اذا ما دفعتك الظروف دفعا، لزيارة سوق (الخرد) او المرور صدفةً بأحد جوانبه المتراصة، بكل ما جادت به وصنعته ايدي غير ايدينا، من شتي الاصناف من قطع غيار مستخدمة واجزاء هياكل سيارات موديلاتها اختفت من خارطة تصنيع وانتاج السيارات، وهياكل واعمدة حديدية (كمر) ربما لورش او مصانع بيعت وقطعت اجزاء، تراكم بشكل ملفت لاكوام حديدية كانت بالامس القريب منشآت تدب فيها حركة الانتاج. قد لا تمر دون ان تتساءل ويعتريك شئ من الدهشة والاستغراب، لما يحتفظ هؤلاء بهذا (الخموم) الا ان دهشتك سرعان ما تزول، متي ما علمت برواج سوق وزن الحديد الخردة المنتشرة بكثرة علي اطراف ووسط الاحياء السكنية، ومن ثم بيعه لمصانع الحديد والصلب التي اقيمت حديثاً في البلاد وخارجها وراء البحار، اقامة مصانع الصلب واجهة تنموية تنقل البلاد خطوة كبيرة في مجال تسليح البناء هذا امر يشرف والواجب دعمه، ولكن هذه المصانع وعلي اهميتها الحيوية وتغطيتها لجزء من السوق المحلي، تأخذ موادها الخام في تصنيعها من ظهر الارض وليس من باطنها وقصدي اعتمادها علي الراجع من الخرد بشكل اساسي،مما يخل بالتوازن البنيوي بين القديم والحديث علي صعيد المرافق العامة وتعريض كثير منها للتعسف، في ظل موجة ما يشاع من فساد وانعدام الشفافية في توظيف الحق العام،وعرضة ايضاً لقرار التخلص من الفائض ، رغم ان بعضها علي قدر من الجودة والعمل بكفاءة مع قليل من الصيانة والترميم. ومن ثم يجب ان تقابل هذه المصادر التي تعتمدها تلك المصانع من خرد محلية خاصة جلها يبقي عليها الكثير حتي تصبح خردة، تقابلها مشاريع تعدين لمادة الحديد والبحث عنها في باطن الارض، ولما لا طالما ان ذلك متاحاً، ويجنب الكثير من الهدم الغير مدروس، وعندما نقول مرافق عامة قادرة علي العطاء وطالتها معاول الهدم والقتل بدم بارد ليتلقفها غول الثراء السريع، نعني وبكل جرأة سكك حديد السودان. في وقت سابق كان الحديث يدور في العلن ان خط سكك حديد مشروع الجزيرة تم بيعه بابخس الاثمان حتي قيل ان اجرة نقله الي العاصمة كانت اكبر بكثير من قيمة بيعه، لا احد يملك ارقام لتتضاؤل اهميتها مقارنةً بوجود بنية الخط نفسه، واستراتيجية ربط المشروع المترامي الاطراف ونقل منتجاته وتجميعها. اذا سألت هيئة سكك حديد السودان باي دعوة وعلي ماذا اعتمدت وفرطت في هذا المرفق الذي يعد ضمن بنية المشروع وفقدانه لها تجعله اجزاء منفصلة متباعدة، وترفع من تكلفة انتاجه اذا ما اعيدت هيكلته في المستقبل، وهذا ما يتمناه الجميع. السؤال قائم والاجابة عليه مستعجلة. القضبان الحديدية الهائلة التي تم نقلها من مشروع الجزيرة الي الخرطوم لا احد يفكر فيها لو لا وجود مارد صناعة حديد التسليح هذا، في اعتماده على التسول بهدر واستبدال ما هو ذو قيمة انتاجية بما هو اقل اهمية وذو قيمة استهلاكية. والا كيف نستبدل خط سكة حديد ناقل وطني استراتيجي بصنع سيخ لبناء منزل او (ماسورة) لصناعة تربيزة او سرير او حتي سيارة بقيمة سيارات (جياد) . الامر لم يتوقف علي بيع سكك حديد الجزيرة بل تعداه لخط سكة حديد مدني - سنار –الدمازين، نقل حتي الآن بكامله ولم تبق من اثاره الا البيوتات الخلوية، قوية تصارع الزمن وقد ويصيبها التشقق والانهيار قريباً بعد ما اخذ منها ما يبرر وجودها . [email protected]