الطاهر بكري أحمد ٭ لم أكن أتصور أن يصل بي الحال إلى كتابة هذا العمود «القادم أسوأ» ولكن الإستقراء للأحداث من واقع المعطيات الموضوعية على الساحة السياسية السودانية يشير إلى العديد من السيناريوهات السياسية والإقتصادية وليس فيها ما يقنع بالأفضل أو يؤدي للإطمئنان. ٭ المؤشرات السياسية تتجه بوصلتها في أروقة الحزب الحاكم المؤتمر الوطني نحو إستمرار التمترس لانفاذ مواقفه وقناعاته حول المرحلة القادمة وهي مرحلة إعداد الدستور الدائم وقانون انتخابات جديد وشراكة مفترضة لانقاذ البلاد من واقعها الحالي ولكن علاقة المؤتمر الوطني مع الأحزاب المعارضة ظلت ولازالت علاقة تعالي وفرض شروط إذعان لإشراك هذه القوى السياسية في عملية إعداد الدستور وإن المسألة كما أرادها المؤتمر الوطني لم تتعد «عزومة مراكبية» للمشاركة مع أن هذه القوى السياسية هي التي تشكل الحِراك السياسي التاريخي في السودان. إن هذا الأسلوب من جانب المؤتمر الوطني في العمل السياسي مرفوض من الأحزاب المعارضة لأن المطلوب هذه المرة في أمر الدستور ليس عملية «سلق بيض» ولكن إعداد سليم بعيد عن المزايدات السياسية الحزبية ومن مجموعات الضغط السياسي والديني والجهوي والعرقي حتى نضمن دستوراً يعبر عن إرادة أغلبية أهل السودان وقواه الحية التي تعي ماهو المضمون الحقيقي للدستور كوثيقة أساسية تحدد المسار السياسي والإقتصادي والإجتماعي للوطن وكيفية ممارسة الحكم والسلطة بعيداً عن تعسف أية جهة أو فئة أو حزب إن ما وصل للسلطة وفقاً لآليات الدستور. ٭ المؤتمر الوطني لا يريد أن يدخل في مغامرة الصدفة والفرص والحسابات غير المضمونة ، ولكنه يريد أن يلعب على ورقة المصالح وأن لا يفرط في ماهو ممسك به من مفاصل السلطة والدولة من خلال أية متغيرات قد يفرزها دستور قومي توافقي يعبر عن آمال الشعب في وطن مستقر سياسياً واقتصادياً، هذا الواقع في المؤتمر الوطني هو الداء المتمكن في قناعات معظم قيادات المؤتمر الوطني وهو ما يجعلنا لا نتوقع خيراً في ظل هذا التمترس حول هذه القناعات التي لم تفد البلاد والعباد بشىء طيلة ربع قرن من الزمان. ٭ والحديث عن حزب المؤتمر الوطني لا يبريء ساحة احزاب المعارضة من ممارساتها غير المبدئية والتي جعلت من الحزب الحاكم ينظر إليها بإزدراء ويتعامل معها بهذه الصورة لأن من يهن يسهل الهوان عليه. ٭ المعارضة مطلوب منها تحديد رؤيتها ومواقفها حول قضايا الوطن بوضوح وصدق في إطار تحالفها الجمعي أو تفردها الحزبي وأن تحدد ماهو مطلوب من المؤتمر الوطني لإشراكها في الأعداد لوثيقة الدستور بداية من تكوين اللجنة القومية التي يجب أن تتوافر فيها شروط القومية والتخصص والنزاهة والعلمية والمعرفة والحيادية وأن لا يكون تصرف المعارضة عبارة عن ردود أفعال لتصريحات قيادات المؤتمر الوطني. ٭ على المعارضة أن تلعب دورها المسؤول لانها شريك أصيل في مستقبل هذا الوطن وهو ما يفرض عليها المبادرة وليس الإنتظار. ٭ إن المواقف الحالية لحزب المؤتمر الوطني واحزاب المعارضة من خلال هذه الممارسات التي نعيشها تجعلنا نعتقد أن القادم أسوأ ولكن نأمل أن نكون مخطئين في الإعتقاد.