يظل الشباب دوماً مرآة الأمة وصانع مجدها وحافظ عرينها وصوتها المذياع بين الأمم يبنى ويؤسس لمستقبلاً متسلحاً بالعلم والمعرفة والإدراك . إن الدولة التى تضع مشاريع الشباب فى سلم أولوياتها حتماً ستحقق طموحاتها وأمالها وأحلامها وتعتبر مرحلة الشباب رمزاَ للعطاء كله والبذل كله . أتيح هذه المساحة للإستاذ / محمد عيسى جقدول - من جامعة السودان وسأكون عند وعدى بأن تظل قضية الشباب وإبداعاتهم المتنوعة فى سلم إهتماماتى . وجادت السماء ليلتها ، وكانت رحيمة وعمت بوار الأرض التى إعتراها اليأس من قدوم المطر ، وإنهلت أشعة النور تملأ مساحات الزخم التى تلتها شرائع بلادى كهذيان الحادى ، وهو يهمهم لكثبان الرمل الممتدة على سياج الأحلام ، وإنسلّت من بين شفتيه ، وكأنها حائرة الى أيه وجهة تقصد ، وتململت فى جلستها وإلتفتت يمنة ويسرة ، ثم يمممت شطر السماء ترقب خسوف آخر نجمة ،وهى ترجف فرقاً من بيادر الفجر ، وتنهدت بشئ من صبغة الإستفهام ، ثم أسندت يدها على عصا الزمن ، وتحركت نحو الأمام ، ويشدها بصرها المحقون بدمعات الخوف ...و يشدها بقوة نحو البكاء ... !!! . تحلقوا حولها ، وهى تذوى نحو سرمدية الأبد ،كانوا جميعاً أشلاء أشباح تتراقص ظلالهم على ألسنة اللهب المتوجة على رؤوس الحطب ، وهى تئن ككهول أعياهم طول السفر فجاسوا نحو التراب يَنْشدون راحة أبديه ،كانت علامات الحيرة بادية على عيونهم الخاسفة . ذكريات الحرب وطآمتها ما زالت غُصة فى الحلوق تِجْرح تجرّع الماء ... تناثر الأشلاء ، وصراخ الإطفال المنبعث من جوف النار ، الأشلاء ، الجثث ، الصراح ، العويل ، أنين العجائز ، كلها صور متوالية وكأنها تعرض على شاشة عقولهم الكئيبة . تكوروا ثم إنكمشوا... ياسادتى ثم غابوا فى وهج الحياة وإبتلعتهم أصداء عبد الوهاب البياتى وهو يتكئ على أرصفة الشمس ، ويُردد من خلال أسّنة الضوء قلوب المتعبين ويتنهد عن أبيات جاءت كأنها محرقة تآكلت بعوامل التهميش والتزييف .... كذبوا أن السعادة ... لاتباع فالجرائد كتبت : أن السماء أمطرت فى ليلة الأمس ضفادع ياصديقى سرقوا منك السعادة كان العمر الوريق .. النضير ليلتها يزداد توهجاً وتأملاً ، والمدينة الحزينة غارقة فى إحتضار أمنياتها ، وتتصاعد أدخنة البؤس من أكواخها المهترئة ، و إيقاع الليل الرتيب يتمطى ببطء وهو يتناسل عن برد تيبست له شفاه الأطفال . ورغم عبوس السنين إلا أنهم مازالوا يحتفظون ببكارة الذكريات . وما زالوا يرتجفون على إيقاع العشق الممزوج بدهشة اللقاء الأول ، كانوا ككتلة من الظلام لولا عسف الحياة ، وهشيم العمر الذى راح يتهاوى ، وهو يبتسم فى وجوههم الصامتة ، أخذ أحدهم نفساً عميقاً من سجارته ، وقذف دخانها فى جوف الفضاء الساكن ، ولوح بيده ينفض عنه هواجس الوطن ،ثم غرق فى نشوة النار والدخان ، ومر ببصره على الأوجه التى حوله فرآهم بقايا حطام ، ثم إنزوى على هامش قلبه ، وركض فى مدى الظلام وغاب ... كانت تلك السنون التى مرت علينا أشبة ما تكون ،بحرب كونيه ثالثة لم تتمخض عنها إنبجاسات ، الدول العظمى . قصفت دورنا ، وشتت آمالنا وبيعت أحلامنا ،وقسمت أرضنا ، كان كل شئ يتصاعد فى تنازل ، ويهبط فى تصاعد ،كلام قيل وآخر جرت به الصبايا فى الأسواق والحوارى ، إنطفأ مسراج الأمة ، وبقينا مهزلة لمناكفة المُتعولمين،وجلسنا ذات ضحى نلوك أمجاد أمتنا العصماء من فجر التاريخ ، وإنتصاراتنا الكاسحة فى بدر ، وحنين ، واليرموك وتنهد الزمان يردد أصداء اليرموك ...!!! . أتعلمون ياسادتى كل الأشياء فى هذه الأيام تصطف فى طابور المعاناه ويتناسل البوساء من أرصفة عاصمة اللاءات ، لاشئ يستحق البكاء فما نراه وما تعودت عليه أنفسنا يغنى عن البكاء ...... إليك جلسنا أنا وهى عند بداية الغسق ، وكانت مشارف المدن المنسية الموغلة فى أعماق أعيننا الحالمة ، تبدو كإرهاصات العصور المظلمة ... نظرت إلىّ ثم إبتسمت ، ثم توارت خلف متاريس العشق الأبدى وقالت لى : يارجلاً يمنح الكون شرعية البقاء ، ويا نسراً فوق قلاع الأعداء ، أنى أغار عليك من بدر السماء .. ومن الحمى الصفراء ... ومن ذهب الصحراء .. ومن وباء السحاء ... فقلت لها : لاتخشى علىّ فأنا غزة الصمود والإباء . الى أن نلتقى .. يبقى الود بيننا [email protected]