سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في صالون الراحل سيدأحمد خليفة«1» السيسي ودانيال كودي في مواجهة الصحافة:
السيسي: نعمل على تذليل كل العقبات التي تواجه اتفاق الدوحة
دانيال كودي: ثلاثة حلول للوضع في جنوب كردفان والنيل الأزرق
وجوه جديدة وقضية جديدة في صالون الراحل سيدأحمد خليفة أمس، وهو يواصل مسيرته من أجل الوطن السودان الذي يسع الجميع بكل سحناتهم وقبائلهم وأعراقهم وإثنياتهم وثقافاتهم .. الصالون يزداد ألقا، وهو يصل إلى مفاصل كل قضايا الدولة، ويحلل ويشخص ويكشف الداء ويضع العلاج .. أمس كانت ملحمة فكرية وحوارية بين الصحافة والسياسة، وهي ملحمة واقعية لم يكن هناك تلميس ولا مجاملات ولا تخفي حول الستائر الفضفاضة، التي تسع الجميع. الدكتور التجاني السيسى، قادته أجواء الصراحة والأسئلة المباشرة إلى أن يكون واضحاً في إجاباته، قوياً في عباراته .. أما الفريق دانيال كودي، فقد أراحه جو الصالون، وأطلق العنان لكلماته، وتحدث عن كل شيئ، منذ أن كان في الحركة، إلى أن اتخذ موقفه الأخير. الأجواء في الصالون كانت ساخنة، والحضور متميز، والقضايا موضوعية، تستحق النقاش والحوار .. جنوب كردفان اشعلتها الحركة الشعبية، وأوقفت مشاريع التنمية التي تهم إنسانها في المقام الأول، ودارفور أطفات نارها إتفاقية الدوحة، التي تضع أولى خطواتها .. برعاية شخصية من شعب دارفور، الذي وضع كل آماله في هذه الاتفاقية، لتضع حداً لمعاناته. رسائل غير مطمئنة افتتح الصالون الفريق دانيال كودي بالحديث عن جنوب كردفان وحزب الحركة الشعبية المسجل، وقدرته على إيقاف ما يحدث هناك، وقال جمال عنقرة - وهو يقدم للحضور محاور الصالون - إن الأخ دانيال كودي أحد قيادات منطقة جبال النوبة وجنوب كردفان، وإن الحرب تدور الآن هناك، فهل هذا الحزب - الذي يقوده - جاء لمعالجة أخطاء السلام السابقة؟، أم هل هو نافذة للحوار؟، وما هي رؤيتهم للحوار؟، كل هذه قضايا شائكة، تحتاج إلى أن نسمع فيها من حزب الحركة الشعبية المسجل، لعلها تعيننا في قراءة المستقبل. دانيال كودي اعتدل في جلسته، وبدأ حديثاً هادئاً مرتباً قال فيه: اعتقد أن الموضوع كبير، وليس من السهولة أن نغطيه كله في هذا الصالون، وعدد كودي الأسباب التي قادت إلى اشتعال الحرب، منوها إلى أنه في العام 2006م، بعد توقيع اتفاقية السلام، اتفق الطرفان - المؤتمر الوطني والحركة الشعبية - على ألا تكون هناك حرب مرة أخرى، ولكن الذي حدث بعد الاتفاقية، أن هناك كثير من الاخفاقات التي حدثت في التنفيذ، وظهرت أكبر مشكلة في تفسير نصوص الاتفاقية، مثل المشورة الشعبية، فقد اجتهد كل طرف في تفسيرها حسب مصلحته، فاندلعت الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، بسبب عدم تنفيذ الاتفاقية في موعدها، خاصة المشورة الشعبية والترتيبات الأمنية، ويمضي دانيال كودي مؤكداً بأن هذه القضايا كان يجب أن تعالج قبل الاستفتاء، لأنها قضايا مصيرية وحساسة .. وعدم معالجة هذه القضايا - حسب كودي - أفرز نوعاً من عدم الارتياح وعدم الثقة في التنفيذ. وارتفعت نبرة الفريق دانيال كودي، وهو يؤكد بأن الحرب الدائرة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، لا علاقة لها بإنسان جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهناك ضباط كبارفي الحركة الشعبية من المنطقتين لم يسمعوا بالحرب إلا بعد أن اندلعت. وحول الوضع الآن في جنوب كردفان، قال كودي بأن الواقع الآن يقول إن هناك ثلاثة محليات تحت سيطرة الحركة الشعبية، هي هيبان، البرام، وباو، وإن المعارك التي دارت في هجليج والأبيض، كان الغرض منها فتح منافذ للحرب من الجنوب إلى الشمال. وجزم كودي بأن الحرب في المنطقتين لا علاقة لها بهموم وقضايا إنسان المنطقتين، وأن الجبهة الثورية تكوينها القيادي ليس فيه أي شخص من جبال النوبة على مستوى القيادات بينما 86.3 من المقاتلين من جنوب كردفان والنيل الأزرق، وهذا يدل دلالة قاطعة على أن الهدف هو إسقاط النظام، وليس مشاكل إنسان جنوب كردفان والنيل الأزرق. وكشف دانيال كودي - من خلال حديثه في صالون الوطن - عن أوضاع مأساوية في المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية، وأن المواطنين هناك عانوا كثيراً، خاصة في تغيير العملة، وأنهم يتعاملون بطريقة الحركة الشعبية «المقايضة». ثلاثة حلول: وقدم دانيال كودي ثلاثة حلول لحل المشكلة في المنطقتين، أجملهما في حلول محلية، وتتركز في العمل السياسي الداخلي بين مواطني الدولتين، وتفعيل دور الإدارة الأهلية في مخاطبة الآخرين بأن الحرب ليست لها نتيجة، وفي إطار الحلول المحلية جاء تكوين حزب الحركة الشعبية وتسجيله، وأنهم قدموا - من خلال الحزب - برنامجاً مهماً جداً، وهو إيقاف تدفق منتسبين جدد إلى الحركة الشعبية، وقدمت مبادرة لإيقاف الحرب، وتنفيذ المشورة الشعبية والترتيبات الأمنية، وأضاف كودي بأن هنالك أيضاً حلول شمالية جنوبية بين حكومة الشمال والجنوب، ورؤساء البلدين يملكان الشجاعة الكاملة لتحقيق السلام، خاصة وأن الترتيبات الأمنية لم تطبق، وكل القوات التابعة للجيش الشعبي، بقيادة سلفاكير، ولا يمكن أن يتخذ قرار الحرب دون الرجوع إلى القائد الأعلى. والأسلحة التي تستخدم في جنوب كردفان، نحن قاتلنا لمدة «22» عاماً، ولم نكن نملك ولا دبابة واحدة، الآن دبابات الجيش الشعبي تجوب جنوب كردفان .. أما الحل الثالث الذي طرحه دانيال كودي - من خلال حديثه، وهو في غاية الآسف - فهو اللجوء إلى المجتمع الإقليمي والدولي، كالإيقاد وغيره، رغم أنه أكد أن وجهة نظره «لا للتدخل الأجنبي إقليمياً أو دولياً». مع سلفاكير وكشف كودي أنه عمل سكرتيراً لسلفاكير لمدة ثلاث سنوات، وأنه حينما اندلعت الحرب بجنوب كردفان، كان في جوبا، واتصل بعبد العزيز الحلو تلفونياً، ولم يرد عليه، واتصل بمولانا أحمد هارون، فرد عليه، فقال:(أي كان الذي بدأ الحرب منكما، فإنني أؤكد لكما موقفي الرافض للحرب، لأنها لن تخدم قضايا إنسان جنوب كردفان). وكشف أنه حاول «3» مرات الخروج من جوبا، ولكنه فشل. وفي المرة الرابعة، استخدم طريقته العسكرية وخرج، مبيناً أنه عندما كان يحارب، كان يحارب الظلم الذي حاق بولاية جنوب كردفان، وأضاف:(وناضلنا حتى عرف الجميع بأن هناك مشكلة، ووصلنا إلى حلول مقبولة، وكان يمكن أن تصل إلى أكثر من ذلك إذا تم تطبيق المشورة الشعبية. السيسي: لم أخرج غاضباً الضيف الثاني في الصالون، الدكتور التجاني السيسي - رئيس السلطة الإقليمية بدارفور - قدمه جمال عنقرة بمجموعة من الاتهامات التي رشحت في الصحف، ليبدأ من خلال الرد عليها حديثه، وهي ما رشح من خلافات داخل السلطة الإقليمية لدارفور، وبينها وبين المركز، وأن السيسي غادر السودان غاضباً .. وتفاصيل اللقاء الذي جمع بينه وبين الفريق بكري حسن صالح لمعالجة الخلافات. الاتهامات زادت من جدية السيسي وحماسه مع بداية الحديث، فبدأ صارماً في إجاباته قائلا: كل الذي نشر في الصحف كلام غير صحيح، وأنا غادرت إلى أثيوبيا بدعوة من الرئيس زيناوي لحضور منتدى بمجلس السلم الأفريقي، والدعوة وصلت قبل ثلاثة أسابيع، وخاطبت رئاسة الجمهورية، وعينت كبر مسؤولاً في فترة غيابي، ولم أخرج غاضباً، وعدت للبلاد. وكشف السيسي أن كل التسريبات في الصحف بشأن لقائي بالفريق بكري حسن صالح عارية من الصحة، وأنا والفريق بكري كثيراً ما نلتقي ونتشاور، والاتصال بيننا مستمر. إعادة نظر وقال السيسي:(إننا في اتفاق الدوحة كنا نعلم أنها المحطة الأخيرة، لذلك بدأنا باعادة النظر في تعريف قضية دارفور، وأنها ليست محصورة بين الحركات المسلحة والحكومة فقط، وذلك بفهم استصطحاب كل آراء أهل دارفور، وقبل التوقيع على الاتفاق عرضناه على أهل دارفور، من خلال مؤتمر أهل المصلحة، وبعد ذلك ذهبنا إلى توقيع الاتفاق، وليس هناك اتفاق مثالي، وكل الاتفاقات في الدنيا فيها بعض النواقص، المهم إننا وصلنا إلى اتفاق يحقق طموحات أهل دارفور .. ولم نكن نتوقع أن يكون الدعم الشعبي لهذه الاتفاقية بهذا المستوى الذي خلق زخماً كبيراً. اتفاقية الدوحة والتنفيذ: وأكد السيسي قائلاً:(إننا كسلطة إقليمية، من جانبنا عملنا كل ما يمكن عمله من أجل أن نبدأ بداية صحيحة، وأمنا المقرات والوزارات والمفوضيات وعملنا على تحسين الكادر السياسي، وأنهينا دراسة الهيكل بالتنسيق مع بعض إخواننا في الحكومة، ولكن هذه السلطة تتطلب إمكانات مادية، تم تأمين جزء منها، وإن الإشكال الذي واجهناه هو توفير المركبات للوزراء في دارفور، حتى يقيموا هناك، ويستطيعوا أداء عملهم على الوجه الأكمل). وكشف السيسي أن مهمته هي إدارة السلطة التنفيذية بكل مستوياتها، لتعمل على تنفيذ الاتفاقية، مضيفاً:(وإذا كانت هناك عوائق، فهي مسؤليتي المباشرة لتناول هذه القضايا مع الإخوة بالمركز، ولا نتوقع أن نستمر في تنفيذ هذا الاتفاق بطريقة فيها رتابة، بل نحن حاولنا أن نتفادى أخطاء الماضي، خاصة في تجربة أبوجا، وفي تعاملنا مع بعض الجهات الحكومية). شراكة متينة: وقال السيسي:(إن الشراكة في السلطة الانتقالية شراكة متينة، وليس هناك صوت نشاذ، وكل الناس حريصون على الحديث بصوت واحد، ويعملون بتناغم .. والسلطة لديها أولويات، منها العودة الطوعية للنازحين، والمعسكرات الموجودة في الدول المجاورة تشير إلى أن الوضع في دارفور غير طبيعي، وإن المشكلة الأمنية مازالت مستمرة، ونحن نقابل قيادات النازحين،و هناك رغبة قوية للعودة عند النازحين، ولكن يجب أن تكون عودة تلقائية، ونحن في السلطة لا يمكن أن نؤسس لعودة تلقائية دون أن تكون هناك ضمانات لخدمات أساسية يتم توفيرها قبل عودة النازحين، ومنها تأمين مناطق العودة، ثم بعد ذلك تقديم خدمات المياه والكهرباء وغيره). استقطاب إثني: وكشف دكتور التجاني السيسي - من خلال حديثه - أنه كان هناك استقطاب إثني وقبلي في دارفور، وأضاف:(وعندما عدنا إلى السودان، وبدأنا في إنفاذ اتفاق الدوحة، لحظنا أن هذا الاستقطاب الإثني والقبلي بدأ يتلاشي، وكنت دائما أقول لأهل دارفور وأهل السودان إن المدخل الأساسي لإنفاذ هذا الاتفاق، ووحدة أبناء دارفور، في إضعاف الروح القبلية والإثنية، والقضاء على هذا الاستقطاب، والآن بدأ أهل دارفور يتجهون نحو التوحد، وهذا يمكن أن يؤسس لإنجاح الاتفاق على الأرض). أما على مستوى الولايات الخمس، فقد قال السيسي:(إن هناك تنسيق كبير جداً وانسجام وتفاعل وتناغم بين السلطة والولايات، وهذه مسألة مهمة، لأن إنفاذ الاتفاق يعتمد على أن تكون العلاقة بين السلطة والولاة علاقة متينة، ولا بد أن تكون قوية، لأن مناصبهم نواب ورئيس للسلطة). وأكد السيسي أن العودة تحتاج إلى إمكانات، ورصد الأموال التي تسهم في تقديم الخدمات، وهناك استعداد كبير دولي وإقليمي لدعم مشاريع العودة الطوعية. التيم القطري للأمم المتحدة لديه استعداد للإسهام في ذلك، والمعونة الأمريكية أبدت رغبتها في الإسهام أيضاً، وبنك التنمية الأفريقي قدم إسهاماً لحفر الآبار في تلك المناطق، والأسبقية الثانية التي تحرص عليها السلطة هي إعادة الإعمار والتنمية، والتي تحتاج إلى مبالغ كبيرة. الحكومة التزمت بدفع مبلغ ملياري دولار في «6» أعوام، وهناك أيضا الدعم القطري، والآن نعمل لمؤتمر المانحين، الذي سيعقد بالدوحة. أما الأسبقية الثالثة، فهي ضرورة رتق النسيج الاجتماعي في دارفور، وهي مسألة مهمة جداً.. وكل هذه القضايا لا يمكن أن يتم تحقيقها إذا لم تتوفرت الاعتمادات والأموال، وهناك تحركات إيجابية الآن للإيفاء بالالتزامات المالية. تحول في الصراع: السيسي - في حديثه في صالون الراحل سيدأحمد خليفة - قال:(إن الشيئ المؤسف أن الصراع في داخل دارفور انتقل من ثورة إلى صراع إثني وصراع جهوي ونفسي، هذه التشققات موجودة في المركز، وفي كافة أحزابنا السياسية، وإن هذه القضية ليست مشكلة دارفور فقط، لذلك قلنا إننا نحتاج إلى أن نواجه هذه المسألة، لأن الاستقطاب الإثني أدى إلى إضعاف النزعة الوطنية القومية، لأن هذا الاستقطاب موجود في كل السودان، وهناك ضرورة لتحرك قومي لاحتواء هذه المسألة، وأن هناك جهات أجنبية كثيرة تسعى إلى تفتيت وحدة السودان). ومضي السيسي قائلاً:(إنهم حينما أنشأوا السلطة الانتقالية، لم يكن الاختيار عشوائياً، وإنما عدنا إلى بنود الاتفاقية، ولم نجامل في الوظائف والوزارات). تعويضات: وحول التعويضات، قال الدكتور السيسي:(إن التعويضات «300» مليون دولار، و«250» دولار، هذه مبالغ لإعانة الأسر العائدة، والتعويضات عبارة عن إجراء، لأنها تعويض عن خسائر، ولدينا مفوضية، ودراسة، ومقابلة نازحين، وإجراءات، وبعد ذلك يبدأ الصرف). حزب سياسي: وحول تحولهم إلى حزب سياسي، قال السيسي:(عندما تنتهي الترتيبات الأمنية، سنشرع في التحول إلى حزب سياسي، والترتيبات الأمنية وصلت إلى مرحلة التحقق، ثم نبدأ بتجميع قواتنا في نقاط معينة اتفقنا عليها، ونحن - كحركة - مصرون على الترتيبات الأمنية، حتى نتحول إلى حزب سياسي، وأكد السيسي أن منسوبي السلطة القديمة لا علاقة لهم، وإنما هي مسؤولية وزارة المالية، ولا علاقة لنا بها). السودان الجديد: وتساءل دكتور السيسي قائلاً:(بعد أحداث هجليج، هل طرح السودان الجديد كان طرحاً إستراتيجياً لتحقيق السودان الجديد؟ .. أم كان طرحاً تكتيكياً لمساعدة الحركة الشعبية لفصل الجنوب؟ .. وأنا كنت متردد منذ زمن في هذا الأمر .. ويجب أن لا ننظر إلى هجليج بعيداً عن هذا السؤال، وقلنا نحن في كل المنابر إن هذا تكتيك لاستخدام دارفور لتحقيق مآرب أخرى) .. وأكد السيسي أن السلام فرض عليهم «بالقطاعي»، وغالبية أهل دارفور مع اتفاق الدوحة، وهذا يعني أنهم ضد حمل السلاح .. فحتى يمتثل هؤلاء الذين يحملون السلاح، علينا جميعاً أن نتجه إلى حل قضايا السودان بالتفاوض والحوار). غداً التفاصيل كاملة