كثر الحديث عن التعليم، حتى فاض وأصبح على كل لسان نقده وتناول سالبه.. وشكى الوالدان عن القصور في تلقي الأبناء وضعف التحصيل، وصاحبت الشكاوى والإمتعاضات ما اعترى التربية وسوء التعامل بين الأبناء عامة، وإنعكس ذلك على صلاتهم بالمعلمين، وصار البكاء والعويل على ذكريات بخت الرضا ومعاهدها في كل (مديريات) السودان، ذلك المعهد العملاق، تلك القلعة التي خرّجت الأجيال، وقادها صناديد العلماء من أجيال المعلمين الكرام، فما أعظم ذكراهم وأجل ما قدموه لأهل السودان قاطبة وامتد عطاؤهم للوطن العربي والذي لازال يلهج أهله بالثناء على المعلمين ، خريجو بخت الرضا خاصة، وجلهم اليوم يقود التعليم العالي بعد أن أبى طموحهم إلا بلوغ الأقاصي الأكاديمية وأعلاها «الدكتوراة» ، وقد كانوا في المراحل الأدنى للتعليم «الابتدائي والمتوسط»، ولكن غرست بخت الرضا النضر، واسلوبها المتميز في الإعداد التربوي والتعليمي، يجعلان للفرد سمواً لا يرضيه المحصور من المعارف مهما كانت دونها المصاعب والعقبات.. وأمثلة من نبغ منهم يجل عن الحصر ومازالت روح الحماس الأكاديمي سارية وذات رافعية عالية، وولجت بأرتال منهم للجامعات فتخرجوا بعلم وفير، وخرجوا من بعدهم أجيالاً عظيمة المعارف والعلوم.. وآن الأوان لتكون لهم جامعة رفيعة المقام ذات أفرع تملأ أفاق السودان ونقترح لها رئاسة في برج المعلم في عاصمة السودان، خاصة وقد ساهم فيه مئات المعلمين من المعاشيين مع أبنائهم والذين ساهموا وأقاموه من بعدهم.. ولتضم تلك الرئاسة سجلات الشرف بأسماء وسير خريجي معهد بخت الرضا وروافده من معاهد الاقاليم العديدة. وتلك الجامعة التربوية للمعلمين نرى أن تضم مراكزاً عديدة لكل التخصصات التعليمية والتربوية خاصة وأن العاصمة وما جاورها من المدن تزخر بارهاط متميزة من المعلمين المعاشيين خاضعة، والعاملون في الحقل حالياً مع الجامعات التي فيها تخصصات نادرة وذات أبعاد كبيرة في مجالات التعليم ومناهجه وطرقه واساليبه التربوية، وحينما تتلاقح الأفكار، وتتنافح التجارب، وتبدو الخبرات الرصينة، تكون الخصائل ذات منافع شتى وينصلح حال التعليم لا محالة.. وبلدنا هذا البكر وله حاجات أساسية لعمل تعليمي وتربوي ضخم تقدمه آلاف الأذهان والتي تقتصر تجاربها النيرة والكثيرة حتى تخرج برؤية موحدة للمسار الإعدادي للأجيال المتعاقبة، وبذلك تطمئن الأسر وينصلح حال الأبناء والسودان من بعدهم. وسيماثل قيام جامعة المعلمين، ما كان يقوم به شيخ المعاهد في السودان بين روافده معاهد المعلمين والمعلمات، من توحيد المناهج التعليمية والاساليب التعليمية والإعداد التربوي، ولذلك كان النمط موحداً وخرّج الأجيال من المعلمين المتماثلين في الثقافة والعلم والسلوك، وكذلك المعلمات، وأرى أن يكون نظام القبول فيها وكليات التربية في جامعات الولايات منفرداً، وهو أشبه بنظام معهد المعلمين العالي والذي الغى بأسف كبير ونظام كلية المعلمين الوسطى برضا «ittc» أي الطالب المقبول يعتبر معيناً في وزارة التربية والتعليم بعد تخرجه ، ولذلك يعدل نظام هيكله الراتبي، كان يأخذ نسبة 50% من الراتب قبل التخرج وأن ترفع نسبة القبول للجامعة التربوية وكلياتها الولائية إلى 90% نجاح من الشهادة الثانوية السودانية، وهذا لنجوم الأهداف الآتية خاصة، وغيرها أدناه: 1 / نسبة القبول تأتي بالمتميزين من الطلاب وهذا يرتفع بالمستوى العلمي لهم. 2 / إعطاء 50% من راتب التخرج يربط الخريج بالمهنة «مهنية التعليم»، ولا يبحث عن البديل لوظيفته كمعلم متخصص ، وهذا يجعل التعليم مستقراً في السودان ، وإن فاض العدد ففي الهجرة أوسع الأرزاق إن شاء الله وبمهنية مرموقة ذات ماضي تليد صنعته بخت الرضا. 3 / قيام جامعة تربوية متخصصة كذلك سيحقق: 1 - تطوير المناهج في مراكز الجامعة وكليات الاقاليم مما سيقود إلى تطوير المقررات الدراسية واساليب تعليمها للأبناء. 2- إيجاد مطبعة للكتاب المدرسي والحفاظ على سلامته لغة وعلماً ووفرة بعيداً عن (مافيا) سوق الربح والخسارة والمنافسة التجارية. 3- قيام مطبعة الجامعة ستسهل طباعة مذكرات وأوراق عمل وتجارب قدامى المعلمين المعاشيين، والنابغين من الأبناء في مهنة التعليم، والحاجة المعرفية ماسة لمعرفة ما سبق وما هو متطور اليوم في عالم التربية والتعليم اللذان يصنعان نهضة الأمم. 4- ويكون لجامعة المعلمين من الأنشطة الثقافية والإجتماعية والفكرية ما يسد الفراغ العريض الكائن من ذلك في المجتمع السوداني في كل مستوياته وأصعدته، وحين ننظر لتاريخ السودان نشاهد بعقل منفتح ورصد أمين شواهد ما قدمه المعلمون من إنجازات إجتماعية وتربوية وسياسية وإقتصادية تفوق عن الحصر، بدأوها من خلاوي القران الكريم حين كان شيوخها قادة مجتمع السودانيين في كل صوب وحدب، ثم خريجو المدارس والذين وظفتهم الدولة تركوا بصماتهم واضحة في حياة أهل السودان. واليوم لن ينصلح بحق حال الوطن السوداني إلا بهم وجامعتهم المرجوة والمقترحة على إتحاد معلمي السودان، وأساتذة الجامعات العاملين وأرباب معاشاتها والذين ينقصهم إتحاد تخاطبهم به فهلا استنهضوه وأخيراً قضايا الأمة تجل عن الحصر وإلى لقاء.