسان، ولم تع أن العلاقات بين الدول أساسها حسن العلاقات والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في شؤون الغير، ومن اتخذ قرار الحرب في الجنوب، نسف بطلقة واحدة الأمل في جوار«آمن» ومستقبل «واعد». السودانيون بطبعهم يجنحون إلى السلام، ويرفضون العدوان ،لكنهم في ذات الوقت أنهم «بأس يتجلى» عند الشدة ،والدفاع عن حياض الوطن ،وفي اتجاه آخر،لابد من مراجعات،و إعادة الحسابات، على صعيد الحوار الوطني،فلابد من طريق ثالث، وأن تلتقي جميع الأطراف، حكومة ومعارضة، حول صيغة انتقالية جديدة،وانتخابات حرة ونزيهة،تؤسس الجمهورية الثالثة على التراضي،ودولة القانون والمواطنة،لان مشاكل البلاد اكبر من أن يحلها حزب واحد.لابد من قرارات مصيرية،وتنازلات لصالح الوطن،وحان وقت المحاسبة،فليذهب كل من أخطأ ، مهما كانت مكانته،وليبق الوطن شامخاً بين الأمم، وليبق السودان . وبالعودة إلى العنوان، فإن دولة جنوب السودان عليها أن تدرك أنها بتصرفها الأخرق وضعت نفسها أمام هذا السؤال؟ والرأي الذي تبلور الآن أنها وضعت نفسها في الخانة الأولى. أما قبل: تربطني بالزميل عادل سيد احمد،رئيس التحرير،صداقة وزمالة مهنة وطيدة،استجبت لنصيحته بكتابة هذه الزاوية للتواصل مع القراء و صحافة «الوطن»،حتى إذا عدت أجد مكانا في ذاكرة «صاحبة الجلالة» التي عرفتها منذ 25 عاما،وتجد سطوري طريقها إلى عقول القراء الأعزاء، بعد إذن «كفيلي» الزميل النور احمد النور رئيس تحرير الصحافة التي اراساله من الدوحة حيث أقيم منذ 1998.