[email protected] كلمات والحان بلاد العجائب تأبي في مسيرتها عبر التأريخ إلا ان تكشف الستر عن فساد الذوق العربي . العرب لا يستمعون لنا وهذه حقيقة لا يحسون بما نحسه من روعة وجمال رغم جودة الكلمات وسلامة الالحان كل هذا يجعلنا لا نشتط كثيراً حينما نطالب الباصقين نحو السماء ان يمسحوا وجوههم وان يخرسوا صوت الكلب الحقير عند مرور قافلة بلاد العجائب . حدثني صديقي السلفي الذي لا اشك في صدق توجهه نحو الله تعالي (اسأل الله له التثبيت) اسر الي انه لا يزال يفر من سماع ايقاع المردوم المولود الشرعي لغربنا الحبيب ويهرب من السقوط في براثن الاعجاب المفضي لازدواجية المشاعر وتصابي الاحاسيس والشاهد في ذكر الواقعة ليس الانزلاق في متاهات التحريم والتحليل ولا غوصاً في متون ابن كثير أو بحثاً بين مطويات ابن تيمية ولكن الشاهد قوة وتأثير الايقاع وجماله الاخاذ (كأجمل ما يحف النار من الشهوات) ذلك الجمال الذي جبلت البشرية على حبه . حدثوني هل من الاعراب من تغني بكلمات ارق وأعذب من قولنا تعالي معاي عشان نرسم خريطة جديدة للأيام يكون فيها الفرح شارع تبقي العاصمة الاحلام ونرفع لافتات الشوق نقدل ونمشي لا قدام يعيش نبض الهوى وتحيي عيونك لي خير وسلام انا البحلم وبتخيل مدينة جديدة للعشاق يكون فيها الامير قلبك وأكون انا حارس الاشواق وابني معاك قصور من ريد وتصدح بالغنا الاعماق ندون كل نسمة ريد نغازل في المدى الافاق ونرفع لافتات الشوق نقدل ونمشي لا قدام يعيش نبض الهوى وتحيي عيونك لي خير وسلام بالله عليكم سادتي هل يحتاج المتلقي لهذه الحروف الحاناً حتى يغمى عليه طرباً ؟ لله درك يا بلاد العجائب حين صدح خليلك في اربعينيات القرن الماضي . ماهو عارف قدمو المفارق يا محط امالي السلام من بروق الليل لاحلو بارق لم يزل يرتاد المشارق كان مع الاحباب نجمو شارق مالو والافلاك في الظلام يا بلادي كم فيك حاذق غير الاهك ما ام رازق من شعارو دخول المآزق يتفانى وشرفك تمام صدقوني يا اخوتي لن يطرب الاخوة العرب لهذه الكلمات ولا هذه الروعة حتى وان كان المطلوب ولوج الخياط في سم انف الجمل والأسباب ان الشرط في ان يطرب لك الاخرون هو ان يتناسب طول ما ترتديه النساء في ثقافتك عكسياً مع طول نهر النيل العظيم , وقليل من الشراب والنبيذ في شوارع الخرطوم حتي يأتي السياح من كل فج عميق يرددون (هابي نيو ايرز) بمناسبة العيد الوطني لبلاد العجائب. فليغني الحاج محمد حامد ادم وليكتب من داخل سجنه ما شاء فلن يعي روعته احد يشلع نور بسيمتو وده ينير الوجن ما يحلى دوام فريحو وده الما فيه ظن بتحكي حنين مغرد بلبل ساب عشيشو وراح ولهان يردد شوق الطير لريشو وشوق للنادي خدو وللبجرح رميش لجاهلاً بعذب صدو ويحلى طيشو وبذكريات الزمن الجميل نجتر طيف الذكريات حينما كان لذوق الاعراب جفن يطرف ومكان للجمال حينما سمع عباس محمود العقاد قول عبقري بلاد العجائب ادريس محمد جماع انت السماء بدت لنا واستعصمت بالبعد عنا وقف حينها اجلالاً وتكرمة لقائل هذا البيت وأضاف ان عبقرية قائله تبدت في انه كان سباقاً لكل شعراء العرب الذين لم يخطر ببالهم يوماً ان الوفرة لا تفضي دائماً الي النوال . لن اختزل جمال بلاد العجائب في كلمات الشعراء وأراجيزهم وسكرات المغنين ونزوات العشاق وسأترك لك عزيزي القارئ حق ان تستلهم جمال بلاد العجائب من روعة الإنسان وسماحة النفس وطيب المعشر والتسامي فوق الصغائر , لن اسلب الصوفية حق الابحار في سفينة الجمال وربانها الشيخ عبدالرحيم البرعي ولا السلفيين حق ان يطربوا على ايقاع العالم الجليل محمد سيد حاج فهو للأمانة اجل وأعظم من حروف يدلقها في مدحه مدادي ولا كلمات ترفرف في رحاب تلكم الروح الطاهرة التي ندعوا الله لها ان تكون في جنات النعيم ولن نسلبهم حق الغوص في اعماق الهمة الفتية التي تدفقت علماً وروعة وفكراً وادباً خلدت ذكراها في وجدان بلاد العجائب الى ان يرث الله الأرض ومن عليها. كما انني لن يجول بخاطري قطع الطريق علي المتبتلين طرباً في منتصف المسافة بين هؤلاء وهؤلاء في محراب الوسطية مع الرائع عصام احمد البشير يلتقطون ثماراً تساقطت من عباءته المترعة بالجمال . وللأماكن في مساحات الجمال حكاية اقسم بالله العظيم لو علم العالمون حلاوة النظر في الشمس لحظة الميلاد تطل بين جبال التاكا وتوتيل وتذوقوا حلاوة المياه العذبة التي تشق صخور جبل مرة واستطعموا ثمار القنديلة من باسقات الشمال وودعوا رعاة كردفان بعيد صلاة الصبح واستنشقوا رائحة القنانة المشوبة برائحة البن وما تبقى من روائح المودة والرحمة الليلية في قلب الجزيرة لما ترددوا في التأكيد على قول احدهم ( اعطني خمراً ونساءً اعطك سياحة)