هي إمرأة وحيدة ولها بقرة وحيدة تركها لها زوجها الذي وافاه الأجل المحتوم إلى رحمة الله تركهما وهم كبار السن كل من كلثوم وبقرتها حيث هو ايضاً قد توفى بعد بلوغه سن الكبر رحمة الله عليه وبقت كلثوم هي وبقرتها يعيشان وحيدتان قائمات بين الدار البسيطة التي أيضاً تركها لها وأعني الحاجة كلثوم وبقرتها الباقية في مزرعة صغيرة بالقرية التي يقيمان فيها وهي أي المزرعة تحتوي على بعضاً من مزروعات الخضروات إضافة إلى القليل من العلف الذي لا يتعدى بالغالب إعاشة البقرة الوحيدة أما تلك الخضروات المحدودة أيضاً فكانت الحاجة تشملها برعايتها من زراعة وري وحصاد عند نموئها فتعرضها علي بعض سكان القرية لتحصيل على القليل من النقود التي توفر اليها ما تحتاجه من لوازم إعاشتها الحياتية إستمرت حاجة كلثوم علي هذا المنوال الى فترة من الزمن حيث كانت تحصل على بعضاً من الإعانات والمساعدة من جيرانها المزارعين ومع مرور الأيام والزمن أراد الله جل شأنه أن تحبل البقر ة وتخلف عجلة أنثى ثم تتقدم المزرعة الصغيرة في الإزدهار لتأتي بزياد ة في منتجاتها ثم تكبر العجلة لتحبل هي الأخرى لتخلف عجلاً ذكر لتقوم الحاجة ببيعه وتستثمر ما تحصل عليه من نقود في تنشيط وتنمية زراعتها في تلك المساحة الصغيرة التي إزدهرت وأينعت لتعود بالمزيد من إنتاجياتها في مجالات تخصصها الزراعي ومن ناحية أخرى فقد أضافت كلثوم الى سعيتها بعضاً من بهائم الأنعام وشيئاً من الدواجن وكل من ذلك فقد نمى وأزدهر وهكذا عم الخير عليها تلك الخيرات التي حباها الله بها وعزمها وجهدها الصاب في تنمية وإستثمار مدخراتها الزراعية والحيوانية وهكذا أصبحت حامدة لله نعمته عليها تلك النعمة التي آلت على نفسها أن لا تصبح محتكرة عليها وهي الوحيدة أمامها ولم تضن بها على الناس الفقراء والمساكين من بعض الذين حولها الذين يحتاجون للمساعدة ومد يد العون لهم حيث أخذت علي نفسها عهداً بمساعدتهم من كل ما تملك من خضروات والبان ودواجن بأقل قيمة لمن يقتدر عليها وبدون مقابل لمن لا يملك شيئاً وهكذا سار الحال حال الحاجة كلثوم والزمن يمر والأيام تمضي والكبر يتقدم معها وهي الكبيرة اصلاً منذ بدايات وتركها وحيدة لتمضي وتواصل المشوار مشوار ما تتيحه لها الأيام في معترك الحياة فلم تكل أو تمل من مواصلة العمل والجهد الذي أوصلها لذلك الذي ذكرت لم تقل أنني كبرت فترنو للخلود والراحة والإتكال على آلآخرين أعطوها أو أبو لقد إعتمدت على الله ومقدرها ونجحت في أداء إعاشتها ومساعدة غيرها حيث وصلت الى ما هدفت اليه قلت أن الزمن يمر والأيام تمضي وسنوات العمر تدنو والأعمار بيد الله سبحانه وتعالى وقد أحست بذلك حاجة كثلوم وهي تقيم في تلك القرية السودانية الطيبة كطيبة أهلها احست الحاجة بذلك وكان لابد لها من أن تعمل له حساب فقامت من فورها بالإتصال بجيرانها في القرية وأبلغتهم بأن الكبر قد أخذ يتضاعف عليها حيث لا مفر منه كما يقول المثل «الموت كان خلاك فإن الكبر جاك» إجتمعت بجيرانها وأخبرتهم بذلك وإيمانها بأن الموت القادم فإنه واصل لا محالة ثم قالت لهم تعلمون أن ليس لي أبناء أو اهل أقرباء سواكم فأنتم أهلي بالحياة ووارثني بعد الممات الذي إتخيله قد دنى ومن هنا يجب على إبلاغهم وطلبي منكم بشأن مستحقاتي التي سأتركها أمانة في أيديكم للتعرف فيها وعليه فإن مطلوبي منكم أن يتم توزيع هذا القليل الذي أمتلكه على الناس الفقراء والمساكين من أهل هذه القرية الطيبون والتي أنجبت الطيبين أمثالكم هي هذه طيبة القرية السودانية التي عرفت بها أن توزع اليهم كل ممتملكاتي ومستحقاتي عليهم بالعدل والتساوي بين من يحتاجونها قالت ذلك وصعدت روحها الطاهر ة الى بارئها رحمة الله عليها ونحن إذ نذكر هنا قضيتها النضالية الجهادية التي عاشتها بعد أن تركت وحيدة لتؤكد أنها المرأة السودانية الريفية إنها قصة أم كلثوم .