[email protected] «الجنوبولكي»! يتميز الإمام الصادق المهدي بقدرات لغوية عالية ، ويجيد فن «النحت» ، ويرفد قاموس السياسية السودانية بمصطلحات جديدة ، وأيام تسجيل الأحزاب بقانون التوالي ، حينما تجرأ الصحافي النور جادين بتسجيل «حزب الأمة»، أطلق الإمام على هذه الظاهرة «النرجدة» على سبيل السخرية من هذه الخطوة ، والمصطلح مشتق من اسم صاحبه ، ويقارب «النرجسة» ، كثيرا ما حذّر الإمام من خطر (الصومله) و(الافغنة) ، الذي ينتظر السودان في جديد «قاموس الصادق لشرح المقاصد» وهذه من عندي! تحذيره من أن وصول قوة «الجنوبولكي» للحكم سيؤدي للحرب ، فما أصل هذا المصطلح المنحوت من كلمتين «الجنوب» و«بلوكي»؟ الأولى معروفة ، أما الثانية فمصطلح انثروبولوجي ، يعرف أيضا ب«البلوش» ، وينحدرون من «بلوشستان» وهو إقليم جاف يقع على طرف الهضبة الإيرانية ، ويمتد بين كل من إيران وباكستان وأفغانستان ، سميت المنطقة بذلك بعد نزوح القبائل البلوجية إليها قبل 2000 سنة ، يعتقد أن أول سكان بلوجستان سلالات ترجع أصولها إلى وادي السند مثل «Prata»، وهم الآن من قبائل ساحل الخليج العربي ، ومنهم فروع عديدة وأخرى منهم الخؤولة بالنسب من ناحية الأم ، والنظرة إليهم دونية . تناول إبراهيم بشمي هذا الموضوع جيوسياسيا في كتابه ( بلوشستان قوس الخليج المشدود) ، ويرى المؤلف أن ما يربط بين المنطقتين يتخطى الجانب الجغرافي ليشكل محور اهتمام سياسي عالمي ، حيث تبرز انعكاسات كل المتغيرات السياسية الدولية بشكل مباشر، وربما جاء تحذير الإمام من قوة «الجنوبولكي» انطلاقا من الفهم العميق ل»الانثروبولوجيا السياسية « ، وأن السودان بات مهدد بقوى التدمير ، وبتآكل آليات تماسكه ، أو ربما الخوف من حالة الهشاشة والسيولة السياسية ، وفي مقابل ذلك يضع الإمام ترياق «أجندة الخلاص الوطني «، وبالعودة للمصطلح ؛ فإن»البلوكي» أو»البلوش»أو»البلوص» ينظر إليهم البعض بأنهم «أقلية» في الخليج لم تندمج في المجتمعات ، وتدور في المنتديات ملاسنات بين الأجناس المختلفة ، بين «العيم» و»البدو»، وهي ملاسنات منطلقة من «جاهلية»، لأن الناس خلقوا سواسية ، ومن شعوب وقبائل ليتعارفوا. وربما جاء الجزء الثاني من المصطلح من الانجليزية( Block) التي تعني «عائق» . في المحصلة : النحت في الاصطلاح «أخذ كلمة فذة من كلمتين ، والنحت أنواع : الاسمي: وهو أن تنحت من كلمتين اسما ، مثل (جلمود ) من: جمد وجلد. و النسبي: وهو أن تنسب شيئاً أو شخصاً إلى بلدتي: (طبرستان ) و (خوارزم ) فتقول : طبرخزيّ . النحت التخفيفي: مثل بلعنبر في بني العنبر، وبلحارث في بني الحارث ، وبلخزرج في بني الخزرج، ويعتبر الخليل ابن أحمد ( ت 175ه) هو أوّل من اكتشف ظاهرة النحت في اللغة العربية ، والقصد من «النحت» تيسير التعبير بالاختصار والإيجاز، وخير الكلام ما قل ودل ، وهذا ما وجدناه في «قوقل» بشأنه ، أما نحت الإمام فهو من نحت السياسي ، وبذلك يكون من بنات أفكاره ، والتفسير السياسي لمصطلح «الجنوبولكي» فإنها قوة «جغرأثنية» متحالفة في ظل الاستقطاب الحاد واندلاع حرب بين شطري السودان ستجذب أطراف إقليمية ، فهل من مستمع لتحذير الإمام ؟.