ما أظن بلداً في دول العالم الثالث أو حتى في أوروبا به هذا الكم الهائل من الصُحُُف السياسية والرياضية والإجتماعية ماعدا في سوداننا الحبيب إذ به «21» صحيفة سياسية و«9» رياضية و«2» إجتماعية وواحدة فنية وفي ظل هذه الأجواء تعيش الصحافة السودانية ظروف خانقة متمثلة في إرتفاع أسعار الورق ومعينات الطباعة المختلفة مما حدى ببعض الناشرين وملاك الصحف في الإستغناء عن مئات الصحفيين، بل حدثني من أثق فيه بأن هناك «001» صحفي بدون عمل، كما أن الجو الصحفي غير معافى إذ يتبادل بعض الزُملاء الإتهامات فيما بعضهم البعض، وتحتوي بعض الصحف على عبارات ركيكة وقذف وشتم سيما الصحافة الرياضية، إضافة إلى أن ما يسمى بهامش الحُريات مازال يراوح مكانه إذ أن هناك بعض المناطق بالغة الحساسية لا يستطيع الصحفي الإقتراب منها كما أن هناك بعض الصحفيين الشرفاء موقوف من الكتابة أذكر منهم صديقي «حيدر المكاشفي» علاوة على الأوضاع المعيشية التي يعيشها الصحفي والتي يندي لها الجبين الإنساني خجلاً في شخص يعتبر انه ينقل نبض الشارع ومشاكل الناس وهمومها في ظل هذه الأجواء الضبابية يشهد الوسط الصحفي والسياسي صدور صحيفتين سياسيتين الأولى تجربة شراكة يقودها الأستاذ الكبير جمال عنقرة والجديد فيها كما قال الأستاذ جمال عنقرة أن «المشهد الآن» وهو الاسم الذي أختير للصحيفة سوف تكون ذات إيقاع مختلف في عالم الصحافة السودانية أي أنها سوف تحاول كسر تقليدية الصحافة السودانية وإن كان مراقبون يرون أن تجربة جمال محفوفة بالمخاطر لأنها سوف تولد في ظروف غير مواتية بمعنى أن عالم الإعلان الذي تعتمد عليه معظم الصحف في إستمراريتها به أسرار وتوجهات لا يستطيع كسرها إلا من عرف قواعد لعبة الإعلان ويختار صاحب الجريدة فريق تسويق يستطيع أن يقلع الإعلانات من براثن الاسد كما يقولون. كما أنني أعتقد بأن الأستاذ جمال وهو صاحب تجربة سابقة وتجربته الحالية «المشهد الآن» فهو رئيساً لتحريرها ففي رأيي أن الأُستاذ جمال قد تجاوز هذه المرحلة فإن كان هو يرى بأنه له خطة تحريرية يمكن أن يتفرغ بها للجريدة في مواقع تستفيد منها وهذا في رأيي عين الصواب، لأن الأُستاذ جمال عنقرة ذو علاقات إنسانية وإجتماعية ممتدة تساعده في أن يخطو بتجربته الجديدة إلى آفاق أوسع. التجربة الثانية وهي في رأيي تجربة جديرة بالإحترام والإهتمام وهم شباب من الصحفيين يتقدمهم الأستاذ الكبير عبدالرحمن الأمين تقدموا للتمويل الأصغر وقُدم ل«52» صحفياً مبلغ من المال يقال «32» مليون هؤلاء الشباب قرروا أن يقدموا تجربة جديدة وعلى ضوئها يمكن أن يتحولوا إلى ناشرين وفي رأيي أن التجربة وفق الظروف الضبابية التي أشرت إليها سابقاً إلا أن هذه الخطوة محفوفة بالمخاطر إلا أن هؤلاء فتية عاهدوا الله على نجاح تجربتهم فلا غرابة أن يطلقوا على صحيفتهم الجديدة اسم «القرار» لأنهم إتخذوا القرار وقبلوا التحدي ولا شك أن قيادة الأخ والصديق عبد الرحمن الأمين لهؤلاء الشباب سوف تكون حافزاً لهم في نجاح تجربة جديدة في عالم الصحافة السودانية أتوقع أن تجد الدعم المعنوي والمادي من إتحاد الصحفيين والناشرين أيضاً ومنظمات المجتمع المدني بقي أن أقول أخيراً نتوقع أن يحدث إنفراج في الحُريات الصحفية وأن يتحسن الوضع المعيشي للصحفي.. وأن تجد التجربتين الجديدتين النجاح والتوفيق.