ان تفعل وتبتدع ما لا يستطع غيرك فعله وابداعه ايجاباً لمنفعة الانسانية. هذا يطلق عليه ابداع، اما نقيض المنفعة من الفعل المتفرد فهذه بدعة، وقد تفسد الخلق وتضل السلوك. الابداع الايجابي اذا جاز لنا ان نسميه تتجلي ابهي صوره في تخليق عوالم التفرد المبهجة والمفرحة في الفنون جميعها في سياقها المتجرد في اللحن والغناء والتشكيل في الطب والجراحة والاعلام والسياسة والقائمة تتطول، بيد ان ابداع السياسة هذا فهو عينه بيت القصيد. نسمع هذه الايام وبصفة مستمرة علي الفضائيات العربية ما يوصفون به الاسلاميون في الاقطار العربية التي اعتلوا فيها السلطة مؤخرا، وخاصة اسلاميو مصر بأنهم غير مبدعون، وان الحركات الاسلامية ومنذ تأسيسها لم تلد مبدعاً واحداً، او بالاحري هم مجموعات علي درجة واحدة من الامكانيات الاجتماعية والفكرية غير قادرة علي الحركة واستيعاب المتغيرات السياسية والاقتصادية المتمثلة في زيادة الانتاج وخلق الوظائف والانتعاش الاقتصادي بصفة عامة في ايجاد حل لبعض المشاكل الملحة التي يعبر عنها الشارع بعنف مكلف، وخاصة مشكلة البطالة في قطاع الشباب، وعلي الصعيد السياسي توسيع قاعدة المشاركة في الحكم وضم القوة الثورية التي اوقفت التاريخ وقطعت مساره وصنعت الربيع العربي واطاحت بحقبة الظلم، وانهم اي الاسلاميون منغلقون علي انفسهم، الرئيس فيهم يستلهم حكم البلاد عبر اشارات يستمدها من دائرة مركزية تسمي المرشد لصالح مكونه الايدولوجي غير عابه بمصالح البلاد الملحة الاخري في مخطط ما يعرف (اخونة الدولة ) هذا التحليل الوظيفي لجماعة الاخوان صحيح بغض النظر عن حيزها المكاني والزماني، ويطابق الوقائع وتشهد عليه الاحداث اليومية قبل انكاره حتي لو ارادوا ذلك. الا ان هذا التحليل او التوصيف جاء كقراءة شكلية اساسها المزايدات السياسية والمكاسب الشخصية لسد فراغ السلطة التي باتت في متناول كل طامح اكثر من اي وقت مضي، واهمال متعمد ومقصود في النظر للمضمون الايدولوجي والاطر الاجتماعية والفكرية التي تمثل النظام التأسيسي الدعوي والسياسي لهذه الجماعة في اقامة الدولة الاسلامية في نهاية المطاف. تعتبر مصر العربية مهد جماعة الاخوان، ومنها تكونت بقية الجماعات ولم يسبقها تكوين فكري آخر. فمنذ ستة عقود كاملة وهي تصارع وتقدم التضحيات في صبر ونكران ذات للوصول للسلطة كوسيلة مرحلية في حد ذاتها، لا كهدف ضمن وسائل اخري تحقق المراد الاسمي وهو اقامة الدولة الاسلامية، سواء في ارض الكنانة مصر او غيرها من البلدان الاخري، هذا المسار النضالي والتنظيمي الطويل الذي سارت عليه، جعلها أكثر نضوجاً علي الساحة السياسية ، والكل توقع لها ملء هذا الفراغ بعد الثورة التي تعتبر هي محركها وأحد عناصر نجاحها. ووجودها الآن في قمة السلطة بالصورة التي يراها الآخرون عليها ويصفونها بالا ابداع، هي في الحقيقة صورة مبدعة وليس العكس، ولكن قد يكون ابداع جماعي يسير وفق مخطط يتحوش علي كل ما يفترض ان يكون مؤثرا،ً ولا يترك منفذاً يعطل مسار المخطط. وعلي خلفية مشهد الانفراد السلطوي الذي افرزته صنايق الاقتراع لصالح الاخوان، ستظل محاولات التوصيف الخآطئة قائمة لايجاد مدخل لتفتيت هذا السياج المبدع. وبين(الاخونة) هنالك في ارض الكنانة والتمكين هنا في السودان، يدفع المواطن ثمناً غالياً في عيشه استقراره.. [email protected]