لم يترك والي القضارف، كرم الله عباس الشيخ - بخطوته «المفاجئة»، بإقدامه على حل حكومته في تصعيده لخلافاته مع وزارة المالية الاتحادية، فيما يختص باستحقاقات ولايته - أي مجال أو فرصة للمتعاطفين معه، للوقوف بجانبه، ومساندته، فخطوة الرجل وصفت - من قبل كثير من المراقبين، وأقرانه «الولاة» - بأنها خطوة «متهورة»، لن تقود إلى نتيجة إيجابية، أو لحل إشكالية مع المركز .. كما أن اعتماد الوالي على حاشية محددة - صغيرة في الوزن والحجم السياسي - في استشاراته، أورد به مورد المهالك، فدخل مطبات ومتعرجات خطيرة في ممارسته السياسية. ٭ وفد المركز: فور إعلان والي القضارف عن حل حكومته، وصل - إلى حاضرة الولاية - وفد رفيع المستوى، إلى المركز العام للمؤتمر الوطني، برئاسة الشريف أحمد عمر بدر، بعد أن فشلت اتصالات - من بعض قادة الحزب - في إثناء الرجل عن خطوته، وفور وصول وفد الشريف بدر، دخل الوفد في جلسة مغلقة مع الوالي الثائر. الوفد وجه انتقادات قاطعة إلى خطوة كرم الله، وأبلغوه برفض الحزب للخطوة، وخيروه بين «الاستقالة» أو «الإقالة»، والأخيرة لها طريقتان، إما عن طريق سحب الثقة منه، عبر المجلس التشريعي الولائي، أو عن طريق إعلان الطوارئ، وتعيين حاكم بديل للولاية. ٭ طريق ثالث: أيضاً دخل وفد المركز العام للمؤتمر الوطني في اجتماعات مغلقة مع كل من نائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية، علي محمداي الطاهر، ورئيس المجلس التشريعي، الأستاذ محمد الطيب البشير، كل على حدة، حيث أمن كل من رئيس الجهاز التشريعي الولائي، ونائب رئيس الوطني بالقضارف، على ضرورة الإبقاء على كرم الله في منصبه، مع تقديمه لاعتذار رسمي إلى قادة الحزب والدولة، عما بدر منه، وقالت مصادر مطلعة «للوطن» أمس: إن رئيس المجلس محمد الطيب اعتذر عن عرض ومقترح الوفد بأن يتولى منصب الوالي خلفاً لكرم الله عقب إقالته. وكشفت المصادر أن الطيب اقترح على الوفد أن يبادر كرم الله بالاعتذار إلى رئيس الجمهورية، ويعيد تشكيل الحكومة، ويعين نائباً قوياً له، بعدها يدخل في فترة إجازة لتلطيف وتهدئة الأجواء، ومن ثم يكمل فترته للحكم. وبرر رئيس تشريعي القضارف مقترحه بالإبقاء على كرم الله، بأن الرجل أُجبِرَ من قبل على الاستقالة أبان خلافه الشهير مع والي القضارف الأسبق، والي الخرطوم، د. عبد الرحمن أحمد الخضر، فأثارت تلك الإقالة في نفسه أشياء كثيرة، لذلك ليس في المصلحة إبعاده بالقوة، وإنما الأفضل تقديم النصح والإرشاد له، ليكمل مشوار حكمه. وأكدت الاجتماعات المغلقة على محاسن والي القضارف كرم الله وإيجابياته، وذلك بتقديمه لنموذج شفاف في الحكم، وحرصه على البلاد وحقوق مواطنيه، ونزاهته، وإخلاصه. ٭ كرم الله في حضرة الرئيس: من المنتظر أن يلتقي والي القضارف برئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير، برفقة وفد الشريف بدر. ٭ الدقير يتدخل: تلقى والي القضارف مكالمة مطولة من مساعد رئيس الجمهورية، د.جلال الدقير ,وقالت مصادر مطلعة «للوطن» أمس إن الدقير طلب من كرم الله التراجع عن قرار حل الحكومة، والاعتذار، وأخذ إجازة قصيرة الوقت، لتصفية الأجواء، وقالت المصادر إن الدقير وجه كرم الله بعدم تصعيد معركته مع المالية عبر الصحافة، وطالبه بضبط النفس، والتحلي باليقظة والحكمة .. وتعهد مساعد رئيس الجمهورية بتوفير الدعم اللازم لحكومة القضارف، لتقوم بأداء الدور المنوط بها على أكمل وجه. وأكدت المصادر أن مكالمة الدقير ومقترحاته وجدت ترحيباً من الوالي الثائر .. وتشير الصحيفة إلى أن علاقة طيبة تجمع بين كرم الله والدقير، كما أن والي القضارف يكن تقديراً خاصاً للحزب الاتحادي الديمقراطي، الذي يتزعمه الدقير، حيث أعلن الوالي - في آخر لقاءاته الجماهيرية - عن عزمه على تنظيم حفل تأبين ضخم للراحل الشريف زين العابدين الهندي - رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي - معدداً مآثر الشريف، ومواقفه الوطنية. ٭ مقترحات: وكان المركز العام للمؤتمر الوطني قد اقترح إقالة كرم الله، وتعيين اللواء «م» آدم حامد، أو اللواء أمن محمود قمش - مساعد المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني - الذي تقدم باعتذاره عن التكليف - بحسب مصادر مطلعة - بينما اقترح المرشح الثالث لمنصب الوالي، رئيس المجلس، محمد الطيب البشير، اقترح الإبقاء على كرم الله، مع تقديره لمنهجه في إدارة ملفه مع المالية وبعض شئون الحكم. وكانت بعض الدوائر بالمؤتمر الوطني - التي تنتمي لولاية القضارف - قد تقدمت بمقترحات لترشيح أشخاص جدد، لشغل المنصب، لكن تلك المقترحات لم تجد حظها في القبول أو الموافقة النهائية. ٭ الاعتذار: إذن الاعتذار هو المحطة المحتملة لإنهاء أزمة حل حكومة القضارف، فهل ستقبل رئاسة الجمهورية باعتذار الوالي وتبقيه في الحكم لحين انتهاء دورته، أم أن اعتذاره لن يفيد؟، ويرد عليه المركز العام لحزبه بالأغنية «اعتذارك ما بفيدك .. ما العملتو كان بأيدك»، «تعتذر لي؟ .. إيه يعني لزوم الاعتذار». فإبقوا معنا لمتابعة قصة والي مثير للجدل.