أودع السيد وزير المالية والإقتصاد الوطني أمام البرلمان مشروع الموازنة الجديدة للعام 2013م ، وأعلن خلال مخاطبته نواب البرلمان عن تحديد سياسات إقتصادية جيدة لإنعاش الإقتصاد السوداني وقال نريد أن نتفق على سياسات تتسم بقدر من الإجماع الوطني .. إلا أن هذا الإجماع الوطني لم يحدث البتة وقد تكشف ذلك خلال ندوة مجمع الفقه الإسلامي الذي حضره جمع غفير من العلماء وأصحاب الفضيلة والمهتمين بهذا المجال . نواب البرلمان السوداني أصغوا خاشعين لقراءة المشروع وقد بدأ الوزير منتشياً خلال قرأته المشروع بل مسنوداً بإجازة مجلس الوزراء السابق متحدثاً عن السمات العامة للموازنة الجديدة التي تتمثل فى انخفاض معدل التضخم وزيادة معدل النمو ، واستقرار سعر الصرف مبينا فى الوقت أن الموازنة خالية من إيرادات البترول وأنها لا تتضمن زيادة الضرائب أو الأجور ، ومع هذا الكلام المعسول الشارع العام لم يتفاعل مع هذه الموازنة ، بل يترقب بحذر لما قد يترتب عليه من زيادة تزيد العناء والبلاء له ، وأكثر الناس ترقباً قطاع العمال والموظفين وقد بدأوا متعشمين فى الموازنة الجديد ان تتضاعف وتزيد الأجور ، إلا ان هذا العشم ومن خلال كلام وزير المالية يعد (كعشم ابليس فى الجنة) ، وقد سمعنا دعوة الاتحاد العام لنقابات عمال السودان وزارة المالية بتنفيذ توصية المجلس الأعلى بزيادة الأجور وتضمينها فى الموازنة الجديدة للعام 2013م بغرض تحسين الوضع المعيشي ورفع المعاناه على العمال سيما وانهم اكثر الشرائح تأثراً بالظروف الإقتصادية التي تمر بها البلاد ، ويرى الإقتصاديون ان الحد الأدنى للأجور لايغطي 22% من تكلفة المعيشة . نواب البرلمان وممثلي الشعب السوداني يتداولون ويتناقشون هذه الايام مشورع الموازنة الجديدة وامامهم طريقان اما ان يبصموا على هذا المشروع ويمرروه كالعادة طبعاً ... واما ان يرفضوا المشروع او يصوبوه وهو احتمال ضعيف ... فالبرلمان السوداني غير مصادم والنواب مسالمون ... والمجلس الوطني السوداني ليس كمجلس الأمة الكويتي ... ! الذي حل خمس مرات خلال الاربعة سنوات الفائتة ، وبعد اجازة المشروع يصبح المولود ولداً قانونياً وشرعياً (مما يعني ليس ود حرام) . والناس على حين غفلة من امرهم من الابتهاج والفرح باعياد الاستغلال ورأس السنة ، يبدأ التطبيق الفعلي والتنفيذ الفوري للموازنة وحينها يكتوي المواطن بنارها ... والوزير غير مكترث لذلك (سواها ولا يخاف عقباها) . مجمع الفقه الإسلامي دخل على الخط ونظم ندوة حول مناقشة الموازنة الجديدة بقاعة اتحاد المصارف بمشاركة واسعة من هيئة كبار العلماء وعلماء الاقتصاد والباحثين والمهتمين بهذا المجال ، طالب الدكتور/ عصام احمد البشير رئيس مجمع الفقه الاسلامي بتفعيل اليات مكافحة الفساد واقر بعدم تنسيق بين مؤسسات الحكومة مشيرا ان البيئة الاستثمارية اصبحت طاردة بسبب الاطرابات الامنية فى بعض المناطق كما طالب بأن تشمل الاجراءات الحكومية ضبط المال العام للاجهزة الامنية والعسكرية ، ودعى مجلس الفقه الاسلامي الى اصدار فتوة ملزمة لاباحة القروض الربوية الحسنة بل طالب إجراء نقاش حول ميزانة الامن والدفاع ، وحسب فهمنا فان المنطوق والمفهوم من هذا الكلام هو اجراء عمليات جراحية عاجلة لاستئصال الداء العضال وهو مطلب شرعي بني على فرضيات عقلية ومنطقية وشرعية . تحدث الخير الاقتصادي الدكتور/ عبد الرحيم حمدي منتقداً تضارب السياسات الاقتصادية وقال انها ادت الى ارتفاع معدلات التضخم وتزايد فى الاسعار بصورة جنونية مؤكداً ان 77% من الموازنة تذهب للمرتبات ودعم الولايات معتبراً حجم الاقتراض الذي يفوق 50% من البنك المركزي ووزارة المالية معيباً وقال انه يمثل الإستثار بالسلطة والمال ، وشدد حمدي على ضرورة مناقشة الصرف على الامن والدفاع باعتبارها تهم كل البلاد وقال لابد من الانفاق لتحقيق التوازن العام مبينا دفع مستحقات القطاعات والشرائح الضعيفة اولاً فى موازنة الدولة قبل الصرف على الامن بامتياز ، وكانه يلقي بشئ من اللائمة على قانون تجريم التسول التي تسعى لها وزارة التوجيه والتنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم باعتبارها (اعوام رمادة) واقر حمدي بأن الاوضاع الاقتصادية تمر بمرحلة الركود التضخمي والدولة تتخذ سياسات تقشفية وانكماشية مطالبا اعادة النظر فى الطريقة المؤسسية لادارة السياسات المالية . واذا استصحبنا مخرجات ندوة مجمع الفقه الاسلامي وفرضياتها واطروحاتها العقلية والمنطقية والشرعية وامكن استصحابها فى الموازنة الجديدة يمكن ان نحقق قدراً من الاجماع الوطني الذي دعا له وزير المالية وبما ان هذه الندوة حوت على سمات اقتصادية قوية ويعتبر اقرار حمدي الذي دفع تشخيصاً للمشكلات الاقتصادية وحدد علل الموازنة الجديدة شهاده مهمة (وشهد شاهد من اهلها) ، والمنطق يقول لا بد من استصحاب هذه الآراء من اجل الإهتمام بالمواطن والرخاء والبسط والتسهيل له حينها نستطيع ان نبي دولة حقيقة لا مجازاً كالامارات العربية (والنمور الاسيوية) والوضع يتطلب ان تسن قوانين رادعة للمعتدين على المال العام ، ومما يؤسف له رغم الظروف المعيشية وضيق وفاقة المواطن المراجع العام يكشف امام البرلمان السوداني ان صافي مبلغ جرائم الاعتداء على المال العام بلغ 23 مليار جنيه هذا فضلاً عن الاموال المجنبة والبالغ 497 مليار جنيه ولم يتوقف الاعتداء على المال العام فحسب بل طال حتى مال الله (الاوقاف ... وهلم جرا) وقد اعترف امام البرلمان الدكتور / خليل عبد الله وزير الارشاد والاوقاف السابق (بان اولئك لم يأكلوا مال النبي بل اكلوا مال الله) بالله عليكم هل هناك فرق بين الذين اكلوا مال الله وبين من اكلوا ناقة سيدنا صالح عليه السلام أليست هى ناقة الله (فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها ، فكذبوه فعقروها ، فدمدم عليهم ربهم بذمبهم فسواها ولا يخاف عقباها) . المواطن البسيط يتطلع ان يتنفس الصعداء من جراء ارهاق اعباء الحال وضنك المعيشة زيادة رسوم ترخيص السيارات اعباء اضافية يتحملها المواطن ويدفع ثمنها والاسواق حدث ولا حرج وقد بلغ من التجار الجشع ما تسؤ بتاريخهم ، فكان الاجدر لوزير المالية ان يجد معالجات بعيدة عن هذه الزيادات ، لقد بلغ المواطن حد الرمق ولاول مرة فى السودان توزن العظام ويباع الكيلو بخمسة عشرة جنيها تباع للفقراء والمساكين الذين لا يستطيعون شراء اللحوم التي اصحبت (دولة بين مأدب الاغنياء والحكام) وننسى ماقاله الشاعر : تموت الاسد فى الغابات جوعاً ** ولحم الضأن يرمى للكلاب لقد تغير الحال واصبح لحم الضأن محرم للفقير او المسكين ، واما الكلاب فاليوم لم تجد حتى العظام لقد اشتراه الفقراء (مشهد داخل اسواق العاصمة الخرطوم) والسيد الدكتور/ عبدالرحمن الخضر فى حيرة من امره بين فقه الاولى وخلاف الاولى توفير المواصلات ... ام تخفيف اعباء المعيشة ... ام التكافل الاجتماعي ... ام التأمين الصحي .... ام لائحة تنظيم النشاط الدعوي فى المساجد والساحات ... ام المهددات الامنية ... فقد تسير كل هذه فى خطوط متوازية امامه مالم تتنزل العوارض . وفى الختام ومع هذه الافتراضات والتخوفات وكل ما تحمله هذه الموازنة الجديدة دعونا جميعا نتفاءل عملا بقوله صلى الله عليه وسلم : (تفاءلوا خيراً تجدوه) فهي دعوة بأن نتفاءل بمقدم العام الجديد الذي نريد ان يكون شعاره (عام فيه يغاث الناس وفيه يَِعصرون) وارجو ان تقرأ الأية بفتح الياء وليس بضمها .... . ** خارج النص ** شيخ ادريس والعود احمد عودة محمد عبد الله شيخ ادريس مؤخراً للعمل السياسي كامين لامانة الاتصال التنظيمي بالمؤتمر الوطني ولاية الخرطوم تقرأ فى صياغ التجازب بين الصقور والحمائم فى الحزب الحاكم ، فلم تنسني الايام القسم والطلاق الذي اشهره شيخ ادريس فى وجه الدكتور / عبد الرحمن الخضر بعدم العمل معه منهياً العمل والتكليف السياسي والتنفيذي الذي كان قاب قوسين او ادنى معللاً اتاحة الفرصة للدراسات العليا الا انه سرعان ما تفرغ للزراعة ولم يمض وقتا طويلا حتى سمعناه يغرد خارج السرب ، وقد طالعنا صحيفة الرأي العام تصريحاته وضرباته اللازعة وقد بلغ به من الجرأة ماقاله فى حزبه مالم يقله مالك فى الخمر وظن الناس الظنونا ... فوجئنا بهذه العودة الميمونة ، وهي عودة للجادة والصواب والاصلاح من الداخل والرجل يعد من السابقين الاولين بل من البدرين الذين شهدوا الميل اربعين فمن الطبيعي لمثله ان يقال (عفا الله عما سلف ، وافعلوا ماشئتم قد غفر الله لكم ) نعم العود احمد وعودتك الى القواعد فى خضم العمل السياسي بحر لا ساحل له يتحتم عليك ان تفتح قلبك وصدرك لكل الناس والعمل السياسي لا ينفع فيه البرودة والانطواء وانما الانفتاح والانشراح (ولكم فى رسول الله اسوة حسنة) ، فقد كان يقابل الناس بالبشاشة وحسن الطوية ويكرم الداخل عليه ويوسده بالوسادة ويقضي حاجة الكبير والصغير من الاطفال ، آمالنا ودعواتنا بالصحة والعافية للدكتور/ مندور المهدي والذي مهد وعمل من اجل هذه العودة المباركة واليوم المؤتمر الوطني يعهد اليك اكبر صفقة فى تاريخ المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم احلال وابدال السيارات ، والله اسأل ان يسمعنا عنك خيراً . وقل: (يامقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) .