السكر هو أكثر ما يثير الدهشة من السلع، فهو محبوب بسبب حلاوته، صحيح انه توجد أشياء كثيرة حلوة في حياتنا، مثل السكر، ولكنها ليست في متناول اليد أو الجيب، ومن هنا كانت أهمية السكر ترتفع أسعاره فجأة وتصل أقصى درجات الإرتفاع ولكنه لا ينخفض أبداً، ولكنه يبقى على حال ارتفاعه التي عليها لفترة من الزمن قد تطول أو تقصر ثم يعاود ارتفاعه مرة أخرى. تجتهد الحكومة ومجلس الوزراء بكامله لتوفير تلك السلعة بل ويتم استيرادها من الخارج لسد الفجوة المتوقعة في الاستهلاك ولكن كل تلك الكميات تضل طريقها عن المواطن لتذهب إلى كبار التجار ليقوموا بتخزينها واحتكارها وبعد ذلك يتحكمون في أسعارها وتباع حسب مزاج التاجر الكبير، فقد يخطط أحدهم لإكمال بناء عمارته وتشطيبها ، فيكون ابو السكاكر الذي يحتكره خير معين له على ذلك وقد تفكر الحرم المصون لاحد كبار التجار في زيارة بنتها باستراليا ثم الأخرى المستقرة في امريكا في رحلة قد تمتد لنصف عام فينفذ ابو السكاكر ايضاً ذلك التاجر من سطوة زوجته ويعينه على اتمام زيارة (الحكومة) لبناتها على أكمل وجه، وهكذا فاننا يمكن أن نطلق على السكاكر لقب (ابو السكاكر نصير التاجر) من المصائب والعقبات المالية التي تعترض طريقهم بل وتقترب بهم إلى درجة المليارديرات في حالة التخزين المأمون والبيع بالمضمون شريطة احتكار السوق وتبادل المصالح في حالة تعدد المحتكرين. عندما أعيت الحكومة ألاعيب كبار التجار لجأت إلى تعبئة في أوزان صغيرة حتى تقضي على احتكاره اكتشفت الحكومة انها استبدلت شاطر بشاطر آخر أشطر من الشاطر الاول فقد تفنن اصحاب مصانع تعبئة السكر وربحوا أرباحاً لم يكنوا يربحونها عبر برنامج تعبئة السكر وتغليفه في عبوات صغيرة وأنيقة اكتشفت الحكومة بان تاجر التعبئة يكسب في تعبئة الجوال الواحد ما لا تكسبه مصانع السكر ومالا تكسبه الحكومة ايضاً وهي صاحبة الجبايات الأكثر باعاً. يقال أن الحكومة وقد أعيتها الحيلة في أمر توزيع ابو السكاكر الى المواطن تفكر في إرجاع السكر ليباع ويتم توزيعه عبر بطاقة التموين ، حيث يتم تحديد بضع أوقيات لاستهلاك الفرد في الأسرة يتم ضربها في عدد أفراد الأسرة لتنال نصيبها من السكر اسبوعياً وهكذا تكون الانقاذ قد رجعت الى المربع الاول بعد مضي عشرون عاماً. كانت ولايات الغرب قد قررت توجيه حصتها من السكر لصالح بناء طريق الانقاذ الغربي وقد اكتشفت الحكومة بعد عدة سنوات أن تلك المبالغ المعتبرة قد ضلت طريقها وذهبت إلى جيوب بعض كبار المسئولين المشرفين على الطريق وعند محاولة محاسبة كبيرهم (الذي علمهم السحر) على ما حدث قال قولته المشهورة التي صارت مثلاً (خلوها مستورة) يقصد بذلك انه ليس من يأكل وحده بل جميعهم كانوا يأكلون معه في نفس المائدة. إن إدخال السكر في بطاقة التموين سيعيد للجان الشعبية مجدها الغابر فيتحكمون في السكر وتوزيعه وسيسعى الجميع إلى كسب ودهم ورضاهم ومن المؤكد أن أصحاب تلك اللجان سيتطاولون في البنيات وامتلاك السيارات الفاخرة واستبدال زوجاتهم القدامى بأخريات آخر موديل. وهكذا يكون الأمر جديد في جديد عمارات جديدة سيارات جديدة زوجات جديدة سيكون السكر قد خرج من سطوة التجار بعد أن استفادوا منه فوائد عظيمة، وبعد تحويله إلى شركات التغليف فسيكون هؤلاء ايضاً قد حققوا فوائدهم منه وبعد أن يتم سحبه من هؤلاء ستفكر الحكومة في أمر توزيعه ليصل إلى المواطن البسيط إلى اللجان الشعبية وهي ستستفيد ايضاً منه وقد تفكر الحكومة بعد ذلك في إرجاعه إلى التجار مرة أخرى وسيصبح الأمر مثل ساقية جحا تشيل من بحر وتكب في بحر. وفي كل تلك الأحوال فان المواطن البسيط لن يجد حصته من السكر بالسعر الرسمي. وربما يفكر ذلك المواطن في البلح او الحلوى كبديل للسكر ولكن أسعار تلك السلع البديلة سترتفع ايضاً. ماذا يفعل ذلك المواطن البسيط؟ هل يلجأ إلى الذرة (الفتريتة) إن أسعارها ايضاً مرتفعة.