وانا علي مشارف الاربعين من العمر لا ذلت اتحسس في جسدي الذي ليس فيه موضع شبر إلا وبه اثر سوط له قصة طويلة لا ذلت اتذكر واحدة من تلكم القصص وانا اتحسس اثر السياط علي ذلكم الجسد الصغير والتي انهالت عليه من كل حدب وصوب اذكر حينها ان كل الكبار الذين اعرفهم انذاك تقاسموا جلدي بوحشية بكل ما تقع عليه العين من الاشياء الصالحة لإلحاق الأذى الذي يقترب من وصف الجسيم قليلاً من حبال وعصي خفيفة وخراطيش من كل الانواع وحصير وقنا اتذكر من الاسماء التي شاركت في تلك المأدبة حاج الصافي صاحب الدكان والذي كنت اظنه رجلا طيباً وعم النور الترزي وهو رجل غليظ الصوت لم اكن ارتاح اليه ولم تدهشني مشاركته في هذه الواقعة , حتى الرجل العجوز عم سليمان الساقى صاحب الكارو الذي كنت اتعطف عليه ببقايا الطعام الذي كانت ترسلني به جدتي لأطعمه وحاجة سكينة الفلاتية المشاطة وعم نورين شقيق والدي وأسماء اخرى سقطت من ذاكرتي وأشخاص عابري سبيل لم يفوتوا الفرصة في اخذ شرف المشاركة في تلكم المأدبة . دعوني الان اسوق لكم مبرراتهم الحقيرة التي ساقوها لضربي, فقط لأني تأملت من اعلى حائط منزلنا القصير فإذا برأس ادمي يعلو الحائط ويمشي دون ان يلامسه وكان يسير امامه رأس اخر لحيوان طويل معقوف الرقبة قصير الذنب يمشي امامه كالأبله وهو يصيح بكلمات ينادي من يشتري بضاعته من النبق والدوم والقونقوليس والمحريب والحرجل , خرجت مسرعاً لأستبين حقيقة الأمر ادحرج امامي اطار سيارة قديم فرأيت الرجل يتهادى اعلى حوائط الجميع يركب ما تبين لي بعد سنين انه الجمل. دحرجت الاطار مسرعاً خلف الجمل وبعشق الاكتشاف الطفولي دحرجت الاطار وتركته يمر بين ارجل البعير ففزع البعير وسقط الرجل من اعلى ذلكم الارتفاع الشاهق اخذاً مسافة زمنية ليست بالقصيرة للوصول الي الارض مغماً عليه لا يحرك ساكناً تجمهر الجميع حول الرجل صاح احدهم هل مات ؟ لا انه لازال يتنفس صاح اخر احضروا كلونيا وقال اخر احضروا بصلة وكان الجميع في شغل شاغل وانا احاول ايجاد العلاقة بين البصلة والكلونيا وانا اسأل نفسي لماذا سقط هذا الرجل ؟ لم تراودني فكرة الهرب الي مكان اخر اراغب ما الذي يمكن ان يصير للرجل لبث في الأرض ما شاء الله له ثم افاق سأله احدهم هل انت بخير؟ اجاب نعم وتبين للجميع انه لم يلاحظ ان البعير اجفل بسبب الاطار الذي دحرجته فأمسك بخطام بعيره يجره دون ان يركبه مرة ثانية وانا في حيرة من امري اتمنى ان يركب ثانية فقط لأعرف كيف سيصعد مرة اخرى على ظهر ذلكم الحيوان العتي فإذا بالقوم يهجمون علي ضرباً وتقريعاً فكانت مأدبة حقيقة بمعنى طلب التأديب حيث كان الناس في الشارع كلهم امك وأبوك كلهم يملكون حق التأديب دون حاجة للرجوع للسيد الوالد والغريب في الأمر ان السيد الوالد والذي لم يشارك في تلك المجزرة كان يبتسم راضياً بما يصنعون. تبين لي وانا اشاهد حال الأطفال في ازقة وحواري بلاد العجائب في هذه الايام ان الشارع قديماً كان مدرسة تعج بالمربين وكان الجميع يعرفون اباك وجدك الاول والثاني والثالث والرابع ويحفظون عن ظهر قلب كيف تم زواج والديك والأحداث التي صاحبت مراسم الزواج , لم تكن وظيفة الوالد حينها تزيد كثيراً عن مهمة انجابك بمشاركة السيدة الوالدة وإحضار الطعام والملبس ويقوم الشارع بمهمة التأديب والتربية وللأسف الشديد فقد اغلقت هذه المدرسة العملاقة والتي لا يرغب الان شخص في خدماتها وضاع ذلكم الدور الرائع بل اصبح كابوساً يؤرق الاباء والذين انا اليوم احدهم. لا تعلم حتى اسم ابن جارك حتى ولو رائته مع شخص غريب لا تدري علاقته, به تتوجس ريبة وخيفة اذا اخبرك ابنك ان شخصاً كبيراً رجلاً كان ام امرأة قد طلب التحدث اليه, من يربي من ؟ ومن يعلم من؟ لا تخلوا احتمالات الحوار بين الكبير والصغير غلي قارعة الطريق من انه ربما يود اختطافه وربما يود اغتصابه أو يريد منه المساعدة في مصيبة حالكة كقطعة من ليل بهيم. رحماك يا ربي بأطفال بلاد العجائب ونحن نقرأ في كل يوم ما يشعل الرأس شيباً عن اساليب وفنون الفتك ببراءة الاطفال . وحتى الذين يغلقون الأبواب بإحكام على فلذات الأكباد انما يقدمونهم لقمة سائغة لقنوات فضائية لا تخلو من الافكار الفاسدة والتي ابتلانا الله بها في بلاد العجائب من كل انحاء المعمورة والقائمون على امر التربية فينا يباركون استلاب الشرق والغرب لعقول الابناء حتى صار اولادي يتكلمون باللهجات الشامية والخليجية والتي لا اعتراض عليها لأنها عربية في نهاية الأمر ولكن قد لا تتناسب المواد التي تقدم لهم وموروثاتنا وعاداتنا وتقاليدنا اتصدقون ان ابنائي في يوم من الايام اصطفوا لاستقبالي وهم يرددون اغنية غريبة ( بابا يا بابا صار لك كرش) سألت حرمنا المصون ما هذا؟ قالت هي اغنية في طيور الجنة فقلت وما طيور الجنة هداكم الله ؟ قالت هي قناة فضائية شامية جلست معهم لأستمع وأشاهد مرت خمسة ساعات بالتمام والكمال وهم يرددون الاغاني اغنية تلو الاخرى والغريب في الامر لم تمر اغنية إلا والعيال يحفظونها عن ظهر قلب . غناء وطرب داخل البيوت وشوارع قذرة ووجوه وقحة وآباء هائمون على وجوههم في طلب الرزق وأمهات حائرات عاجزات عن فعل شئ وعن تغير الواقع وحكومة في شغل شاغل عن اطفال اليوم وجيل الغد. لكم الله يا اطفال بلاد العجائب ,,,,,,,,, (على غير العادة اطلب من الجميع ان يدلي كل منهم بدلوه في هذا الأمر الخطير ارجوكم فليكتب كل منكم ملاحظاته عن تربية الابناء وأرجوكم علموني كل جديد مستحدث ربما لم اسمع به من قبل وعن السلوكيات الغريبة واقتراحاتكم للطريقة المثلى لتربية الاطفال .) لكم ودي وحبي ,,,,,,,,,,,,,,,