[email protected] في أيام حقيبة الفن كان يمكن ترديد وغناء أكثر من نص شعري بلحن واحد، فقد كان ذلك متعارفاً عليه، فإن يردد فنان لحن لزميله بقصيدة جديدة كتبها له أحد الشعراء، فذلك أمر لم يكن يثير الدهشة، حينما كانت أغلب الألحان (دائرية) ولم تكن هناك نوتة موسيقية، وكان المطرب يعتمد على قوة صوته، إذ لم تكن هناك مكبرات للصوت، كما يعتمد أيضاً على كورس الشيالين الذين يرددون خلفه مقاطع من الأغنية. في إطار تلك الأدبيات والتقاليد الفنية التي تسمح بترديد أغاني الغير، ظهرت مجموعة من الفنانين اعتمدوا على تراث الحقيبة، وقد اشتهر كمال ترباس مثلاً في بداياته الفنية بترديد أغاني الفنان ابراهيم الكاشف، حتى أطلق عليه بعض النقاد لقب (فنان المراحيم)، لم يكن ترباس وحده الذي يردد أغاني الكاشف، بل كان هناك فناناً آخر وهو صديق سرحان اشتهر أيضاً بترديد أغاني الكاشف. كل (الفنانين) الذين ظهروا على الساحة الفنية كانت بداياتهم بترديد ألحان كبار الفنانين، وبعد أن يقوى عودهم تكون لهم ألحانهم الخاصة وشخصيتهم الفنية، فيعتمدون على أنفسهم في أغانيهم الخاصة بهم، فقد ردد وردي في بداياته الفنية ألحان ابراهيم عوض، كما ردد عبد العزيز المبارك أغاني حمد الريح والطيب عبدالله. الآن ظهر في الساحة الفنية شباب يرددون ويحتكرون أغاني آباءهم من الفنانين الذين انتقلوا إلى الدار الآخرة، فظهرت في الساحة الفنية مجموعة من المطربين الشباب يتكسبون بما تركه الآباء من تراث فني وأغاني خالدة، فباتوا يرددون أغاني هؤلاء الآباء، وقد لا يمتلك هؤلاء الشباب الموهبة الفنية أو الصوت الجميل الذي يبيح لهم ترديد أغاني الغير من الفنانين. مثل (أحمد المصطفى- عبدالعزيز محمد داؤد- سيد خليفة- محمد أحمد عوض- خضر بشير). وقد ظهر أخيراً جداً ابن الفنان حمد الريح وهو نسخة كربونية من والده (صورة وصوت)، وقد لحن الفنان الكبير حمد الريح أغنية خاصة لابنه تحمل لونيته، وعلى هذا الفنان الشاب الإبتعاد تماماً عن لونية ألحان والده حتى تنضج شخصيته الفنية الخاصة به والتي تحمل لونيته. لقد جاء قانون المصنفات الأدبية والفنية ليحفظ حقوق المبدعين من الشعراء والموسيقيين والمطربين، فليس من الإنصاف أن يكسب فنان شاب لا يملك ألحاناً خاصة به في حفلاته الخاصة بترديد أغاني المراحيم من الفنانين، فيكسب الألوف بينما تتضور أسرة هذا الفنان من الجوع ولا ينالها شيء من جهود والدهم وحقوقه المادية. المهم أن يستفيد أبناء الفنانين من تراث آبائهم الخالد حسب القانون، ولكن أن يردد هؤلاء ألحان آباؤهم ويحتكر بعضهم، فهذا أمر يحتاج إلى إعادة النظر، فهناك خضر بشير واحد ومهما حاول ابنه تقليده بحركاته أو بأغانيه فانه لن يطول 1/2 قامة خضر بشير. وأرجو ألا يكون الأمر في النهاية هو مجرد تكسب بألحان الغير من الفنانين المراحيم حتى ولو أدى ذلك إلى تشويه صورة أغانيهم الخالدة في وجدان الناس من أجل حفنة دولارات.