الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    مستشار الأمن القومي في الإمارات يبحث مع مايكروسوفت التعاون في التكنولوجيا المتقدمة!    الحرارة وصلت 51.. تحرك برلماني لاستثناء صعيد مصر من تخفيف أحمال الكهرباء    ماذا لو فاز؟.. ترامب يضع أهدافا مستقبلية أهمها "ملاحقة بايدن"    لاعب كرة قدم يخطف الأنظار بمظهره "الغريب" خلال إحدى المباريات    إسرائيل: «تجسد الوهم»    الهلال الأحمر القطري يشرع في شراء الأضاحي بهدف توزيعها على النازحين    وسط حضور جماهيري كبير ...منتخبنا يبدأ تحضيراته بملعب بلك    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    ما تقوم به عصابات ألأراضي في بحر أبيض لايقل خطورة عن النهب والسرقة التي تقوم بها مليشيات التمرد    دائرة المرور السريع تفوج حجاج بيت الله الحرام وتكمل استعدادتها لتفويج المواطنين لعيد الاضحي المبارك    بعد موسم خال من الألقاب.. البايرن مستعد للتخلي عن 6 لاعبين    السنغال تعمق جراح موريتانيا بعد السودان    ((خواطر …… مبعثرة))    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    جون مانو يقترب من اهلي بنغازي    المدير العام لقوات الشرطة يؤكد ان قوات الاحتياطي المركزي قدمت تضحيات كبيرة في معركة الكرامة    البرهان يؤكد عزم القوات المسلحة القضاء على المليشيا الإرهابية وأعوانها    مجزرة ود النورة... هل تسارع في تصنيف مليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية؟    حبس عمرو دياب.. محامٍ يفجر مفاجأة عن "واقعة الصفع"    اتحاد الكرة السوداني يشيد بحكومة جنوب السودان    تحديات تنتظر رونالدو في يورو 2024    شاهد بالفيديو.. الفنانة إنصاف مدني تضع زميلتها ندى القلعة في "فتيل" ضيق: (هسا بتجيك نفس تحملي في أوضة وبرندة وسط 13 نفر وفي ظروف الحرب دي؟)    شاهد بالفيديو.. شاب من أبناء "الشوايقة" يتوعد القائد الميداني للدعم السريع "جلحة": كان فضلت براي في السودان ما بخليك (جاك الوادي سايل أبقى راجل عوم والمطر البدون براق جاك يا الشوم)    انقطاع الكهرباء والموجة الحارة.. "معضلة" تؤرق المواطن والاقتصاد في مصر    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    الجزيرة تستغيث (4)    انتظام حركة تصديرالماشية عبر ميناء دقنة بسواكن    "كعب العرقي الكعب" .. وفاة 8 أشخاص جراء التسمم الكحولي في المغرب    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    تونس.. منع ارتداء "الكوفية الفلسطينية" خلال امتحانات الشهادة الثانوية    السعودية.. البدء في "تبريد" الطرق بالمشاعر المقدسة لتخفيف الحرارة عن الحجاج    وفد جنوب السودان بقيادة توت قلواك يزور مواني بشاير1و2للبترول    صدمة.. فاوتشي اعترف "إجراءات كورونا اختراع"    بنك السودان المركزي يعمم منشورا لضبط حركة الصادر والوارد    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الأجهزة الأمنية تكثف جهودها لكشف ملابسات العثور على جثة سوداني في الطريق الصحراوي ب قنا    ماذا بعد سدادها 8 ملايين جنيه" .. شيرين عبد الوهاب    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العاصمة التي مسخها التهكم
نشر في الوطن يوم 23 - 01 - 2013

إن بناء العمارات الشاهقة والفلل بحدائق ذات بهجة وسفلتة الشوارع الواجهة فقط ، ورفع اللافتات الإرشادية الزرقاء علي أجزاء من سمائها وغيرها من الأشياء التي تقلد بها بعض العواصم العالمية ، ولا يمكن بأي حال أن نطلق علي الخرطوم عاصمة ولا سيما لو أطلقنا عليها (عاصمة حضارية) تهكماً .
وأول من أطلق التصريحات الجوفاء ليجعل من الخرطوم عاصمة حضارية في الرقي والنظام العام والمظهر هو المرحوم مجذوب الخليفة عليه الرحمة ولكنه هزم تماماً أمام تنفيذ فكرته بعمل تحسينات عامة ، ماذا يجدي إن وضع الإنسان جوهرة في مزبلة .
لم تكلل محاولاته بالنجاح إلي أن غادر المنصب ثم جاء من بعده المتعافي وهو الآخر ما استطاع أن يفعل شيئاً تجاه (الوسخ والقرف) رغم أن هنالك مئات الملايين من أموال الشعب جمعت باسم النفايات وأهدرت بعد أن طالتها يد الفساد الذي أضحي سمة مميزة من سمات هذا العهد ، فلو أن أحداً قال لي : هل الخرطوم عاصمة حضارية لا أتردد في أن أرد عليه (بلا) ولكنها آسنة لا حضارية ,
أين نحن من مياه الصرف الصحي التي تزكم الأنوف أينما يتوجه الإنسان ، وأين نحن من القمامات التي تمضي اليوم واليومين علي أطراف الشوارع في أكياس البلاستيك التي تبعثرها الكلاب الضالة والقطط وأشباه القطط من البشر الذين يجمعون القوارير الفارغة لبيعها لأغراض أخري مثل (موية مجنون) كما يسميه (الحاج منزو) .
فمثلاً في محلية الخرطوم ، نجد أن المسؤلين أنفسهم يساعدون علي الفوضي بإصدار التصديقات لكفتريات عامة في الأحياء السكنية كما في منطقة الديم وبالأخص إمتداد شارع الديم من شارع محمد نجيب إلي نهايته في شارع الحرية ، أضف إلي الكافتيريات ما يسمي بالجنبات التي تمارس فيها الأثيوبيات عمل الشاي والقهوة والشيشة التي صدر في شأنها أمر محلي بتحريم تعاطيه ، وأشياء أخري حرم الله أن يقترب منها الإنسان مجرد الاقتراب ناهيك عن الترجمة عملياً وفعلياً .
في كل هذا أن المحلية تعلم أنه ليس بالمنطقة نظام تصريف صحي ، وكل تلك العمليات من كفتريات وجنبات تحتاج لمياه كثيرة ، ولا أحد يدري أين تذهب تلك اليماه ؟ والمحلية تعلم علم اليقين بأنها منعت التصديقات لحفر آبار السايفون جديدة بصفة فردية كما كان من قبل بعد أن تبين للمهتمين بأمر البيئة أن آبار السايفونات تلوث من المياه الجوفية علماً بأن معظم مناطق الخرطوم تعتمد علي مياه شرب جوفية من الآبار الارتوازية التي تقوم بحفرها هيئة توفير المياه.
إن كل الولاة الذين تعاقبوا علي ولاية الخرطوم يتحدثون عن إنجازات من الصعب أن يراها الإنسان بالعين إلا بعد تفكير وجهد بمعني أن إنجازاتهم لم تكن مرئية كإنجازات والي البحر الأحمر محمد طاهر إيلا التي يشهد عليها حتي العمي من خلال حديث الناس عنها .
أما عن والينا الخضر والي أم الولايات فإن إنجازاته لا تعدو حزم القررات التي يتخذها علي فترات ، ويظهر ذلك في الصحف اليومية بان والي الخرطوم قد اتخذ حزماً من القرارات فسرعان ما تتبعثر الحزم لأنها تحزم بحبال العنكبوت ، فتنقطع تلك الحبال قبل أن يخرج القرار المحزوم من بوابات المسؤلين بالمحليات ، قد تصل إلي مواقع المسؤلين التنفيذيين ولكن ربما تزج تلك القرارات بسلة المهملات ال Dust bin .
وما أن يمر علي القرارات الشهر والشهرين والثلاثة ، حتي يجمع الأخ الوالي مساعديه من إداريين وتنفيذيين وأعضاء المجلس التشريعي ، فيدفعون بحزم أخري من قراراتهم ، وهي لا تفيد المواطن ولا الوطن صرفاً ولا عدلاً ، وقد تكون أحياناً وبالأعلي المواطن بخلق نوع من عدم الطمأنينة من جراء الخوف من تلك القرارات ، فيصاب بعض الناس بالضغط ، حتي إذا ما توجهوا للعلاج وهم يحملون بطاقات تأمينهم الصحي (الفشنك) فوجئوا بان العلاج أما غير متوفر أو أنه خارج التأمين وغير ذلك من الأشياء التي ترعب وترهب المواطن .
فالتصريح الذي أدلي به الأخ والي الخرطوم في صحيفة الجريدة الصادرة صباح الخميس العاشر من يناير الجاري فهو تصريح يبكي ويضحك في آن واحد ، يبكي لأن البكاء وسيلة المغلوبين علي أمرهم ، أما الضحك فقد قال الشاعر :-
لا تحسبوا رقصي بينكم طرباً فالطير يرقص مذبوحاً من الألم
فيا أخوة الإسلام من الذين بوأكم الله دار السودان ، فتبوأوها بالأيمان كذلك ، ولا تقولوا في تصريحاتكم إلا الحق ، فإن حياة الشعب مرهون بقراراتكم ، عسي أن تكون لصالحه ولو ليوم واحد أو من قرار واحد ضمن القرارات التي قيل أنها تصلح من حاله ليتنفس الصعداء من معاناة كثرت في كل جانب من جوانب الحياة ، والآن قد تلخص أمره في (التولو) والمواصلات التي تمكنه من الوصول إلي أهله مسروراً ومبكراً بعد دوامة العمل طول النهار ، فيصل إلي داره قبل أن يسدل الليل ستاره ويتعرض للنهب والسلب والضرب ، وياليت المجرم الضارب أن يجد شيئاً في جيب المضروب .
إنه إن كان معه شيء يذكر فإنه لا يتعدي (كيس) يحتوي علي طميطمات وحبة دكوة ليفرح بها عياله وبكرة ليها مائة فرج ، ويقول في قرارة نفسه ، علي المسؤلين منا أن يفهموا إننا لسنا بلهاء ولا مخبولين ولكننا نريد ستر الحال في الدارين ، ليكون أمر الله قدراً مقدوراً .
والحق ، إن الخرطوم لا تكون عاصمة للبيئة حتي عام 2113م إن لم يصدق المسؤلون منا في القول والفعل ، ويتقوا الله ما استطاعوا فيما كلفهم من مسؤلية تجاه عباده ، هذا وعلي الله قصد السبيل وهو المستعان .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.