العين عضو الإبصار في الإنسان، وهي من الحواس الخمسة، ورد ذكرها في محكم التنزيل، قال تعالى:(ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين) ولها معاني أُخرى منها ينبوع الماء الذي يجري ويتدفق على الأرض إستناداً لنص الآية (فيهما عينان تجريان) صدق الله العظيم والعين تستعمل كأداة للتأكيد بمعنى نفس الشيء وذاته مثل جاء محمد عينه وايضاً ما ضُرب نقداً من الدنانير، حيث يقال إشتريت بالعين لا بالدين، وتستعمل لكل ماهو قيم وأصيل ونفيس من الأشياء على نحو هذه قصيدة من عيون الشعر السوداني .. والعيون محطة مهمة في حياة الشعراء والأدباء والمبدعين فهي الملهمة والساحرة والآسرة والراشقة من «أول نظرة» وقد تسلط عليك سهامها ونبالها وفتكاتها.. والعيون نستشف منها الحالة النفسية للإنسان فهي ترمز وتعبر عما تجيش به دواخله من مشاعر وخواطر وإنفعالات.. فعند المرض تبدو العينان غائرة وواقعة ومزغللة.. وفي لحظات الفرح تبرق وتلمع بوميض السعادة والغبطة والسرور.. أما في حالة الكذب والنفاق توصف بأنها زايغة وملجلجة.. وكذلك في حالة الذُعر والخوف والعين «الطايرة» كناية على عدم الإستقرار والإتزان وبلهجتنا العامية يقال بإن صاحبها خفيف و«لفيف» ومتى ما غضب الإنسان يعتري العين الإحمرار، نلمح هذا في قول الشاعر تغنى ليك السرّارة قالت الشيخ وارث الشطارة عينو حمرة وشرارة وما بعرف الحقارة وأحياناً يدل هذا الإحمرار على الشجاعة والفراسة والعرب تطلق لفظ «الجحم» على العينين اللتين إشتدت حمرتهما مع سعتهما، فهو أجحم وهي جحماء إذ أن الجاحم هو الجمر الشديد الإشتعال.. والمكان الشديد الحر وجاحم الحرب أوسطها و«الجُحام« داء يصيب العين أما الجُحاظ فهو بروز مقلة العين.. ولون العينين يغلب عليه البني أو العسلي غير أن هناك شعوباً تتلون عيونهم باللون الأزرق ويطلق عليه مجازياً «الأخدر» لقول الشاعر: لا بخاف ولا بتُر قدام العينيهم خُدر والعين الحارّة هي التي يكمن ورائها الشر والسحر والحسد والرصّد والشخص الذي أصابته هذه العين فهو «معيون» أما العين الباردة إشارة على الرضى والقبول والإستحسان عيني عليك باردة يا السمحة يا الواردة يا فُقرة ردوا لي رويحتي الهانك طاشة والعيون تحمل معايير ومقاييس جمالية ووصفية فالعين الحوراء هي التي إستدارت حدقتها وأشتد فيها السواد والبياض فيقال إمرأة حوراء وهي أيضاً التي ابيضت بشرتها إفتتن بها الشعراء إن العيون التي في طرفها حَور قتلنا ثم لم يحيين قتلانا يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله إنسانا أما العيناء فهي التي جمعت بين السعة والسواد ويعرف بي «العين» ومنها «الحور العين» والدعجاء التي إشتد سواد سوادها وبياض بياضها والوطفاء إشتقت من الوطف وهو غزارة الأهداف مع طولها.. أما النجلاء فقد أثارت أحد الشعراء تركت خدود الفانيات وفوقها دموع تذيب الحسن في الأعين النجل وجمال العيون ليس حكراً على الإنسان فمن الحيوانات كالظباء والغزلان والريل والريم والجدي والمهارة وهي البقرة الوحشية إتصفت بجمال العيون وسوادها واتساعها فتغنى بها الشعراء وعيون المها ولا كعيون فتكت بالمتيم المحمود راميات بأسهم ريشها الهدب تشق القلوب قبل الجلود وهي ذات العيون التي ضاع فيها الشاعر علي بين أبي الجهم أبياته الشهيرة عيون المها نبين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري ولما كانت العين تلمح وترمق وترشق وتحدّق وترنو فقد إستنطقت هذه النظرات قريحة الشعراء ترنو إلىّ نبعين الظبي مجهشة وتمسح الطل فوق الورد بالعنم ومتى ما كانت النظرة سريعة وخاطفة فهي الخِلسة والطرفة والرمشة أما نظرة الحقارة فهي «الحَدرة» وللعين أسماء نذكر منها المقلة، الجفن، الطرف كأنما قدها إذا انفلتت سكران من خمر طرفها ثمل بي حرّ شوق إلى ترشفها ينفصل الصبر حين يتصل يزيد من حُسن العين وجمالها «الكُحل» الذي يستخرج من مادة «الإثمد» جرى حبها مجرى دمي في مفاصلي فأصبح لي عن كل شغل بها شغل سبتني بدلٍ ذات حسن يزينها تكحل في عينيها وليس لها كحل والعين مصدر البكاء والنحيب والدموع والألم والشجن وما أغذرها عند الشعراء والمحبين والعاشقين لعينيك ما بلقى الفؤاد وما لقى وللحب ما لم يبق مني وما بقى وما كنت ممن يدخل العشق قلبه ولكن من يبصر جفونك يعشق وبين الرضى والسخط والقرب والنوى مجال لدمع المقلة المترقرق أما حدة البصر وقوته فقد إشتهرت به زرقاء اليمامة وهي إمرأة من أهل «جو» إحدى مناطق الجزيرة العربية سبحان مقسم الأرزاق لا عتاب ولا ملامة أعمى وأعشى ومبصر وزرقاء اليمامة جاء في المثل «الطشاش في بلاد العِمي شوف» اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا